[ عُقُولٌ لمَ تَعُدْ تَعَْمَل! ]
في البداية أود ذكر تَقْسيمٍ بسيطٍ للموضوع, بغْيةَ استدعاء معلومات القارئ, لكي أبني ما أريد قوله على أسسٍ متينة, و لتصل الفكْرَة بشكل أوضح.
فبسم الله نبْدَأ ..
[ العَقْلُ و العِلْمُ ]
إنَّ الإسلام, الدين العظيم حرص منذ البداية على إعمال العقل عند النظر للأمور؛ ذلكَ أن العقل هو أداة الإنسان التي تفرد بها عن غيره, لاستعمالها في أمور شتَّى,
و ما يهمُّني هنا هو ما يتعلق بالدين, فالله -سبحانه و تعالى- أرشد الناس لاستعمال عقولهم للدلالة على وجوده سبحانه.
يرتبط العقل بالعلم, فالعقل طريق للعلم, و ذلكَ بيَّنٌ واضح.
و قد اهتم الإسلام بالعلماء, و خصوصا علماء الدين, فهم ورثَة الأنبياء, رفع من قدرهم, و حثَّ على احترامهم و توقيرهم, و أمر اللهُ سبحانه العلماءَ -من جهة أخرى- بتبليغ علمهم كافة دون نقصان أو تدليس أو زيادة.
[ العُصُورُ الإسْلَامِيَّةُ ]
كانَ العلماء المسْلمون, حريصون أشدَّ الحرص على التبْليغ الكَامِل لمَا بيْن أبدِيهم من العلم, و على التَّحرِّي و التَّمحِيص قبْل اعتمّاد أي شيء, و يتضِّح هذا من أئمَّة الحديث الذين وثَّقوه, و نقلوه ببالغ الحرص, خشيةَ إضافة أو حذف أمر ما من الدين.
و كانوا في فتاواهم, يستندون على أصول الدين وقواعده, دون تحريف أو اتَّباعٍ لهوى نفْس.
[ نُقْطَةُ تَحَوُّلٍ ]
و استمروا على نهجهم, إلى أن شاء الله أن يتغير بعضهم و لا حول و لا قوة إلا بالله, و يتأثُّر بالعواصف المجلجة المفتعَلَة من قبل الغرب -لعنهم الله- حيث أنهم - أي الغرب - درسوا واقعَ العالم الإسلامي طوال السنين الماضية, و ذلك راجِعُ لرغبتهم الملحَّة لاختراق العالم الإسلامي, الذي فشلوا في اختراقه عسكريَّا.
وجد الغرب فرصة واحدة لاختراقه, و ذلك بإزالة كافة ألوان الاستعمار العسكري الفاشل, و استبدالها بنوعٍ من الاستعمار جديد, ألا و هو الاستعمار عن بعد!
كيف ذلك؟!
بكذبة الانتدابات. و الوصايات, و المعاهدات, و المواثيق, و ما هي إلا أنهار تصب في بحر الاستعمار!!
تُمَكِّن هذه الطريقة المستعمرين من اختزال الجهود, و الرجال, و الأموال الطائلة التي يستنزفها الاستعمار العسكري.
و لا أريد الإسهاب في هذا الباب, و إنما أردت فقط تبيين السبب الذي أدى لتأثر العلماء, و سيتضح ذلك أكثر من سياق الموضوع.
[ الاسْتِعْمَارُ عَنْ بُعْدٍ ]
استشرى هذا النوع من الاستعمار في كافة بلدان العالم الإسلامي, و أصبحت بريطانيا الوصي على هذه الدول, بل و ساعدت في تثبيت عروش البعْض, و لمراقبة هؤلاء الحكَّام, و لمنع أي حركة و لشلِّ جهودهم الفردية, غرست وتَدًا, وتدٌ من حديد !!
وتد قسم العالم الإسلامي إلى قسمين, شرقي و غربي, في قلب العالم الإسلامي, يتمَثَّل بإسرائيل!
هذا الوتد, تكمن مهمته -كما ذكرت- الإطلالة على العالم العربي الإسلامي, و مراقبة تحركاته, أي أنه يؤدي وظيفة بريطانيا و الغرب, و لكن في المنطقة نفسها!
[ رُدُودُ الأَفْعَالِ ]
إنَّ الوتدَ المغروس, أي إسرائيل (أو الكيان الصهيوني, كما أحب أن أسميها, لكون إسرائيل تعني عبد الله, و إسرائيل الحالية أبعد ما يكون عن ذلك!) قوبل بالرفض في البداية, و جيِّشَت الجيوش لمحاربته, من قبل قادة و حكام دول العالم الإسلامي كافة, و لكن مالبث ذلك أن زال بسبب مرور الزمن, و لزوال الأقوياء من القادة, رحمهم الله.
إذ أصبح الوتد فزَّاعة في وجه كل من تسول له نفسه الجهاد, و تخليص الأرض المغتصبة!
[ العُلَمَاء ]
من المعلوم للجميع أن من واجب العلماء, إيضاح الواجب على الناس إزاء قضية فلسطين, و لكن وللأسف, و لاشتداد الحروب على المسلمين و كثرتها, و لكثرة "حلفاء" المسلمين الكفرة, الذين ما فتئوا يضغطون على حكام البلدان المسلمة, بأن لا تحرك ساكنا سوى إلقاء خطبٍ عقيمة, و حوارات سقيمة, و قراراتٍ بلا قيمة!!
و هذا كان نصَّ أوامر الكفرة "لحلفائهم" المسلمين!! أن يقولوا ما لا يفعلوا, و من فعل فالويل له!
و استمرأ "بعض" العلمَاء الذل, و ركنوا إلى الدنيا, و أوكلوا الأمور إلى الله دونما أي فعل للأسباب!
و وقف البعض وقفة حازمة حيال الأمر -قضية فلسطين و الحروب التي بعدها, أفغانستان, الشيشان...- و رأوا تخليص الأراضي المغتصبة بالفعل لا بالقول, و لكن و بالطبع, لم تقبل القوى العظمى بفعلهم, و لم تعجبهم فتاواهم, فاستبدلوهم بغيرهم, أو سجنوهم, أو سفَّهوهم, و من ثم حصلت الطامة الكبرى, لتبرير موقفهم, فقد غيروا في
أحكام الدين و بدلوا, ليتناسب و قول "الحلفاء المحارِبين" الذين يحاربون إخواننا المسلمين في كل مكان !!
و ها نحن الآن نرى, أن أي قتالٍ بين مسلم و كافر فتنة, و أن الأمور لا زالت غير واضحة, و أن الجهاد ليس هذا وقتُه!!!!!
تبَّا لكم!
أتريدون إضاعة البلدان الإسلامية, كما ضاعت العراق, و قبلها فلسطين؟!
إن قتال الكفرة أو الجهاد, باقٍ إلى يوم القيامة, ولا عزة للأمة إلا به.
و للعلماء المضلِّين, الغير جاهلين, الغير ضالين, الذين يعلمون خطأ ما قاموا به أقول:
أتشترون بدين الله ثمنا قليلا؟
لقد أمِّنتم على ديننا, فأنتم ورثة الأنبياء, و فعلكم هذا ليس من أخلاق العلماء في شيء!! فهو تحريف و تبديل لدين الله تعالى, و لأحكامه..
و ستلاقون جزاءكم كما أضللتم الناس, و كما سُفِكَت دماء كان بالمقدور حقْنها بقتال الكفرة..
و أختم بشرح للعنوان فأقول:
يا من سلَّمتم عقولكم للعلماء, و نبذتم كتاب الله وراء ظهوركم, و رأيتم التعارض بين أقوال بعض علماء العصر بخصوص قتال الكفرة, و بين القرآن الكريم,
ستضيعون إن كان تسليمكم لعقولكم للعلماء دائما!!
فالعصر عصر التمحيص, و التثبت, حيث دخل على الإسلام ما ليس منه, بسبب " التحالف " مع كفرة لا يرقبون في مؤمن إلًّا و لا ذمة!
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
المفضلات