مشيج :
يتردد الصدى بين الممرات الضيقة و الصخور في غنج!
فوق التوابيت تستلقي روائح عالمٍـ منسيٍ ؛ عالم تلون بالأسود و الأبيض ؛ يعود لماضٍ سحيقٍ سكريٍ !
و حورياتٌ ساحراتٌ بين الغيوم الوردية يتضاحكن في صوت غريب لذيذ ؛ يطللن من فوق على النوارس البيضاء السابحة في البحيرات العذبة !
تتراقص أعشاب البحر فوق العشب و تلف أشجارًا أوراقها صفحات من فضةٍ ؛ تتدلى منها عناقيد العقيق و المرجان ؛ تغمرها بالنفحاتِ و الأمل !
تللك النجوم المتناثرة في البركـ ؛ دوامات فضاءٍ وعرٍ ملونٍ يلعب جنبها صبيان من سكر !
مذاق الملح عبر الأثير يجتاحه في تلك الوقفة الخرافية ؛ في ذلك الطفو !
عالمٌ جميلٌ هذا الذي ؛ إما أطل من نوافذنا و أنار العتمة التي تملؤنا بملامحه !
أو أطللنا نحن عليه من نافذته فشدَّ رؤوسنا و كان كريمًا !
فما من وسن أو وصب يقدر على أن يأخذنا للغياب مرة أخرى !
المدار الراقص في سماء الطيوف ؛ لا شيء في الأفق الأيمن سوى البياض ، إن فقاعات القلب تتراكم هنا.. !
الأفق الأيسر أسود .. ملايين العفاريت و الجن وراء الخليج المملوء بحطام السفن و الأماني و الجماجم ؛ !
تغتسل و تستحم في زحمة الزبد و وحشة الخلجان و الكهوف الصخرية التي تعانقها الطحالب الخضراء في شغف !
على الشطآن و في ضفف الصحاري دبب قطبية تبني حضارات و حضارات !
خجولة هي الأحلام نوعًا ما .. مصطفة على الثلوج تحاول الحفاظ على شبابها !
جاء الصوت من البحر ؛ و يعود للبحر العتيق !
لا يطاق هذا الشوق للفيض !
الشمس تمشط شعرها عند المغيب !
حولها جنيات يحمن باسمات ؛ ينعكس اللون البرتقالي على أجنحتهن المزركشة !
فتلتمع الأحجار الكريمة الصغيرة القابعة على ظهورهن دلالة على استيقاظها من النوم لتوها !
و يبقى ذاكـ الرجل البلوري يراقب صورته السريالية في لذة !
بينما مخلوقاته الطيفية قد نامت في سكون الليل و إشراقات قوس قزح بين أحضان القمر !
أسمع أحدكم عن الفراق بنظرية إقليدس ؟‼
أيًا كان هذا المشيج ، فطعمه شبيه بالفواكه الخرافية !
* ‘
رويدًا رويدًا ؛ تفيق الروح من إغفاءتها و تعود للواقع القذر !
رويدًا رويدًا تبتعد لتصدمنا !
لم تكن بلاد العجائب إلا لوحات على التلفاز !
{ اللعنة على هاته الأفلام الرخيصة .. يا ولد ! قم و غير القناة .. }
نزع رداء خلوته في الزاوية و وارى الدفتر الصغير الذي دومًا ما يخبأه تحته عن النور ؛
ذاك الذي ينقش عليه بأنامله النبوءات و الأساطير !
و يرسم عليه في وجل و ترقب .. خوفًا من أن يمسكـ بالجرم المشهود !
اتجه نحو التلفاز العتيق يتلمس بمجساته دفتره في جيبه خشية أن يقع منه فيصل للأيدي الخطأ !
ثم باشر ضغطه على الأزرار التي تكاد تهوي برقة ؛ موجهًا ظهره للجالس على الأريكة الهرمة !
مرددًا في أعماقه بعيدًا عن القذارة !
{ اللعنة على من لا يفهم الفن }
عاد لزاويته ليرسم بنهم .. يتحسس من حين لآخر الجثة الهامدة هناك !
ينتظر أن يبلغ عتبة معينة يُفْتَح له بعدها الباب ليخرج للأبد من هذا المستنقع النتن !
ـآلنـهآيةة !



المفضلات