الله - عز وجل - يقول:
{ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }
أمرهن بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لماذا خص الصلاة والزكاة؟ يمكن أن يقال -والله - تعالى -أعلم-:
إن الصلاة هي رأس العبادات البدنية، والزكاة هي رأس العبادات المالية، ويمكن أن يقال: إن سعادة العبد دائرة بين أمرين: الأول: حسن الصلة بالله - عز وجل - والثاني: الإحسان إلى الخلق، ورأس الصلة بالله، وحسن الصلة بالله هو الصلاة، ورأس الصلة بالخلق والإحسان إلى الخلق هو الزكاة، أن يحسن الإنسان إليهم بماله.
(وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ): انظر كيف عبر الله - عز وجل - كما هي العادة في القرآن-:
( وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ)، ما قال: (وأدين الصلاة)، وهذا فيه جواب كبير لسؤال يطرح دائماً، ولربما نسمع إجابات بعيدة، لربما نسمع من يقول: بأن الصلوات كالدواء إذا أخذت في أوقاتها أدت الثمرة ولو بعد حين.
سبحان الله وبحمده ،، سبحان الله العظيم
نقول: لا حاجة لهذا الكلام؛ الله قال: ( وَأَقِمْنَ)، والحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، الحكم في قول لله - عز وجل -: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [(45) سورة العنكبوت]، أي: لأن الصلاة تنهى؛ لأن (إنَّ) تدل على التعليل، أقم الصلاة؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، الحكم أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، والوصف إقام الصلاة، والحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، معنى هذا الكلام أنه على قدر أداء الصلاة -على قدر إقامة الصلاة- يكون تأثيرها في نفس المصلي، هذا هو الجواب، والله - تعالى -أعلم.
سبحان الله وبحمده ،، سبحان الله العظيم
هنا الله - عز وجل - قال: ( وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ) [(33) سورة الأحزاب]:
فإذا أقامت المرأة الصلاة ما الذي يحصل؟ صار بقاؤها في بيتها خيراً لها؛ لأن إقامة الصلاة تنهاها عن الفحشاء والمنكر، فلا تدخل في حال أو تلابس أمراً لا يليق، لا تمتد يدها إلى الهاتف فتحادث محادثة محرمة، لا تخضع بالقول في الرد على الهاتف، لا تستخدم هذه الشبكة استخداماً غير لائق، لا تغتاب أحداً في بيتها، لا تكذب، لا تخون زوجها، لا تفعل شيئاً يشينها مما حرمه الله - عز وجل - عليها، كل ذلك يحصل إن تحقق إقامة الصلاة.
سبحان الله وبحمده ،، سبحان الله العظيم
( وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ): (وَآتِينَ الزَّكَاةَ): هذا فيه وعد، وفيه بشرى لهن في ذلك الوقت؛ لأنهن فقيرات آنذاك يطالبن بزيادة النفقة، فأي زكاة تؤدى؟! فهذا يدل على أن الله سيوسع عليهن حتى يخرجن الزكاة.ثم بعدما خص إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهي من طاعة الله ورسوله، عمم بالأمر بطاعة الله ورسوله فقال:
![]()
( وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [(33) سورة الأحزاب]:
بالقرار في البيت، بالحشمة، بحفظ حدود الله - عز وجل - بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحفظ شرائع الإسلام، كل هذا داخل في طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم علل تلك التوجيهات فقال: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [(33) سورة الأحزاب]:
كل ذلك، كل هذه التوجيهات، حصرها بهذه العلة، والحصر بـ(إنما) يعد من أقوى صيغ الحصر، ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ):
والرجس: هو كل قذر ودنس وأذى من القذر المعنوي والقذر الحسي، كل دنس أراد الله - عز وجل - أن ينزه بيت نبيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، كل ما يدنس الفضيلة، كل ما يدنس الشرف، كل ما يدنس الدين، كل ما يدنس الأخلاق أراد الله أن يذهبه عن أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرفع البيوت.
سبحان الله وبحمده ،، سبحان الله العظيم
فمن أراد أن يعرف الحصانة التي يمكن أن تحصن بها المجتمعات الإسلامية، من أراد أن يعرف السياج الحقيقي المتين الذي يمكن أن تحفظ به المرأة المسلمة والأسرة المسلمة، فهو فيما ذكر الله - عز وجل - وهو اللطيف الخبير- يكون بذلك، بقرار النساء في البيوت، واشتغالهن بطاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا احتاجت إلى خروج أو إلى محادثة للرجال، فإن ذلك يكون على قدر الحاجة، بأقصر عبارة، وبأحسن أداء مما لا يعيبها ولا يقدح في حيائها وحشمتها وعرضها وشرفها.





المفضلات