
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أثير الفكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى ، وبعد
فإن من يتدبر كتاب الله تعالى ويتأمل ألفاظه وآياته يجد فيه الكثير من اللطائف والأسرار ودقة المعاني وإن تشابهت الألفاظ ، وفي بحثي هذا سأتناول الفرق بين كلمتي " أنزل " و " نزّل " الواردتين في ثلاث آيات بالقرآن تتشابه فيما بينها
فنقول وبالله العون :
فرق علماء اللغة العربية وعلماء التفسير بين اللفظين أنزل ونزل
فقال الاصفهاني في كتابه "مفردات القرآن الكريم" :النزول في الأصل هو انحطاط من علو. يقال: نزل عن دابته، ونزل في مكان كذا: حط رحله فيه، وأنزله غيره. قال تعالى: "أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين" [المؤمنون/29] ونزل بكذا، وأنزله بمعنى، وإنزال الله تعالى نعمه ونقمه على الخلق، وإعطاؤهم إياها، وذلك إما بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن، إما بإنزال أسبابه والهداية إليه، كإنزال الحديد واللباس، ونحو ذلك، قال تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب" [الكهف/1
وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل، لما روي: (أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجم فنجما) (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال: أنزل القرآن في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام الناس.
وقال القرطبي :يَعْنِي الْقُرْآن وَالْقُرْآن نُزِّلَ نُجُومًا : شَيْئًا بَعْد شَيْء ; فَلِذَلِكَ قَالَ " نَزَّلَ " وَالتَّنْزِيل مَرَّة بَعْد مَرَّة . وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل نَزَلَا دُفْعَة وَاحِدَة فَلِذَلِكَ قَالَ " أَنْزَلَ " .
أما عن سورتي يوسف وهود فقد وردت " نزّل " بالتشديد في هود على وزن ( فعّل )
و" أنزل " بيوسف عبى وزن ( أفعل )
ولو نظرنا لحال المخاطبين فإن هود عليه السلام كان يخاطبهم بلهجنة التهديد والوعيد لذا قال " نزّل " بينما يوسف عليه السلام لم يهدد أو يتوعد فكانت الصيغة بـ " أنزل "
والأمر ذاته مع سورة النجم لم تكن اللهجة تهديد بقدر ماهي تعنيف لهم ولم تنتهِ الآية بعذاب ونحوه
هذا والله أعلم وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا إنه ولي ذلك كله
المفضلات