بطل قصتنا هذه المرة , متفائل جدًا .. طموح ..
أكثر ما يميّزه أنّه كان شديد الإيمان بالحياة , وجدوى الحياة ..
كان يؤمن أنّ هنالك مغزى وراء كل شيء, وفائدة وراء كل موقف صغير.
ولسبب لا يعرفه كان الناس من حوله يحبّونه لدرجة كبيرة , حتى من يجلس معهم لمرة واحدة!
كان أصدقاءه يحتاجونه دائمًا , فهو مستشار في بعض الأحيان , ومهرج ومؤنس لهم أحيانًا أخرى!
وإن حدثت قضية جديدة , كان هو المصدر لأصدقائه من أقرانه .. فهم يعلمون أنه يعلم كل شيء ويقرأ عن أي شيء ..
كان ببساطة , يفعل كل ما يمكن أن يجعل صديقًا ما يأنس لصحبته .
ولو طلبتَ منه أن يعطيك وقته فهو لن يتردّد في أيّ ساعة من اليوم, إلا أنه أحيانًا ولطبيعة البشر يصبح غاضبًا ...
خصوصًا عندما تصله اتصالات في وقت متأخر من الليل من صديق يشعر بالملل!
فمن المعتاد بالنسبة له , أن تكون الرسائل التي تصله طلبات الأصدقاء .
وأن تكون الاتصالات, للترفيه عن أصحابها..
كان بطريقة ما , رغم كونه محبوب جدًا , منسيّ جدًا .
كان لا يشتكي لأحد مهما كان الأمر , وهذا ما جعل ضعفه يبدأ تدريجيًا ..
بدأ الكبت ينخر قلبه !
وبدل أن يخبر أحدًا من أصدقائه , كان يستمع بدوره لما يختلج صدورهم!
لقد كان دائمًا .. قريبًا جدًا , بعيدًا جدًا .. ربما شعر أصدقاءه بأنّه شخص ليس من الجيد إزالة الحدود بينهم وبينه .
لأنّه . . ربما لو أزيلت كل الحدود لعرفوا , أنّه حطام !
ولعرفوا , أنّ ضحكاته بكاء , ونكته سخرية من حياة آلمته!
ولعرفوا , أنه يعرف الحلّ دائمًا .. لأنّه وضع خلال حياته في مواقف كثيرة – ربما أكبر من عمره ..
..
فجأة , انقلبت حياة بطلنا رأسًا على عقب!
وانهارت كل الأسوار التي بناها في حياته أمام قلبه !
وتهدّمت كل قوّته وآماله , وفقد حتّى قدرته على التمثيل ..
أصبح يبكي عندما يحتاج للبكاء , ويشتكي عندما يحتاج للشكوى!
تغيّر , هو نفسه لا يدري لماذا ؟ ربما لأنه من البشر في نهاية الأمر , ولأن البشر لديهم طاقات محدودة ..
ربّما , أدرك أخيرًا .. أنّه لا أحد إطلاقًا يحبّه لما هو عليه .
ربما أدرك , أنّ البعض يستمتع بصحبته لأن لديه ما يثير الاهتمام , وأن الصغار يحبونه لأنه يسليهم , والكبار لأنه يضحكهم ويثير عجبهم!
ولكن هو ( المجرّد منه ) , كان جزء غير مرئيّ تمامًا .
كل ما كان يبدو عليه , هو ما اعتقد أنّه من المفترض عليه فعله , وليس لأنه صحيح أو شيء من هذا القبيل .
فكّر كثيرًا كيف ينهي كلّ شيء؟
لم تكن هنالك طريقة يُصلح بها ما انكسر منه , أجزاؤه ضائعة , وروحه تائهة .
عزَل نفسه عن كل شيء .
وقرّر إنهاء حياته !
رآه أخوه وهو في حالة مزرية , ومنعه من قتل نفسه !
صاح في وجهه : "هل تريد منّي العيش لأجلك؟ لم تعد لي أيّ رغبة في الحياة!"
ردّ عليه أخوه بصوت هادئ: "بل أريدك أن تعيش لأجلك , لأنك لا تودّ إيذاء نفسك .. أعرفك!"
..
أصبح أخوه في الأيام التالية أقرب إليه كثيرًا , وكان لديه أيضًا صديق يهتمّ لأمره بحقّ .
فقرّر توديعه , لكن حدس الصديق أخبره أن ثمّة خطب ما يحصل لصديقه ولماذا هذا الوداع مجهول الأسباب!
وبعد أن أصرّ عليه أن يخبره, بانهيار قال كل شيء .
كان رد صديقه بأن أخبره أنّ الأمر محض أنانية منه !
وأنّه ليس سوى هروب من المشاكل .. ليس حلاً .
بالمناسبة , هل كانت لدى بطلنا مشاكل؟
ربما على الأرجح كانت لديه مشاكل عقليّة ونفسيّة , عقليّة من التفكير الزائد حدّ الوسوسة , ونفسيّة لشدّة كبته وادّعائه لقوة لم تكن يومًا موجودة!
وكانت تساند كل هذه المشاكل , ظروف صغيرة تلمّ به بين حين وآخر
لقد أخطأ , لأنّه وضع الآخرين دائمًا أولاً , والناس يضعونك حيث تضع نفسك .. إن وضعت نفسك أمامهم أو وراءهم!
بالغ في كل شيء , وضخّم كل التفاصيل الصغيرة لمجرّات واسعة !
استلقى على فراشه ونام لأيّام !
..
اخترقت أشعة الشمس نافذة غرفته مع بداية يومٍ جديد , استيقظ بتكاسل ..
شعر فجأة , أن عقله نظيف .. وقلبه جديد , بعد أن توضأ وصلّى ..
وقرّر أن يعيش .
- النهاية -
هذه هي القصّة الأخيرة لي هنا في مسومس , تعمدت الأحداث الدرامية لتكون مناسبة كقصة وداعية لول !
أحبّ إخباركم أنّي ممتنة جدًا لكم يا أصدقاء , لكل لحظة جميلة قضيتها هنا , ولكل صديق ملأ حياتي جمالًا عرفته بينكم .
وآسفة , لكلّ من أخطأت بحقه يومًا .
حتى وإن كان الناس في الواقع قد تغيروا , والأعضاء قد تبدّلوا .
المهم أن هذه المكان كنت فيه يومًا , وأحب ترك شيء أخير <3
المفضلات