إن الأمر مرعبٌ يا رفيقتي !
إنهم يقعون في الخطأ واحداً واحداً
وفي النهاية تصيرين أنتِ غريبةً كونك لم تُخطئي
وتعتقدين أن عدم وقوعك في الخطأ أصبح هو الخطأ الجديد !
أتعلمين ؟
الأمر كأن تجتمعي مع بعض أصدقائك بأحد القتلة المحترفين في غرفة واحدة !
ويقترب منهم ليقتلهم واحداً واحداً ..
ثم ينظر إليك بشراسة ..
وعيناه تكادان تنطقان بأنَّكِ القادمة ..
أجل .. تجدين نفسك محصورة بين خيارين لا غير .،
أما أن تطلقي ساقيكِ للرياح مبتعدةً عن كابوسٍ مرعب !
أو أن تتركي الموقف يستولي علي جميع خلاياكِ مما قد يصيبك بالشلل المؤقت !
وتراقبي هذا السفاح ببرود ونصل خنجره يمتد لعنقك
تستشعرين برودته التي تجعلك تتخدرين قليلاً !
ثم يبدأ في قطع شرايين عنقك بمنتهي الاستمتاع ..
وأنتِ تتأملين الدم الساقط علي الأرض بلا مبالاة .. غير واعيةٍ أنه دمكِ أنتِ !
وشيئاً فشيئا تشعريين بالدوار ..
ترتجف جميع أطرافك .. و ...
تصعد الروح إلي بارئها ,
أرأيتِ؟ مرعبٌ بشدة .!
كانت مشكلتها الوحيدة أنها تفكر كثيراً !
تفكر في كل شيء حدث معها
في كل شيء تخطط لحدوثه
في كل شيء قد يحدث .. وقد لا يحدث !
تفكر في اللحظات الأخيرة !
كيف ستكون ؟!
تتخيل الحوار
تُري هل ستبكي يومها؟؟
هل سيبكي أحد لرحيلها ؟!
ما زالت تفكر !
..
تفكر في الكلمات التي ستقولها قبل الرحيل
ربما ستتمتم بـ " لا تنسوني ، أحببتكم جداً ، وداعاً "
أو شيء من هذا القبيل
لكنا تعلم أنها لن تنطق !
ستتكلم دموعها .. وهذا يكفي جداً !
...
ماذا عن ما بعد الرحيل ؟!
ماذا ستفعل حينها ؟
كيف ستعيش؟
هل ستستطيع التأقلم ؟
ماذا إن لم تستطع ؟
لماذا لا يوجد باب خلفي للهروب؟
...
تفكر كثيراً ..
تُري ..
إن قابلتهم صدفةً بعد بضع سنين
هل ســيتذكرونها ؟
هل سيجلسون في جلسة دافئة ,
يتذكرون مشاغباتهم أيام المدرسة ؟!
هل ستستطيع أن تخبرهم أخيراً كم تحبهم ؟
كم اشتاقت إليهم في غيابهم ؟
هل ستفعل ؟
قلبها يؤكد هذا وبشدة ..
أو لنقل .. يتمناه !
ولكن جزءاً في أعمق أعماق عقلها
يجعلها متأكدة أنها سيلقون عليها نظرة عابرة
تلتقي عيونهم كـ كل المارة ..
ستبصر حينها جفاءً وبرودةً لم تعهدهم من قبل ..
لن تري نفسها في عيونهم ..
لن تبصر شوقاً أو حنيناً ..
لا دفء لا أمان .. لا شيء مطلقاً ..
وكـ "كل المارة"
سيواصلون طريقهم
بينما ستنحني هي ..
تلملم بقايا قلبها المكسور ..
وترحل ..
...
تخاف أن يحدث هذا !
وتفكر ! أنها ستنكسر حقاً حينها !
...
كانت مشكلتها أنها تفكر كثيراً !
كثيراً بدرجة تعلم أنها ستقتلها ..
يوماً ما ~
أنا المغلوب علي أمري ,
أنا اللي كلامي كله سكات ,
أنا اللي دموعي عايشة معايا , شيء عادي !
أنا اللي الفرح بالنسبة لي شيء ماضي ,
وزي الماضي عدي ومات ,
أنا اللي يوم ما جت الفرحة وسابتني ,
نويت الانتحار ثمَّ , قريت الفاتحة علي روحي ,
10 مرات !
وِوسع البحر كان قبري ,
وقفت ساعتها علي قبري ,
ورميت الورد ,
وقبل ما أموت , خيال صاحي في عقلي فات , ووَقَّفنِي ,
وفي الآخر , وقفت علي الشطوط وجبنت ,
أنا اللي نويت الانتحار ثمَّ , رجعت لعقلي واستغفرت ,
وصليت ركعتين ثمَّ , قريت الوِرد ,
ورغم ده كله وجعي زاد !
أنا الضي اللي كان ساكن عيون الحلم ,
وبين ليلة ونهارها أنا صَبَحت رماد ,
أنا الغايب عن أحبابي ,
وكل منايا بس إني
أشوفهم مرَّة قبل أمَّا ,
يقولوا مات .
تعالي نكبر معاً صديقتي,
دعينا نتشارك الكثير من الذكريات,
ومن الدموع , والضحكات ..
سنَكبُرُ معاً ,
سينظر إلينا الناس ثمَّ يهزون رأسهم قائلين إنه لم يُفرقنا شيءٌ من قبل ,
سنتشاجر كثيراً ,
ألومك لأنَّكِ لم تتصلي بي عند عودتي من السفر ,
وتخاصمينني عندما أنسي سهواً عيد ميلادك ,
نفتعل شجاراً ضخماً
ونعود بعدها وكأن شيئاً لم يكن ! وإن سألنا أحدٌ عن خصامنا سنضحك ضحكة عالية ونرد بحُبُور : " احنا مابنتخانقش أصلاً , هو الإخوات بيتخانقوا ؟"
فيتمتمون بـ " عيال مجنونة" ويمضون في طريقهم ,
دعينا نُجنَُ معاً !
نُغلِق الغرفة وندخل في حالة من الصراخ والرقص والغناء ثمَّ نتمدد علي السرير ونحن نضحك بهستيرية !
في يوم ميلادي , فاجئيني بأسورة الصداقة التي صنعتها بيديك ! وأنا سأكتبُ لكِ قصيدةً ما لأنني لا أجيد الحِياكَة !
دعينا نتحدث كثيراً ! سيقولون عنَّا بأننا إثباتٌ حي لمقولة أنَّ النساء ثرثارات ! وسنواصل نحن حديثناً ,
سأقف بجانبك في لحظات انكسارك , وسأنتظر منكِ أن تفعلي المثل , وأنا أعلم علمَ اليقين بأنَّكِ لن تخذليني !
سنلملم بقايا أرواحنا , التي تهشمت من ويلات الزمن , سنُّغلفها برباط صداقتنا الوثيق , وسنقسم أننا لن نسمح للزمن بأن يكسِرَنا مرَّة أخري ,
سنَحلُم معاً ,
نعَم , يوماً ما سأخبرك بأحلامي , وستخبرينني بأحلامك ,
نضحك كثيراً ! , تسخر كل واحدة من حُلم الأخرى, ثم تسخر من حلمها !
سنتعاهد علي تحقيقها معاً , أنا واثقة من أننا سنحققها , ولكن ليس الآن, وليس هنا , وحتماً ليس معاً ,
تَمُرَُ بِنا السنين ,
وتمضي كل واحدة في سبيل تحقيق أحلامها ,
لن نترافق كأيام الصِبا , ولكن ستظل أرواحنا مُترافقة ,
تدريجياً , سيقل تواصلنا , وتلهينا الحياة ,
أتصل بِكِ بالشهر مرتين فقط ,
ونتقابل مرَّة واحدة في السنة ,
ستمر أعوامٌ لن أراكِ فيها ,
أشتاق إليكِ , وتفعلين المثل , واثقة أنَّكِ ستفعلين !
أتصل بِكِ ذاتَ صَبَاح لأُخبِرَكِ أنني سأسافر للخارج ,
وأنني أنتظر منكِ أن ترافقيني إلي المطار ,
سنتعانق طويلاً ,
أشعُرُ بغصة في حلقي ,
وأري الدموع تتجمع في عينيك ,
سأطلب منك حينها ألا تبكي كي لا أنفجر في البكاء ,
أتعلمين , لمَ أرَ أمي يوماً تبكي في صِغَري إلا مرً واحدةً بعد الصلاة ! وحين سألتها عن السبب تمتمت بأنَّها كانت تدعو الله, وبكت أثناء دعائها ,
دعينا نفعل مثلها !نتعاهد علي ألا تهطل دموعنا إلا عندما ترافقا الدعوات !
فتمسحين دمعةً أبَت إلَّا الهطول وتتمتمين ضاحكة "آهو هربتي من البلد اللي بتشل دي زي مانتي عايزة "
نتعانق مرَّة أخري وندخل في عاصفةٍ من البكاء وأسمعكِِ تقولين " هتوحشيني , والله هتوحشيني ! خلِّي بالك من نفسك , ربنا يحرسك "
و"أهرب" من البلد , وفي الطائرة , سأنسي كل عهودنا عن عدم البُكاء , وأُمسك تلك الأسورة التي صنعتها لي يوماً , وأنفجر باكية بنشيج مكتوم , كطفلة فقدت دميتها للتو .
ستنقطع اتصالاتنا, أتذكر أنه كانت لي صديقة طفولة وفية ! وتقرئين القصيدة التي كتبتها لكِ يوماً بعينين تفيضان حنيناً ,
تدريجياً ,
سنكتشف أنه في حياتنا المزدحمة ما عادت واحدةٌ منَّا تجد وقتاً للأخرى ,
سنتبادل الدعوات , لكن دون أن ترافقها دموعنا ,
سنبتعد , ونبتعد , ونبتعد ,
وكناضجتين , سنفترق دونما أي ضجيج ..
دون مشاجرات , دون أي شي ,
كأن هناكَ اتفاقاً بيننا ,
سنفترق ,
لكن لن ننسي يوماً أن صداقة عاصفةً جمعتنا يوماً ,
سنتساءل لوهلة لماذا تفرقنا ؟ ثمَّ ننشغل بأمرٍ أهم ,
لِذا , دعينا نكبر معاً صديقتي , كأي طفلتين صغيرتين ,
وكـ ناضجتين , دعينا نفترق
تخيل أنَّك تعيش علي هامش هذا الزحام ,
مُتجرداً
من أحلامك الوردية
متجرداً
من نظرتك الدونية للحياة ,
متجرداً
من سئمك الدائم من كل شيء , ومن الـ لا شيء
متجرداً
من أثواب الطفولة الحمقاء ,
متجرداً
من رغبتك في التغيير المستمر ,
متجرداً
من كل شيء , إلا ما قد يسترك ,
تخيل أنك تعيش علي هامش هذا الزحام
لا تجد مجالاً للملل ,
أنت فقط تقاتل من أجل لقمة العيش
أيامك متشابهة ,
ولكنك لا تملك حق التذمر
تمسك كتاباً قد سقط من أحدهم
ولحسن حظك لم يلحظه
تُقلِّب الصفحات ,
تمر الصفحة الأولي
الثانية
الرابعة
العاشرة
وتغلق الكتاب في سأم
ُيذكرك بتشابه أيامك
لا تجد فيه شيئاً ممتعا
كلا
ليس لأنه ممل
لكنك لا تملك وقتاً للتفكر
أنتَ حتماً لن تحظَى بهذه الرفاهية ,
ككل من حولك ,
تخيل أنك تعيش علي هامش هذا الزحام
طفلة ترقص فرحاً بلعبة جديدة
وأحدهم يربت علي سيارته الحمراء في فخر
تعجز عن وصف مشاعرهم
يخبرونك أنها شيءٌ يُدعي السعادة
فتهز رأسك في أسي
وتمضي في طريقك
تخيل أنك تعيش علي هامش هذا الزحام
حيث لا وقت للتفكير في كيفية الحصول علي تلك الرفاهية المسماة "سعادة"
أو التساؤل إن كانت موجودة بالأصل ,
لأن هدفك الأسمى , وسط كل هذا الضجيج
أن تحاول أن تجعل الحياة
مـمـكنة .
لأن الكل يتغير ,
لأن روحي بفضلهم قد تغيرت ,
ولأنني حين أنظر في المرآة لا أري سوي روحٍ مُشوَّهة , مثقلة , بخيباتٍ لم يكن لها فيها ذنب ,
لأن الشمس تغرب كل يوم , تاركة إياي أغرق في ظلمةٍ لا تنتهي ,
ولأن القمر بات يَبخل عليَّ ببصيص من ضوءٍ قد يؤنس وحشتي ,
فأنا لم أعد أبالي ,
صديقتي التي سبق أن عاهدتني علي ألَّا يفارقنا سوي المَوْت ..
قَطَعت كل ما قد يربطها بي ما إن رحَلْتُ مُرغمة ,
وإني لأكاد أراها بعين الخيال , تُمزق كل ما قد تشاركناه يوماً ,
ضحكنا عليه سوياً , وتنثر رماده , ثم ترحل , ككل شيءٍ جميل في حياتي .
لست ألومها , ليس عليها أن تتعلق بأذيالِ صداقةٍ تعلم بأنها لن تطول ,
ولا أن تمسك رسالتي الأخيرة , وتغرقها بدموعها !
ليس عليها أن تفعل , ولكني لست واثقة من إني أستطيع ألَّا أفعل أيضاً ,
بحقِّ الله صديقتي , لو أن أحداً ما أخبرنا بما سنؤول إليه اليوم ,
أما كنا لننفجر ضحكاً ؟ حتي البكاء ؟ .
الكل يتغير , قلت ذلك مسبقاً ,
حتي أنا أفعل ,
ربما روحي المتشحة بالسواد , هي الأخري تغيرت , ولست ألومها إن صعدت إلي بارئها قريباً ,
ولكن أن يكون تلقي الطعنات من أحبِّتك أمراً اعتيادياً صار مؤلما , مؤلماً حدَّ الموت .
بحق الله صديقتي , أما كنا لنضحك حتي البكاء ؟
# حوار مع النفس !
-تظنين أنَّكِ وحيدة ؟!
أوه هذا رائع !
كلا .، لا تتوقعي مني أي مواساة
أعتقد أنني مثلك تماماً علي أية حال !أوه أرجوكِ ! توقفي عن سرد تاريخك المؤلم وحكاياتٍ عن فشلك الذريع في تكوين الصداقات .، ثمَّ تختمين بسبِّ النَّاسٍ جميعا لأنهم يرفضون مصادقتك ولا يقدرون قيمتك !!بالله عليكِ ! هل كل البشر لا يفهمون ؟؟ لمَ لا يكون الخطأ - ولو لمرة - من عندك !؟
لمَ لا تعترفين أن طريقتك في التعامل قد تجعل الكثير ينفرون من حولك !؟كلا .، لست أقول أنّ البشر كلهم جيدون !
فأغلبهم حمقي حقيقةً !
ولكن حين يبتعد كل من أحببتِ عنكِ فهذا إن دل علي شيء فسيدل علي أن الخطأ فيكِ أنتِ !!
و .. أيضاً .
لماذا تنظرين للأمر بصورة سلبية ؟
ربما لديكِ الكثير من المميزات التي تجعل تواجدهم حولكِ أمراً غير ضروري
أنتِ فقط لا تنظرين إليها !
أتعلمين يقول الفيلسوف فريدر... " سحقاً إنني حتي لا أتذكر ما اسمه !
المهم أنه يقول :"الأرواح العظيمة تعاني في صمت" أو شيء من هذا القبيل !
ما الذي قد يجعلها تعاني في صمت إلا أنه لا يوجد أحد حولها؟؟
لماذا لا تعتبرين نفسك إذاً من هؤلاء العظماء ؟!ماذا؟ ما زلتِ غير مقتنعة ؟!
لا أظن أن النقاش مع أمثالكِ سيجدي علي أية حال !
ولا تتوقعي أن أقول لكِ بابتسامة لطيفة : لمَ لا نكون أصدقاء؟ ولن تصبحي وحيدةً بعدها !
كلا يا فتاتي لستُ من هذا النوع من الأغبياء !
حاولي أن تغيري نفسك أولاً ثم تحدثي عن هذا الموضوع !
تسألين لمَ غضبت لهذا الدرجة؟
لا تهتمي مطلقاً عزيزتي !
كل ما في الأمر أنَّكِ حمقاء !
وأنا لا أحب النقاش مع الحمقي !


رد مع اقتباس

المفضلات