هل تستند على الجدار أم هو الذي يستند عليها ؟
لايهم ..من منهما يستمد ثباته من الآخر ..
لم تعد تشعر بالجدار خلفها ولا المسافة التي تفصلها عمن أمامها
كل ماتحس به دائرة باردة على جبينها
تلسعها برودة الحديد لسعة لايملكها أبرد صقيع
تلاشت المسافات إلى الصفر ..
إنه الآن مستقر على جبينها وبإحكام لامفر من خلف أو أمام .
تلاشت المسافات إلى الصفر
لكن الفروق زادت ﻷبعد حد ..
تلاشت المسافات إلى الصفر لكن ذهنها المحاصر ﻷضيق حد يسرح بعيدا ..
يقارن ويحلل و ويقيس المسافات بطريقته الخاصة..
يبدأ مقارنته من قريب .. قريب
مسدس أسود يستقر على جبينها الوضاء لطالما أضاء جبينها كلما أفتر ثغرها المشرق بابتسامة هل يعقل أن ينتهي مسودا بالبارود اﻷسود "
البارود .. لسعة البرودة التي تحسها..لا يمكن إنها تحمل النقيض اللهيب المحرق أشغلتها الرصاصة التي ستخترق رأسها هل ستكون باردة كهذه الظواهر ؟ أم ستكون حرارتها كحقيقتها نار الفراق ؟ أم هي برودة الراحة من دنيا تجمع بينها وبين أمثال هذا القاتل ؟
الفراق .. الوداع ..الموت
عرق بارد غزير غمرها لهذه المعاني
بارد ! رغم حرارة الموقف ..
لا تملك تسخينه ليناسبه
لا لا ..بل إنه هكذا يناسب موقف المتناقضات
ثوب القاتل اﻷبيض وعباءتها السوداء
إرتجاف أطرافه من فرط الغضب.. وثبات قدميها رغم الضعف
حرارة الحقد في نظرة عينيه وبرودة الاستسلام في موقفها
فكرت للحظة ينبغي أن يكتمل تناقض المشهد لتكمله على كل حال فسينتهي بها اﻷمر للموت بهذا أو ذاك
فلتثر على السياق وليكمل هو النسق إن أراد
ستثور وليكن الهجوم من اﻷعزل هذه المرة
أليس مشهد التناقضات ؟!
لتهزم المسدس بكلماتها إنها سلاحها الذي تمتلكه وإن كانت مجرد كلمات فلا تزال سلاحها
بعبارة هادئة أطلقت رصاصة الشك إلى ثقته
( انتظرتك لتتفهم موقفك لكن تأكدت أنك أحمق . ألا زلت تظن مسدسك مجديا؟ أنظر لرصاصاته خلفك.)
كانت كلمات بعد صمت أوقفت بها تفكيره للحظة ارتخت فيها يده لمحة بصر وإذاا هو يبصر مسدسه ملقى أمامه على اﻷرض
ضربة واحدة على يده لحظة المفاجأة كانت كفيلة بالحل
وحين استدار ليدرك مسدسه
ألصقت هي الفوهة بظهره
وبلهجة آمرة قالت :
-قف !
جمدت أركانه وشلت حركته
تغيرت المواقف وأصبح اﻵمر مأمورا
سر أمامي وارفع يديك
أي حركة زائدة لن أتردد بالاطلاق عليك
سارت به لباب الغرفة منقادا لايملك أمره
لم ينظر لمسدسه ولم يبحث حتى عن رصاصاته حوله
لم يعد يرى شيئا.. إنه يحس بضغطتها القوية على ظهره بفوهة مسدسها
لم يعد يرى شيئا سواه ..
رغم أنه على ظهره لا تدركه عيناه لكنه كان الموت أمام ناظريه
يكاد يرى إصبعها على الزناد
اﻵن أو بعد لحظة أو لحظات قد تضغط على الزناد لتنهي حياته وتضع حدا لحماقته ..
لم يضع في حسابه أن تكون مسلحة لم يخبره أحد بذلك
ماذا لو زلت قدمها أو زلت قدمي بلاشك ستطلق النار أني أسمع في كلماتها نبرة الموت و صوت النهاية
نهايتها التي كنت أسعى لها أصبحت نهايتي
كان يسائل نفسه
ألهذا هي هادئة ؟ لم تبك ولم تتوسل ولم تصرخ أو تستنجد ؟؟ وقد أفرغت سلاحي من ذخيرته ومسدسها بيدها تلصقه اﻵن بظهري
ألأنها عازمة على قتلي لم ترد نجدة أو حضور أحد؟
أﻷن الجريمة أصبحت جريمتها ولم تعد جريمتي؟
أهذا سر تلك النظرة العميقة في سواد عينيها كنت أحلم بنظرة انكسار مكانها
أحقا أنا أحمق كما قالت
ياله من خطأ أوشك أن أخسر حياتي ثمنا له
ماذا أسمع ؟
نفسي تنتحب اﻵن بين جنبي
ماهذه الجلبة؟
أصوات خطوات ؟ هل هو اقتحام ؟ أحقا أنا اﻵن رهينة إمرأة لا ترحم وفوهة مسدس تستقر على ظهري ؟
لست قادرا على التمييز..
بل لم أعد أسمع شيئا
لا أستطيع الحراك لم تعد لي قوة
الباب القريب أصبح بعيدا بعيدا أبعد من أي شيء .. هل تنوي قتلي بعده خارج غرفتها لم أعد أستطيع التقدم إليه ..أبدأت أتوهم الموت قبل أن أقع فيه ..
هل هو هكذا هل ذاقه الجميع مراَ على يدي ؟
وأنا أذوقه اﻵن علقما على يد آخر ضحاياي؟
ياللسخرية ياللألم كم هو رقمي في قائمة ضحاياها ؟
لابد أنها طويلة قائمتها...
لابد أنها قاتلة محترفة لتهزمني هكذا ..
وفي طريقها للباب ركلت مسدسه الملقى على اﻷرض
-أكنت تظن نفسك تفعل شيئا بهذا معي ؟!
حطمت آخر ثقة يملكها في نفسه ..
وفقد قدرته على الكلام كما فقد قدرته على التفكير وهو يرتجف خوفا وينساق صاغرا لفوهة علبة معدنية أوهمته أنها فوهة مسدس مشحون برصاص الموت الذي يخشاه وعلى الباب تلقاهم رجال الشرطة يركضون ليدركوا الموقف بعد سماعهم لكل الحوار من اتصالها الذي لم يلحظه
وبين دهشته ودهشتهم رمتها على وجهه لتقول له سلاحي كان نظرتي و علبة نظارتي
-الحمدلله الذي أعمى بصرك كما أعمى بصيرتك
خذوا مسدسه المشحون بالرصاص إنه هناك على اﻷرض .
الظلام .. الظلام لم يعد يرى شيئا سواه..
خرج من أعماقه ليغطي ناظريه
حتى مسدسه اﻷسود كل ماكان يحتاج إليه لم يلتفت إليه ..
وسط عباءتها السوداء بقي جبينها مشرقا أزهر ..
وهو أظلم كيانه رغم ثوبه اﻷبيض..
الظلام ..
الظلام غرق فيه كما غرق في اﻷوهام .
**
صباح يلوح بقدوم الخير و المسرات
كيف أصبحتم ؟ رجواي أن يكون بنعمة من الله وفضل
تلك التي في الأعلى كانت بموضوع الفعالية .. ووددت وضعها هنا لتأخذ الفعالية حقها
ويكون ذاك الموضوع لقصص الفعالية
وكلي أمل أن القصة راقت لكم .. ولا غنى لي عن الانتقادات البناءة
المفضلات