صاح بأخيه وهو يدفعه من الغرفة غاضبًا: "ألم أقل لك ألا تدخل الطيور إلى غرف النوم؟!"
لم يكن يكره الحيوانات والطيور الأليفة قط، ولكن كان إدخالها إلى غرف النوم والمطبخ خطًا أحمر عنده، لأن وبرها والجراثيم التي تحملها عادة قد تؤدي أحيانًا إلى التحسس أو المشاكل الغذائية والصحية...
انتفض الصوص الذي في يد أخيه الأصغر. ربما كانت رعشته على إثر سماع الصوت العالي المفاجئ، وربما أحس بغريزته أنه ضيف غير مرغوب به في تلك اللحظة، ولكن النظرة التي تبادلها مع صاحب الصوت بدت للأخير كنظرة شخص رأى أمامه مصيره المحتوم...
كل هذه الخواطر مرت برأسه في جزء من الثانية، وهو يُخرج أخاه من الغرفة ويصفع بابها خلفه... إلا أن الباب رغم تلك الصفعة لم ينطبق، ولو أردنا الدقة لقلنا أنه أوشك على الانطباق لكن سرعان ما ارتدّ مفتوحًا وكأن شيئًا ما أعاقه... سمع شهقة من خلف الباب فيها مرارة الألم والإنكار، ففتحه لينظر ماذا حدث...
كان الصوص قد قفز في اللحظة الأخيرة من يد صاحبه على الأرض، وكأنه أحس خطرًا مما يجري حوله فأراد أن يبحث عن سبيل الأمان بقدميه، ولكنه -كما يقولون- مُني "بالمكان الخطأ والزمن الخطأ"، فاللحظة التي مسّت فيها قدماه الأرض كانت لحظة إغلاق الباب، والمكان الذي سقط فيه جعل حافة الباب تُطبق على رقبته إطباقة جبل على نملة صغيرة...
فتح الباب ليرى، فإذا بالصوص طريحًا على جانبه يلفظ أنفاسه الأخيرة. لم يستمر الأمر أكثر من ثانيتين أو ثلاث، طرفت فيها عين الصوص المحدقة إلى صاحب الباب مرة أو مرتين، ولو نطقت لقالت: "أستودعك الله من قاتل"، ثم أغمضت إغماضتها الأخيرة!

رد مع اقتباس

المفضلات