2- خلف الستار الحاجب :
*
*
*
*الجزء 1 من خلف الستار الحاجب*
.. "أمي أين جواربي "
" عزيزتي هل الإفطار جاهز .. "
"اااااخ أين اختفت حقيبتي"
لفح هذا الإزعاج مسامعها و طفق الصخب يتدافع نحو أذنيها كوابل رصاص , شيئاً فشيئاً خضعت حواسها للاستيقاظ فراحت أهدابها تنفك من إغماضها سامحة لأشعة الشمس بأن تقتحمها ماحية ذاك الظلام الذي كانت ترقد فيه , زحفت يديها من على سريرها بكسل وقامت لتتكئ .. غرقت في أحلام اليقظة و أخذها شرودها بعيداً عن تلك الغرفة , حتى نفذ إلى مسامعها صوت طرق الباب الملح , قامت بتثاقل نحوه ولكن شيئاً أجبرها على الالتفات .. كومة المذكرات ولعبة الويجا التي اشترتها ليلة الأمس, لم تغير ملابسها .. بل فتحت الباب على مصراعيه وتخطت كل العتبات نزولاً إلى الأسفل .......
" سايا .. سايا ... !"
لم يثنها نداء والدتها عن استكمال السير .. لحظات حتى خرجت من المنزل و توغلت بين المشاة في الشارع..
غارقة في سكونها .. يستند رأسها إلى زجاج نافذة معمل التشريح المطل على الحديقة .. منساب شعرها على كتفيها يلثم جبهتها بغزل .. وبين الفينة و الأخرى تلوم نفسها على تصديق تلك المشعوذة, تفر تنهيدة خافتة من بين شفتيها وتعود لاستئناف الشرود من جديد , انتبهت لدمعة تحاول الفرار من مقلتيها .. نفضت رأسها تكابرها واستدارت على صوت صديقتها ساتو بالكاد كان يخرج من حنجرتها إثر لهاثها الناتج عن ركضها مسافة ليست بالقصيرة:
"ما لأمر الذي جعلك تستدعيني كل هذه المسافة؟ تدركين أن لدي الكثير من المحاضرات "
.... رمقتها بنظرة شاحبة .. تقاوم دمعة تطفو في حدقتيها " سايا .. أكل شيء على ما يرام؟؟"
مسحت دمعتها بحركة عفوية وارتسمت ابتسامة واهنة على شفتيها : "أحتاج مساعدتك !! "
صامتتان .. كأن كل واحدة منهما تفكر بشيء , تريد قوله للأخرى دون أن تبلغ تلك النقطة التي تستدير عندها الأحداث:
"شكراً لك ساتو , من بين الجميع كنت واثقة ألا أحد سيخفف عني غيرك"
قالتها وعيناها مفتوحتين .. تنتظران أن تتحرك شفتا الواقفة أمامها لتغادر المكان بشكل لبق , تستند ذات الشعر البني إلى الجدار .. تعبث بطرف ثوبها و بصوت يكاد يكون مسموعاً:
" سايا .. الأمر ليس سهلاً كما تتصورين .. إن كنت مصرة ؛ لا أستطيع إيقافك , و لكن متى ما احتجت إلى المساعدة فأنا حاضرة"
" لا بأس سأكون بخير ... لم تخلق سايا لتبقى أسيرة في دهاليز مخاوفها .. و الآن أراك لاحقاً "
لوحت بيديها وسارت نحو الدرج حتى اختفت عن أنظار صديقتها, ترفع ساتو رأسها نحو السماء مطولاً وتهتف: "أرجو أن يمر الأمر بسلام"
![]()
على سريرها استقرت .. ويداها تعانق رأسها .. عشرات الأمور تتقلب فيه .. تحاول ربط الأحداث معاً وتتخيل ما سيؤول الأمر إليه , أعرضت ببصرها عن كومة المذكرات تلك .. وانتزعت ذراعها من معانقة رأسها .. واجتذب الفضول أحداقها إلى زاوية الغرفة حيث يستقر الصندوق الجديد الخاص بلعبة الويجا
بعثرت نظراتها في أنحاء الغرفة .. باحثةً عما يصلح ليكون حلقة ويجا .. حتى هداها تفكيرها إلى استخدام خاتمها ... في منتصف الغرفة جلست .. و أمامها استقرت طاولة يتوسطها لوح الويجا أخذت تمتم بكلمات تلك المشعوذة و تحرك الخاتم يمينا و يساراً وخطت عبارة : "هل هناك أحد " ....
ولم تحصل على إجابة , كست نظرة الإحباط وجهها .. :
" أكان ذلك مجرد كلام فارغ .. ؟؟ تلك كانت كذبة ملتوية مخادعة .. حمقاء أنا أن صدقت تلك المشعوذة "
أشاحت ببصرها عن اللوح باستهزاء : "لست بمزاج جيد لأخرج من الغرفة .. و لكن في الغد ستتبعين قبيلة النفايات في الشارع"
... أطفأت المصابيح وخلدت للنوم
هي الآن تركض في ممرات المصحة .. عجباً!! العم رييو يقف على بعد مسافة منها ..
تزيد من سرعة عدوها ثم تتعثر .. فجأة .. تخترق أذنها صوت طرقات عنيفة مدوية ..
تستمر الطرقات العنيفة و كأنها طبول في أوج نشوتها , صوت مزعج ذاك الذي اخترق أذنيها ..
تصحو بوجه يلثمه العرق محدقة في ظلام الغرفة.. إذاً فقد كانت تحلم ؛
و لكن!! ... كان هناك صوت طرقات بالفعل .. ويبدو بأنها تداخلت مع الحلم بطريقة ما ..
رفعت هاتفها وحدقت في شاشته لتكتشف بأن الوقت قد تجاوز منتصف الليل
" عجباً !! الجميع نيام في هذه الساعة" ... كان ذلك حديث نفس راودها ,
الطرقات تزداد عنفاً .. نهضت مترنحة و القلق يعتريها و لم يلبث إلا و تحول إلى خوف بعد أن عجزت عن إضاءة الغرفة " تباً .. المصباح لا يعمل!!"
تحسست طريقها بيديها حتى خرجت من الغرفة واتجهت نحو السلالم .. تلك الطرقات مازالت مستمرة ,
نزلت الدرجات نحو الأسفل فتوقف الصوت .. وخيم السكون ملتحفاً الظلام فما عادت تسمع غير لهاثها الذي يخترق الصمت,
لوهلة شعرت بأن ما سمعته خيال سوله عقلها .. تنهدت و صعدت السلالم نحو غرفتها ..
عادت الدقات مرة أخرى بمجرد اقترابها من الغرفة .. ارتجف قلبها الواهن و دارت خواطر سوداوية بعقلها ..
فذلك الصوت كان قادماً من الأعلى - من غرفتها- اخترقت صرخاتها سكون الليل .. فقامت حركة استنفار في أرجاء البيت و أضيئت جميع الأنوار,
خرج الوالدان سريعاً من غرفتهما و ركضا للأعلى .. بينما وقف التوأم أمام باب غرفتهما في حالة ذهول وهي قد
تقوقعت على نفسها مرتجفة تقاوم شعث أنفاسها ...
" سايا . سايا يا ابنتي أأنت بخير؟؟."
... كان ذلك صوت والدتها , رفعت رأسها على إثره فلسعها الضوء الساطع .. قاومت نفسها و ارتمت في أحضان والدتها ترتجف وكأنها قطة في يد طفل يعبث بها " هوني عليك يا ابنتي ماذا حدث ؟! ... عزيزي أحضر كأس ماء لها بسرعة"
سار الوالد شارداً في ردهة طويلة تصل بين غرف الطابق العلوي، وصل إلى الدرج و شروده لم يسكن بعد ، هبط تلك الدرجات و ما يزال مطرقاً لا يكاد يستوعب تلك الأفكار التي تغزوه ، سار بضع خطوات بعيداً عن الدرج حتى اقترب من باب غرفة الجلوس ، أدار المقبض بهدوء حين سمع هتافاً من خلفه .. استدار ليجد زوجته تمسك بكوب حليب يتصاعد دخانه هاتفة:
" هل وجدت شيئاً ؟ "
أطرق مليا: "لا .. لا شيء بالأعلى"
" عزيزي أيعقل أنها تهذي ."
" لا أفترض شيئًا آخر, ولكني وجدت النافذة مفتوحة , ربما كان الطرق نتيجة الرياح "
" ولكن الليلة الماضية كانت هادئة ولم تكن فيها أي حركة للرياح "
"أرجوك لا تزيدي من وضعها النفسي سوءً .. علينا طمأنتها بأي شيء"
" كما تريد " ....
أدارت الأم المقبض وما كادت تتجاوز عتبة الباب حتى أطلقت صوتها لينساب في الغرفة وهي تقول برقة وعذوبة منادية بنبرة شبه عالية: " سايا .. حضرت لك كوب حليب دافئ"....
ما لبث صوتها أن تلاشى في أنحاء غرفة الجلوس الضخمة ولم يصل لمسامع المعنية الواقفة على الشرفة بذهن شارد في خواطر مجهولة , وضعت الأم ما بيدها على الطاولة .. وراحت تحث الخطى إلى الجزء الأيمن من الغرفة - نحو الشرفة- لتلمح بعد لحظات جسد ابنتها بملابس النوم مستندة بمرفقيها إلى سور الشرفة وعيناها تعانقان القمر في السماء
" سايا " ....
تلتفت سايا فتقابل نظراتها نظرات والدتها وسرعان ما ابتسمت ابتسامة بيضاء هاتفة: " الجو بارد .. لم لا تدخلين و ترتشفي الحليب الذي حضرته لك ؟؟"
" تقولين لم تجدوا شيئاً" .... هتفت بشيء من الاستنكار و عدم التصديق
" أجل يا عزيزتي .. والدك ذرع البيت بأكمله ولم يعثر على شيء .. ربما هو خيالك أو أن الرياح تلاعبت في نافذتك "
"لا أدري لماذا .. أشعر بأنه شؤم ذلك العجوز .. مذ ذهبت للمصحة و أنت تتصرفين بغرابة" .....
ارتطم الكوب على الطاولة بقوة: " ألا يوجد لديك شيء أفضل من هذا لتتحدث به عن الموتى , لست بحاجة إلى هذا الشراب , و لا أبالي بما في الغرفة .. المعذرة أنا مغادرة " ثم أغلقت الباب بعنف ....
"عزيزي ما كان عليك قول ذلك لها"
تنهد الأب حانقًا : " دعيها وشأنها .. فتاة عنيدة "
مدت يدها ناحية المقبض تديره ثم خطت إلى داخل الغرفة .. توقفت قليلاً تدير أنظارها هاتفة بشيء من الدهشة:
"حقاً لا شيء هنا!!"
, أغلقت الباب من ورائها ثم حررت نفساً هادئاً وهي تتفحص أركان الغرفة الفراش كما تركته .. و الطاولة كما هي .. كل شيء في مكانه الصحيح , ابتسمت بهدوء مردفة: "أيعقل بأنه مجرد هذيان ؟!"
اتجهت نحو النافذة ألقت بأنظارها من خلال الزجاج بحثًا عن القمر الذي استتر خلف طبقات من الغيوم , تمطت ابتسامة على شفتيها وشعرت بشيء من الأمان يسكن قلبها للحظات فقط , حيث أن انعكاس غرفتها على زجاج النافذة قد اختفى وحل محله انعكاس لجسد شخصٍ ما !!!
ترررررا انتهى الجزء.gif" border="0" alt="" title="
0" class="inlineimg" />
هل هناك من يجهل لعبة الويجا لنضع شرحًا لها؟ ~>سيناري تعالي وثرثري لهم عنها
" تستحيل عينا سيناري إلى قلوب"

0" class="inlineimg" />
رد مع اقتباس

المفضلات