وكيف لي ان لا ارى دمعي بعينكَ مرَّةً أُخرى ؟! اذ رحتَ ترسمُ قصَّةَ الوطنِ المُدمى ، كيف لي ؟! وانا حمَلتُ خرائطَ المُدنِ الغريبةِ في دمي وحملتُ مفتاحَ الرجوعِ لحيِّنا المخضوب بالنعناعِ والسُمّاقِ والمحروسِ بالدفلى.
انا الفلسطينيُّ فلتشهَد بان دمي ، دمُ الصحابةِ واحتراقي وهجُ سيفِ الفاتحينَ ، وبيدري ، حملَ القصائدَ كلها وبكى المناجلَ كلَّها ، ومشى صهيلُ الجُرحِ فيَّ الى السماءِ ، وغابَ في ليلينِ من وطنٍ وحبرٍ اسودِ الجفنينِ واحتفلت بموتي كلُّ ارضٍ سافرَت انسابُها ، ومزَّقَت كبِدي حدودُ حِرابِها ، فلتعترِف يا قلبُ ان دموعَ يافا أرَّقَتكَ وانَّ حيفا لم تعُد ترتاحُ للغزلِ الاخيرِ وانَّ غزلانَ الجليلِ بكَت عليكَ طوالَ عمرِكَ ، واحتضنتَ صغارَها وطفِقتَ ترسُمُ بالقصائدِ لونَ اغنيةٍ لعكّا حينَ تاهَ محارُها ، يا ليلَكَ الحاراتِ والخُبيّزَةِ ، كيف تنجو من حنينِ الارضِ ثانيةً وأَنتَ لها ؟!
فليعلمِ الزيتونُ في صحراءِ عمرِكَ انَّ زيتَكَ ميلادٌ جديدْ ، وانَّ القمحَ بينَ يديكَ قدَّسَتهُ الريحُ والطاحونُ والكَفُّ التي تغتالُ عاشقها ، ولتعلمُ الناياتُ ان الحُزنَ ممنوعٌ ، اذا حضرَت قصائدُ عشقِكَ الممنوعِ ذاتَ مساءْ ، هذي حدودُ النهرِ ارسمها ، حدودُ البحرِ ارسمها ، بدمعي حينَ يصيرُ الدمعُ حبراً
يا فلسطينُ التي تغتالُ أوَّلَنا وآخرنا وحاضرنا وغائبنا ، فكيف نراكَ يا وطني ، بربِّ البيتِ كيفَ نراكْ ؟! وكل بنادقِ الطغيان قد غطَّت ثراكَ الغضِّ من بحرِ العيونِ الزرقِ حتّى النهرِ ، كيفَ نراك ؟! أُخاطبُ ليلَكَ المأسورِ بالعنّاب ِ ، والمزروعِ بالاحلامِ ، هل من اخرٍ يا ارضُ هل من آخرٍ للدمعِ هل من آخرٍ للقتلِ هل من آخرٍ للصلبِ هل من آخرٍ للرجمِ هل من آخرٍ لبُكاكْ ؟!
فكيفَ نراكَ يا وطني بربِّ البيتِ كيفَ نراكْ ؟!
المفضلات