علامات الساعة الصغري

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 12 من 12

مشاهدة المواضيع

  1. #2

    الصورة الرمزية محمد دياب

    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المـشـــاركــات
    44
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: علامات الساعة الصغري

    المطلب الأول: بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
    أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعثته علامة من علامات الساعة ودليل على قرب قيامها، حيث إنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده.
    وقد دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة الواردة عنه عليه الصلاة والسلام.
    منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين - يعني أصبعين -» . .
    ومنها حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى» . .
    ومنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين، كفضل أحدهما على الأخرى "، وضم السبابة والوسطى» . .
    فهذه الأحاديث وغيرها مما هو في معناها تدل على أن بعثته صلى الله عليه وسلم أول أشراط الساعة، فهو خاتم النبيين وآخر المرسلين ولا نبي بعده، وإنما يليه قيام الساعة، كما يلي في الأصابع السبابة الوسطى، كما ورد هذا التشبيه في الأحاديث الماضية.
    قال القرطبي - رحمه الله - وهو يتحدث عن أشراط الساعة أولها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نبي آخر الزمان وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبي . .
    وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين» فقرن بين السبابة والوسطى، بقرب زمانه من الساعة كقرب السبابة من الوسطى، وبأن زمن بعثته تعقبه الساعة من غير تخلل نبي آخر بينه وبين الساعة كما قال في الحديث الصحيح: «أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب. . .» . .
    فالحاشر الذي يحشر الناس يوم القيامة على قدمه، يعني أن بعثهم وحشرهم يكون عقب رسالته، فهو مبعوث بالرسالة وعقيبه يجمع الناس لحشرهم، والعاقب الذي جاء عقيب الأنبياء كلهم وليس بعده نبي، فكان إرساله صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة
    ..
    -------------------------------------------------------------

    المطلب الثاني: انشقاق القمر
    قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ - وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1 - 2] . .
    قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره عند هذه الآية {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] " قد كان هذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات " . .
    وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى -: وقد جعل الله انشقاق القمر من علامات اقتراب الساعة كما قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] وكان انشقاقه بمكة قبل الهجرة . .
    وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن القمر انشق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، منها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اشهدوا» . .
    ومنها حديث أنس رضي الله عنه: «أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر»
    قال القاضي عياض . - رحمه الله -: " انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها. قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين لمخالفي الملة، وذلك لما أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيه؛ لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره " . .
    وقال الحافظ ابن حجر: " وقد أنكر جمهور الفلاسفة . انشقاق القمر متمسكين بأن الآيات العلوية لا يتهيأ فيها الانخراق والالتئام، وكذا قالوا في فتح أبواب السماء ليلة الإسراء، إلى غير ذلك من إنكارهم ما يكون يوم القيامة من تكوير الشمس وغير ذلك، وجواب هؤلاء: إن كانوا كفارا، أن يناظروا أولا على ثبوت دين الإسلام، ثم يشركوا مع غيرهم ممن أنكر ذلك من المعلمين، ومتى سلم المسلم بعض ذلك دون بعض ألزم التناقض، ولا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن من الانخراق والالتئام في القيامة، فيستلزم جواز وقوع ذلك معجزة لنبي الله صلى الله عليه وسلم "
    ********************************


    المطلب الثالث: نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى لها
    وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أن من علامات الساعة خروج نار من أرض الحجاز تضيء منها أعناق الإبل ببصرى . .
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» . .
    قال النووي - رحمه الله -: " خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت نارا عظيمة جدا، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة " . .
    وقال ابن كثير - رحمه الله -: وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة . .
    - وكان شيخ المحدثين في زمانه وأستاذ المؤرخين في أوانه - " في سنة أربع وخمسين وستمائة في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة ظهرت نار بأرض المدينة النبوية في بعض تلك الأودية طول أربعة فراسخ، وعرض أربعة أميال،تسيل الصخر حتى يبقى مثل الآنك، ثم يصير كالفحم الأسود، وان ضوءها كان الناس يسيرون عليه بالليل إلى تيماء . وأنها استمرت شهرا، وقد ضبط ذلك أهل المدينة وعملوا فيها أشعارا " . .
    وهذه النار غير النار التي تخرج في آخر الزمان وتحشر الناس وتبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في ذكر الأشراط الكبرى، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - " والذي ظهر لي أن النار المذكورة في الحديث هي التي ظهرت في نواحي المدينة، كما فهمه القرطبي وغيره، وأما النار التي تحشر الناس، فنار أخرى " . .
    وقال البرزنجي: بعد ذكره لهذه النار: " وهذه النار غير النار التي تخرج آخر الزمان تحشر الناس إلى محشرهم، تبيت معهم وتقيل " .

    *******************************
    المطلب الرابع: الفتن
    الفتن بكسر الفاء وفتح التاء جمع فتنة، قال ابن فارس . الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على الابتلاء والاختبار . .
    وقال الأزهري . جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك " فتنت الفضة والذهب " أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيد، ومن هذا قول الله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] . أي يحرقون بالنار . .
    وقد وردت كلمة الفتنة في القرآن الكريم بمعنى الابتلاء والامتحان، ومن ذلك قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ - وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3] . .
    " ومعنى: (وهم لا يفتنون) أي وهم لا يبتلون، ومعنى (فتنا) أي اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم ممن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم، وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك "
    وعرف الجرجاني . الفتنة بقوله: " الفتنة ما يتبين به ما للإنسان من الخير والشر، يقال: فتنت الذهب بالنار إذا أحرقته بها لتعلم أنه خالص أو مشوب، ومنه الفتان وهو الحجر الذي يجرب به الذهب والفضة " . .
    وأما الفتن التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وأن أمته سوف تبتلى بالكثير منها، وأنها ترسل عليها إرسال القطر فهي من قبيل الاختبار والامتحان؛ ليتبين حال الإنسان فيها من الخير والشر وتعلقه بها، كما يوجد فيها بعض المعاني الأخرى المذكورة عند أهل اللغة من القتل والاختلاف والعذاب وتغير الأحوال والأزمنة.
    قال الحافظ ابن حجر: " وأصل الفتنة الامتحان والاختبار، واستعملت في الشرع في اختبار كشف ما يكره، ويقال فتنت الذهب إذا اختبرته بالنار لتنظر جودته، وفي الغفلة عن المطلوب كقوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] . وتستعمل في الإكراه على الرجوع عن الدين كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10] . واستعملت أيضا في الضلال والإثم والكفر والعذاب، ويعرف المراد حيثما ورد بالسياق والقرائن" . .
    وقد دلت نصوص كثيرة صحيحة على أن من علامات الساعة كثرة الهرج، وهو القتل واللغط وظهور الفتن وانتشارها ونزولها في البلاد وكبر بلائها وهولها، حتى يمسي المرء المسلم من شدة وقعها كافرا، ويصبح مؤمنا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا، وتجيء الفتنة تلو الأخرى فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتظهر أخرى، فيقول هذه هذه إلى أن يشاء الله، فلا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، وكلما طال الزمان بأهله وبعد بهم كانت الفتن أشد ومصائبها أعظم، كما شهدت بذلك نصوص الشرع، ودلت عليه الحوادث والوقائع، فعن الزبير بن عدي قال: «أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقي من الحجاج فقال: " اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم» . .
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» . .
    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل . ومنا من هو في جشره . إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق . بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. . .» الحديث . . وقد أرشد صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى ما يعصمهم من هذه الفتن والشرور والآثام فأمرهم بالتعوذ بالله منها وبالابتعاد عنها مع المبادرة بالأعمال الصالحة والإيمان الصحيح بالله واليوم الآخر ولزوم جماعة المسلمين.
    ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» . .
    وعن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ ، قال: " نعم "، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن "، قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر "، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها "، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: " هم من جلدتنا ويتكلمون بسنتنا "، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم "، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» . . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي يطول حصرها وسردها في هذا المكان، وكلها دالة على هذا الأمر العظيم الذي نبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذر أمته من عاقبته، وأرشدهم إلى ما يعصمهم من هذه الشرور والآثام بالتعوذ منها والابتعاد عنها مع صحة الإيمان بالله تعالى واتباع أمره ونهيه ولزوم جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة، وإن كانوا في ضعف وقلة عدد
    .
    ********************************

    المطلب الخامس: خروج الدجالين والكذابين أدعياء النبوة

    من أمارات الساعة وأشراطها خروج الدجالين الكذابين، الذين يدعون النبوة ويثيرون الفتنة بأباطيلهم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عدد هؤلاء قريب من ثلاثين فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله» . .
    وقد تحققت ووقعت هذه الآية، والعلامة من علامات الساعة، فخرج كثير من أدعياء النبوة قديما وحديثا، ولا يستبعد أن يظهر دجالون آخرون إلى أن يظهر الدجال الأعور الكذاب - نعوذ بالله من فتنته - فقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: «إنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الكذاب» . .
    وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» . .
    " وقد ظهر من هؤلاء عدد كبير في الماضي، فادعى النبوة في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الأسود العنسي في اليمن حيث كانت ردته أول ردة في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد تحرك بمن معه من المقاتلين واستولى على جميع أجزاء اليمن، وبعد أن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حدث، بعث برسالة إلى المسلمين هناك يحثهم فيها على الوقوف في وجهه ومقاتلته، فاستجابوا لذلك وقتلوه في منزله بمعاونة زوجته التي تزوجها قسرا بعد أن قتل زوجها، وقد كانت مؤمنة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبمقتله ظهر الإسلام وأهله، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتى إليه الخبر في ليلته من السماء فأخبر أصحابه، وقد دامت فترة ملك هذا الكذاب من حين ظهوره إلى أن قتل ثلاثة أشهر، وقيل أربعة أشهر " . .
    ومنهم طليحة بن خويلد الأسدي الذي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني أسد سنة 9 هـ وأسلموا ورجعوا إلى بلادهم وقد تنبأ طليحة هذا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فوجه إليه ضرار بن الأزور عاملا على بني أسد وأمرهم بالقيام على من ارتد، فضعف أمر طليحة حتى لم يبق إلا أخذه فضربه بالسيف، فلم يصنع فيه شيئا، فظهر بين الناس أن السيف لا يعمل فيه، فكثر جمعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، ولما قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بأمر الخلافة، أرسل إليه جيشا بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه فالتقى الجيشان، فهزم جيش طليحة ففر بعدها مع زوجته إلى الشام، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، ولحق بجيش المسلمين وأبلى في الجهاد في سبيل الله بلاء حسنا واستشهد بنهاوند رضي الله عنه . .
    ومنهم مسيلمة الكذاب، الذي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام التاسع الهجري مع جماعة من بني حنيفة، وبعد عودة الوفد إلى اليمامة، ارتد عدو الله وتنبأ وقال: إني قد أشركت في الأمر معه - أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان يزعم أن الوحي يأتيه في الظلام، وقد أرسل له أبو بكر الصديق جيشا بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، وعكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنه فاستقبلهم مسيلمة بجيش كان قوامه أربعين ألف مقاتل ودارت بينهم معارك حاسمة كانت الدائرة فيها على مسيلمة وجيشه، وقتل مسيلمة بيد وحشي بن حرب رضي الله عنه وانتصر الحق وارتفعت راية التوحيد. .
    ومنهم سجاح بنت الحارث التغلبية، كانت من نصارى العرب، وقد ادعت النبوة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم فالتف حولها أناس كثير من قومها ومن غيرهم وغزت بهم القبائل المجاورة حتى وصلت إلى بني تميم، فاصطلحوا معها، وسارت حتى وصلت اليمامة والتقت بمسيلمة وصدقته وتزوجها، ولما قتل مسيلمة رجعت إلى بلادها وأقامت في قومها بني تغلب، ثم أسلمت وحسن إسلامها، ثم انتقلت بعد ذلك إلى البصرة وماتت بها . .
    وأما في عصر التابعين وما بعده فظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي، الذي تظاهر بالتشيع أولا فالتف حوله جماعة كثيرة من الشيعة . وكان يقول بإمامة محمد بن الحنفية، وكان يدعو الناس إليه، وزعم أن جبريل عليه السلام ينزل عليه، وقد استولى على الكوفة ونواحيها وقتل كل من كان بالكوفة من الذين قاتلوا الحسين بن علي بكربلاء، وقد دارت بينه وبين مصعب بن الزبير عدة معارك كانت الدائرة فيها عليه والغلبة لمصعب، فقتل المختار، وفرح المسلمون بذلك . .
    ومنهم الحارث بن سعيد الكذاب الذي أظهر التعبد والتنسك في دمشق ثم زعم أنه نبي، ولما علم أن الخبر وصل إلى الخليفة عبد الملك بن مروان اختفى وجهل الناس خبره، فاستطاع رجل من أهل البصرة أن يعرف مكانه وتظاهر له بالتصديق فأمر الحارث ألا يحجب منه هذا الرجل متى ما أراد الدخول عليه، فاتصل هذا الرجل بعبد الملك وأخبره الخبر، فسير معه جنودا من العجم وتم القبض عليه وجيء به إلى عبد الملك، فأمر عبد الملك رجالا من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويعلموه أن هذا من الشيطان، فأبى أن يقبل منهم، فصلبه عبد الملك بعد ذلك . .
    وفي العصر الحديث قبل أكثر من قرن ظهر بالهند رجل يدعى ميرزا غلام أحمد القادياني - لعنة الله عليه - ادعى النبوة، وكان يزعم أنه يتلقى الوحي من السماء، كما زعم أن الله عز وجل أخبره بأنه سيعيش ثمانين سنة، وقد صار له أتباع وأعوان فانبرى له كثير من العلماء وردوا عليه وبينوا أنه دجال من الدجالين، وكان منهم العالم الكبير ثناء الله الأمر تسري الذي كان من أشد العلماء عليه حتى إنه في عام 1326 هـ تحدى القادياني الشيخ ثناء الله هذا، بأن الكاذب المفتري من الرجلين سيموت، ودعا الله أن يقبض المبطل في حياة صاحبه ويسلط عليه داء مثل الهيضة والطاعون يكون فيه حتفه، وبعد ثلاثة عشر شهرا وعشرة أيام تقريبا أصيب القادياني بدعوته. وقد ذكر أبو زوجته نهايته بقوله: ولما اشتد مرضه أيقظني فذهبت إلى حضرته ورأيت ما يعانيه من الألم فخاطبني قائلا: أصبت بالكوليرا ثم لم ينطق بعد هذا بكلمة صريحة حتى مات . .
    وهكذا سيستمر خروج هؤلاء الكذابين الدجالين واحدا بعد الآخر، حتى تستوفي عدتهم التي أخبرنا الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكون آخرهم المسيح الدجال الذي يخرج في آخر الزمان - نعوذ بالله من فتنته - وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام للقضاء عليه وعلى فتنته، كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في أشراط الساعة الكبرى.

    ***************
    تــــــــــــــابـــــــع.............

    التعديل الأخير تم بواسطة عُبيدة ; 20-8-2013 الساعة 11:13 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...