وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته جزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين
ـــــــــ
قال تعالى: [ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ] [فاطر:45].
يقول ربنا جل جلاله:
" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ "
الإنسان في هذا الكون مصدر السوء والذنب والعصيان والمخالفة، فلو عجل الله عقابه ومؤاخذته وعجل حسابه
" مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ " الكناية على شيء غير مذكور وإنما سياق الكلام يدل عليه، أي: على الأرض، فالإنسان هو الذي على الأرض
فلو أن الله جل جلاله شاء أن يؤاخذ الناس بذنوبهم ومعاصيهم ومخالفاتهم، من شرك المشرك ومعصية المؤمن لما ترك على ظهرها دابة
أي: بسبب كسب الناس من ذنوب ومعاص وآثام لم يترك على ظهر الأرض دابة.
والدابة: ما يدب على وجه الأرض، فهي تشمل الإنسان وغير الإنسان، والكلام على الإنسان، وإذا أردنا أن نفهم العموم فالأمر واحد
ولو أراد الله هلاك الناس لأفاض عليهم البحار والمياه كما أفاضها على قوم نوح أو كما أفاضها على فرعون وهامان وقومهما
ولو أراد الله هلاك الناس لأمسك القطر فما نزل مطر ولا غيث
فماتت الدواب والأنعام والمواشي، ومات كل حي على وجه الأرض، ولكن الله تعالى رحمة منه ترك لذلك أجلاً مسمى .
قال تعالى :
" وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى "
الأجل المسمى إما إلى يوم القيامة أو إلى أجل مسمى في الدنيا، فقد تكون العقوبة في الدنيا إلا أنها تكون خاصة
وقد تكون عامة في شعب أو أمة، كأن يذلهم بعد عز، أو يسلط أذل خلقه عليهم فيستعمرهم بعد استقلال وسيادة
أو يصيبهم بالجوع والقحط وشح المطر، أو يصيبهم بأنواع من الأمراض والأوبئة.
قوله:
" فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا "
لم يقل ربنا إذا جاء الأجل كان بعباده معذباً أو منتقماً، مع أنه لو شاء لعاقب المؤمن والكافر، فالمؤمن يعذب لبعض ذنوبه والكافر لشركه
ولكن كل ذلك أوقفه إلى أجل مسمى، فإذا جاء الأجل، ولم يقل إذا جاء الأجل أهلكهم وقضى عليهم
لأنه يعلم ويبصر أن بين هؤلاء موحد، وبينهم المشرك غير الموحد
" فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا "
قال تعالى: " وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا "
فهو ينظر إلى عمل عباده، فمن كان مؤمناً ومات على الإيمان غفر له، ولربما يكون من السابقين ولم يدخل النار قط
وإن كان من المسرفين فقد يغفر الله له دون حساب ولا عقاب رحمة منه، وقد يحاسبه، ومع ذلك يعذب من شاء الله له أن يعذب
ومآله إلى الجنة، ولن يخلد مؤمن في جهنم أبداً، فجهنم هي في الأصل دار المشركين الكافرين، والجنة محرمة عليهم، والجنة هي في الأصل دار الموحدين
فمن دخلها من أول يوم فهي داره التي تنتظره، ومن تأخر عنها من عصاة المسلمين فمآله إليها لا محيد عنها، فالله قد جعلها الدار الثانية الدائمة ذات النعيم المقيم لكل من مات على التوحيد
ـــــــــ
المصدر : http://audio.islamweb.net/audio/inde...audioid=216388
فـــي آمــان الله
رد مع اقتباس


المفضلات