ثالثًا /
إن الإيمان و الخوف لا يتعايشان
- لا أعني الخوف الواجب ، كالخوف من الله و عقابه -
، قال تعالى : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا "
و واصلوا مسيرهم
الخوف هو الشعور العادي الذي له ما يبرره من حصول الضرر في المواقف المعتادة ،
فلا يوجد انسان لا يخاف ، حتى الأنبياء و الرسل يتعرضون للخوف الطبيعي ،
أما الشيء الغير طبيعي فيحدث في الأمور التي يجهل الشخص كيفية أو زمان وقعها
لأن هذه لها الاستعداد فقط و التوكل على الله .
أما عن الأمور التي تتعلق بالله مثل حصول العذاب فهو واجب و هذا له الاستغفار ،
و مشاعر الذنب لها التوبة و الإقلاع عن الذنب و مسبباته و الابتعاد عن بيئته ،
ليس فقط لأن الخوف الغير واجب يتعارض مع عقيدة المسلم و المؤمن
و لكنه أيضًا مدعاة للقلق و خواطر النفس المتشائمة و الإحباط ، إلى جانب أنه استجابة لداعي الشيطان
" إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين "
فالله كافٍ عبده ، و مبدأ الكثرة تغلب الشجاعة غير صحيح إذا توفر الإيمان
إلا إذا كان الأطراف في مستوى ضعف الإيمان سواسية .
من الناحية العملية فإننا نستطيع أن نساعد أنفسنا من خلال اتباع الخطوات التالية :
1- أن نتوقع الأفضل دائمًا في حياتنا و ممارساتنا انطلاقًا من حقيقة معروفة لدينا:
" الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء . و الله يعدكم مغفرة منه و فضلًا "
2- أن نبذل الجهد أفضل ما نستطيع و لكن ليس أكثر من طاقتنا بأي حال من الأحوال .
لأن تحميل النفس فوق طاقتها ليس من الإيمان في شيء
" طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى "
" ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به "
" لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها "
3- و بعد استفراغ الجهد نكون قد قمنا بما علينا مؤمنين بأن الأمور في نهاية المطاف محكومة بالقدرة الإلهية العليا ، فنعمل بالأسباب و نتوكل لا أن نتواكل :
" قل لا أملك لنفسي نفعًا و لا ضرًا إلا ما شاء الله "
" قد جعل الله لكل شيء قدرًا "
فالله بالغ أمره و غالب عليه لا محالة و لا يعجزه شيء :" في الأرض و لا في السماء "
قال تعالى :" و من يتوكل على الله فهو حسبه "
ومن هنا نرى عمليًا أن التخلص من الخوف يعني أن نمنح المساحة التي يشغلها الخوف للسكينة و الطمأنينة و الإيمان الصادق ليتوغل فيها و يستوطنها .
المفضلات