لا يستغني الناس في هذه الحياة عن بعضهم البعض، فلا يستطيع أن يعيش أيّ منا بمعزل عن غيره ومعنى ذلك أن هذا الفرد سيؤدي إلى الآخرين ما يحتاجون إليه، كما أنه سيأخذ منهم بعض ما يحتاجه، وقد يواجه الأكثرية منا هذه المواقف، ففي حياتنا نواجه ونتعرف على أشخاص نهديهم أحاسيسنا بكل معانيها فنخاف على مصلحتهم ونقوم بتوجيههم ونصحهم في الخير والوقوف بجانبهم في كل وقت في الشدّة أو الرخاء، ولكن تأتي الأيام وتنقلب المعاني في القلوب إلى جمود المشاعر ونكران لصنائع المعروف وبدون سابق إنذار وفي يوم وليلة تنقلب كل الموازين للتحوّل إلى تجاهل وعدم مبالاة وهجران ونكران فنصدم بهم حينها ونتساءل... لماذا؟؟ وما هي الأسباب؟؟... فنحن لم نخطئ في حقهم ولم نضرهم أو نسيء إليهم بل على العكس قدمنا لهم كل ما يدر عليهم الخير، فتأخذنا الذكريات لنتذكر كيف كانوا!؟! وماذا أصبحوا !؟!...
الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام هو أرحم البشر، لأن الله سبحانه وتعالى هيَّأه لذلك، وميزه به، فليس في البشرية كلها من هو أرحم من محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، لأنه خاتم الأنبياء ومتمم مكارم الأخلاق، فهو أرحم الناس بالناس، وأحرص الناس على رعاية حقوق الناس، وأصبر الناس على الأذى، وأحلمهم وأكرمهم، وأسرعهم إلى العفو والرفق، وقد حث أمته إلى الاعتراف بالجميل وصنائع المعروف، وعدم نكران الجميل، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من أعطي عطاء فوجد فليجزِ به، ومن لم يجد فليثن فإن أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور"
إن نكران الجميل وصنائع المعروف صفة مذمومة وهي دليل قاطع على خسة النفس، فصاحب هذه النفس المعروف لدية ضائع، والشكر عنده مهجور، وهو بهذا الصنيع أقصى ما يرنو إليه هو تحقير المعروف الذي أسدي إليه، وعدم الوفاء لمن أحسن إليه، وقد عرف نكران الجميل بانه الا يعترف الإنسان بلسانه بما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه من غيره.
قال الله تعالى"ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "
ومن هنا فإن النفس التي تنكر الجميل والإحسان إليها وتتناساه نفس لئيمة، وقد صدق من قال" الكريم شكور أو مشكور واللئيم كفور أو مكفور" إن نكران الجميل والجحود من أقبح الصفات الإنسانية، وأرذلها لما تمثله من صفات سيئة من توشحها فهو لئيم جاحد لصنائع المعروف والإحسان.
وإذا كان المعروف صدقة كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً " كل معروف صدقة " فكيف بنا بشكر المعروف ورده وشكر الناس، ما أعظم هذا التوجية النبوي الكريم في هذا الجانب وهو رد المعروف والجميل والفضل إلى أهله، ومقابلة الاحسان بمثله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه" وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.
إضاءة: "الكريم يحفظ ود ساعة "
أحمد بن سعود العقيل
المفضلات