وسطَ الزحامِ

[أَصِيلُ الحَكَايَا]

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته،،

وسْط الزّحام ، صخبٌ صامت ، أفواهٌ خرْسى ، وحشدٌ خاوي ، همُ تماثيل وإن ضجوا حراكًا ، همُ موتى وإن عبأ الهواء ضبابية أنفاسهم ، هم لا شيئ له وإن كانوا أِياء وأشياء ، ففي الروح حداد ، وفي القلب والجوارح صمتٌ وليد يحترم العزاءٌ ، والثوب الأسود ، وشائجُ ليلٍ تدثر الجسد المبتل وهْنًا لا تزال !

كلّ حكاياهم تفاصيل مركومة في زاوية الإهمال ، رؤية معتمة من خلف المقلتين ، صغائر ليست تعني شذرة من معنى ، تحت مطره يباب ، ليس من دليل يثبت نهم الأرض خلا رعدة بللٍ تغشاه ، مؤلمٌ هو فكرٌ مسهد ،ولبٌّ مشغول ، وقلبٌ يصطلي جرحًا وسط حشدٌ لا يبالي !

يموتُ من رهقِ التفكير
يموتُ من حساباتٍ وهمية لا طائل منها
لا تنتهي،
فيه يعرفُ نفسه.. ويخسرها، أو يعرفها ولا يتذكرها..
ذاكرةٌ خالية.. من المفرادتِ الثقيلة،
ذاكرةُ معطوبةٌ من البيانات المفيدة،
وذاكرةٌ أكل عليها الزمن وشربَ مخدراً ونام،
وذاكرةٌ
تفكر بكل صغيرة ولا كبيرة.. فهو
غارقٌ وسطَ الزحامِ، البعيد عن حشد البشر، النمل، القطط، الشجر، السيارات..

سلامٌ على جناحه الكسير ،سلامٌ على وجعه وأنينه الدفين ، سلامٌ على جرحه فإنّ له من فوقه بارئٌ رحيم عليم منّانٌ كريم ، له أن يرفع رأسًا ودعـآء ، ويهرق بين كفيْ الرجاء شكوى ، وبثُّ لاعج الروحِ ،،

أي أخيةً ، طمأنكِ الله بكل خيرٍ وأبرد حرّ حناياكِ وأقرّ بما تحبين عينيْكِ ، اللهم آمين ،،

ذويتُ هنا أنا وحرفي ، حططنا الرّحال، نقتات شيئًا من بضاعة ترحنا ،ألا بوركَ فيكِ وفي شذيَ حضوركِ أختاه ،دمتِ وعين الرحمن تحرسكِ من كل سوء ووقاكِ كلّ حزَن : ) ~