السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.....
تسربت السنون من بين يديه؛ فتخطى أعتاب الأربعين ولم يتزوج ،يعمل أستاذاً للبلاغة بإحدى الجامعات ولأنه عاشقاً للغة العربية فلا ينبس إلا الفُصحى ، وفي ذات مساء - وهو مغادرٌ الجامعة بعدما فرغ من محاضرته لطلاب قسم الدراسات العليا – خطفت بصره فتاةً – تتحدث مبتسمةً عبر هاتفها المحمول ترتدي نظارة بعدسات مقعرة سميكة ،متوسطة الطول ، مستديرة الوجه ، قمحية اللون تضع معطفاً أبيض على ساعدها الأيسر- تلج بوابة كلية العلوم ، نزل من سيارته فسأل فرد الأمن عنها فأجابه قائلاً : إنها " معيدة " بقسم الرياضيات بالكلية وتُدعى " زينب " ، فرجع إلى سيارته يتمتم سجعاً " زينب ذات الشنب "
وفي بحر أسبوع تجمعت لديه جميع المعلومات عنها وفي ذات صباح دخل عليها مكتبها
بالقسم فعرّفها بنفسه وأمهر كلامه قائلاً: وأريد الزواج منكِ
فذُهلت من طلبه ، لدرجة أنها لم تنبس بحرف فهب واقفاً ثم قال :
أمامكِ فسحة من الوقت أسبوع وسوف أكون هنا لأخذ الرد
ثم غادر ، فظلت الفتاة باقي يومها مابين الاستفاقة من مفاجأة الأمر ومابين التفكير
وفي الصباح فاتحت والدها في الموضوع ،فقال:
وماذا ترين؟ ، قالت : لا أدري ، ولكن الأمر والنهي لك
فأخذ ما لديها من معلومات عنهوخلال ثلاثة أيام جمع عن العريس المعلومات الكافية ، وجلس مع ابنته فقال:
أنا لا أري فيه عيب والقرار لكِ ، فقالت : ما فيه الخير يقدمه الله
وجاء العريس في ميعاده ، فقالت له : تفضل يا دكتور
، وفي المساء كان جالساً مع أبيها في بيته ، وفي نهاية الجِلسة تم الإتفاق علي " الخطوبة " بعد أسبوع
و" العرس " بعد شهرين ،وعُقد القران.
وفي ذات مرة ذهب لمقابلتها في ساحة كلية العلوم كالمعتاد، فلم يجدها ،فسأل عنها زميلاتها في القسم فقلنْ:
لم تحضر اليوم ، وبينما يتحدث معهنْ، دُهشنْ من نُطقه بالفُصخى فتجاذبنْ معه أطراف الحديت ، فباغتته إحداهن قائلة :
ماالذي جذبك في " زينب " ، فقال : شنبُها
ثم انصرف .فحملقن في بعضهن ثم ضَحِكنْ .
وفي اليوم التالي حضرت زينب إلى الكلية ؛ التي امتلأت بخبر " شنب زينب "
فلاحظت الغمزات واللمزات من الجميع وعلمت بما كان من زوجها ، فحنقت ورجعت إلي البيت منهارةً تبكي
وقالت لأبيها : لن اتزوج هذا الرجل!! فقال: ماذا حدث ؟
فقصت له الموضوع ، فقال :ما تجدينه مناسبًا لمصلحتك ففعليه !
وخلال أسبوع وصل خطاب للدكتور من محكمة الأسرة بقضية خُلع ورد شرف، فذهب إلى المحكمة
فلم يجد "زينب " فقد وكّلت محامي ، فوقف المحامي أمام القاضي وقال بأعلى صوته :
سيدي القاضي ، موكلتي مخطوبةٌ من هذا السيد ، ولم يعقد قرانها بعد وقام السيد بالتشهير بها في كل مكان يذهب إليه، وسبب هذا ضررٌ معنوي ونفسي لوكلتي . لذلك نطلب الطلاق ونصر عليه .
ثم أشار القاضي للدكتور بالكلام فقال:
سيدي القاضي ، ما قاله المحامي عارٍ تماما من الصحة ، فبالإضافة للعور اللغوي فيما نبس به
فهو يتجنى عليّ ، لقد تهيمت بزوجتي بما حباها الله بشنبٍ يبرق ثغره حينما تتبسم وحين تنبس ...
فقاطعه المحامي قائلاً :شنب ماذا يا أبا شنب ؟!!
فنظر الدكتور إلى القاضي قائلاً : ماذا يقول هذا العيي
فقال القاضي : وجّه كلامك لي ولا داعي للتجريح
فتنهد وأطبق كف في كف وقال : أنا مُتمسك بزوجتي.
نظر القاضي إلى المحامي ؛ الذي قال : موكلتي لا تطيقه، ولو كان أخر رجل لن تقبله أبدًا
تنهد القاضي ثم قال :
حكمت المحكمة حضورياً بتطليق الزوجة ، وعلى المحامي وموكلته الرجوع إلى المعجم .. رفعت الجلسة .
.....
فــي آمـــان الله
المفضلات