تحليل التركيز و علاقته بالإيمان :
أولًا /
الإيمان هو أساس جميع الدعائم الروحية ، و هو شريعة عامة للناس كافة :
" ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون "
و قال " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم "
و مرتكزة بالنسبة للمسلم الإيمان بوحدانية الله حيث لا إيمان مع الاعتقاد بقوة خارجة عن إرادة الله
كما قال تعالى :
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "
و السبب العملي أن العقل و القلب عند الشخص المؤمن تتوجه إلى مركز و نقطة ارتكاز واحدة
و هي " الله "
كرمز للقوة و العون و السيطرة الشاملة على ملكوت السماوات و الأرض
و ما فيهنّ و ما بينهما من المخلوقات ،
و إذا حصل هذا التركيز الكامل على الوحدانية فهذا هو الإيمان
و بالتالي يصفو القلب من كل المشاعر الزائفة أمام الشعور بقدرة الله الغالب على أمره ،
و يتخلص العقل من خواطره و ظنونه و يحصل الهدوء و السكينة و الطمأنينة .
ثانيًا /
الإيمان لا يعني الاستسلام لما تواجهنا به الحياة أو تضعه في طريقنا ،
فالله يأمرنا بالعمل و يطلب منا استفراغ الجهد بالمساهمة في عمارة الأرض لأننا مستخلفون فيها
" وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ "
و أمرنا بأن نتحرى مصالحنا
" بل الانسان على نفسه بصيرة "
و أن نحرص عليها
" و خذوا حذركم " ، " و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " .
و لكن ماذا إذا فعلنا كل ذلك و مع ذلك ما تزال الأمور تعمل ضدنا .
هنا لا بد من التوقف و اللجوء إلى الإيمان بالله الذي يقول:
" و عسى أن تكرهوا شيئًا و هو خير لكم "
فإذا بذلنا مافي استطاعتنا و مقدورنا فتأكد أن الله له تدبير خاص في الأمر ، و على المؤمن أن يعطي
فرصة أكبر لهذا التدبير لأن يكشف عن نفسه
:
" ربنا ما خلقت هذا باطلا "
و ذلك عن طريق التحلي بالصبر و الاستلهام
فسنن الكون تسير في مدارها الطبيعي ، و عدم ديمومتها هو النتيجة الحتمية لأن " مع العسر يسرًا "
و حتى في حال الانتظار فإنه يعني أن نتوقف عن فعل أي شيء أبدًا ،
و لكن نفعل ما يبدو لنا سلسًا و ممكنًا مع التركيز و الوعي و الاستبصار
دون أن نلوي يد الحقيقة أو اللجوء إلى المقاومة التي لا تجدي فتيلًا .
أما السبب العملي فإن السير ضد تيار سنن الكون بشكل عام هو إيحاء شيطاني :
" الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء "
في حين أن العمل الذي يستهدف الخير يكون انسيابيًا في حركته لأن الله " يعدكم مغفرة منه و فضلًا "
و من خلال إدراك هذه الحقيقة و التركيز عليها فإن الذهن يركز على ما يحدث بوعي ،
و سرعان ما تتضح الرؤية للشخص فقد نجد أننا في حاجة إلى تغيير الممارسات القائمة
و أنها هي التي أوصلت الشخص إلى ما وصل إليه
أو أنها غير مجدية فنبحث عن بدائل و مخارج و خيارات جديدة ،
و قد نجد أن المكان الذي نقف فيه غير مناسب ، و الله يقول " إن أرضي واسعة "
وقد نجد أننا نحاول أن نكون مثل فلان أو الآخر ،
و امكانياتنا و قدراتنا تختلف و الله جعلنا مختلفين لكمة يعلمها ،
مما يجعلنا نركز على امكانياتنا بدلًا من قول :
" يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون "
و قد نجد السبب في أن هناك قوة أقوى من قوتنا تسعى لمصالحها ،
و أن الواجب في هذه الحالة يتطلب منا أن نواصل السير
بالرغم من كل الصعوبات في اتجاه أهدافن و نثبت في واقعنا مستعينين بذكر الله .
المفضلات