كيف أنتم أهيل القلم وكيف هي الأيام معكم ؟
جئتكم اليوم بقصة قد تكون غريبة عنكم بعض الشيء
لكنني قد كتبت مثلها في موضوع السجع إن كنتم تذكرون
استغرقت في كتابتها 5 ساعات كاملة لذلك اقرأوها بتروي أرجوا لكم وقتاً ماتعاً بقراءتها
كان هناك عائلة دينة وفاضلة
تحيا على الفضائل وتنبذ الرذائل
ربة تلك العائلة في الدرب كانت سائرة
استرعى سمعاً عندها صوت بكاء قربها!!
طفلاً صغيراً في المهد!! يبكي على أرض صلد
ظلت تنادي أمه أين تراهم قومه؟
لم تهتدي لأهله قد يئست من أمره
تكفلت ذاك الولد بين بنيها قد رقد
وأبعدت أماني خوفاً من التداني
تخشى من التفريطِ من قبل اللقيطِ
ومرت الأيامُ وانقضت الأعوامُ
قد كبر الأولاد وبانت الأضداد
أضحى اللقيط سالم أمر النجوم عالم
أما الشقيق ماهر بالرسم جد ماهر
وصار يا عيني عمر زعيم شبان الحضر
وحل وقت الحج فجهزوا للحج
إخوتها والوالد وعمها مساعد
قال أباها هاني وصيتي أماني
أيَ بني سالم كن صاحب العزائم
احرص على السلامة والتزم الكرامة
من كوة في الباب تعطيه يا صحابي
طعامه ومشربه رداءه وملبسه
في ذات يوم قد نظر ذاك اللقيط وانبهر!!
جمالها كان عجب!! وشعرها ماء الذهب!!
تنبّهت أماني لـ - نظرة – معاني؟
تراجعت عن بابها وأرخت من حجابها
كان الشيطان قد رقص بقلبه بث الفرص
تلك الفتاة حسنها يسبي العقول عندها
حاول سالمْ وقتها بأن ينال ودها
فلم يفز بالمطلق وكان دوماً يخفق
عاف الحياة قلبهْ يريدها بقربهْ
فالجسم منه قد نحلْ نظرة بؤسٍ في المقلْ
جاءت إليه الجارهْ بأمره محتارهْ!!
يا ولدي ماذا جرى؟ بك النحول قد سرى؟
جاوب سالم سؤلها يا جارتي رأيتها!!
رأيت حسناً قد حجب واللب مني قد سلب!!
قامت إليه الجارهْ ترضيه بالعبارهْ
إن شئت أن أحضرها عندي لكي تخطفها؟
على جوادٍ أشهب منها تنال المطلب !
فالتمعت منه المقلْ فلتحضريها في عجلْ
وغادرت ظليمهْ بالفكرة اللئيمهْ
نادت على المخدرة في خدرها مستترة
نذرت نذراً قد وجب أدع البنات بالطلب
والنذر أمر واجب تنفيذه بالغالب
لن تجدي في بيتنا سوى البنات عندنا
في حفلة صغيرة لمولد الصغيرة
هيا أيا أماني وقدمي التهاني
ولتجبري بخاطري دقائقٌ تخاطري
وأسبلت دموعها توسل يصوغها
حارت أماني عندها كيف تخون وعدها
لبرهةٍ ستذهب للجارة كان المطلب
لكنها ياللأسفْ في الكيس كانت تختطفْ
بعد بلوغ الفجر على حصانٍ يجري
أنزلها ذاك التعس لا تدري ما هذا النحس
أين أخاها سالم ليكشف المظالم
لكن وياللكارثة سالمْ وراء الحادثة
قالت له محتارهْ ما هذه الحقارهْ!!؟
أنت أخي لماذا تخطفني يا هذا!!؟
لستُ أخاً قريبا بل ها أنا حبيبا
فلتقبلي إن شئتِ أو قتلكِ ما اخترتِ
بعد التفكير قالت الروح فيك هامت
وحبكم أسهرني خشيتُ أن تنهرني
إن بانت المشاعر وافتضحت للناظر
لو سابقاً أخبرتني لما كنت اختطفتني
لجئتكم منقادة وعشنا في سعادة
فلما همّ لمسها تشبثت بأنفها
قالت له تلطيفا أحبكم نظيفا
أرجعني عند الجارهْ صاحبة الجدارهْ
حمامكم نحضرْ وبعدها تعطرْ
تكون لي حبيبا تلاقى بالترحيبا
النار كانت تصلي والماء كان يغلي
نادت أماني سالم حمامكم يا عالِم
لما أتى ألقته بالماء أحرقته
ثم جرت مرتابة هاربة للغابة
واختبأت بين الشجر من العيون تستتر
أما اللقيط سالم قد كان جد ظالم
في علمه ذاك نظر ركب الحجيج قد حضر
واستقبل الركب أسى أماني صارت مومسا
تُقابل الخلانِ تمشي بلا استئذانِ
لما أردت منعها قد أوجعوني صحبها
والآن أضحت هاربة تخشى من المعاتبة
قال أباها ياعمر والقلب منه منفطر
جئني بتلك الفاجرة بالغيِّ أضحت سائرة
سوف أحلُّ قتلها لكي أزيل عارها
مرَّ الأمير في كلل في الصيد يمضي في ملل
تجمعت كلابه نباحها أجابه
هناك صيد قد رقد بين الغصون في رغد
أزاح بعض الغصن فبانت ست الحسن
فاقدة لوعيها متعبة من سعيها
حار الأمير وصفها أضحى أسير حسنها
أخرجها من عشها بقصره أسكنها
واختارها حليلة أميرة جليلة
ومرَّت الأيام وانقضت الأعوام
وأنجبا طفلان كأنما بدران
بعد مرور الشهر فوق السنين العشر
قد حنَّت الأميرة بشوقها أسيرة
لأهلها مشتاقة دموعها رقراقة
أميرها قد لاحظْ حزنها في اللواحظ
فبؤسها آلمه وقلبه أعلمه
بأن بؤس ما بها قد خص حتما أهلها
جاء الأمير خلفها أحاط حباً كتفها
جميلتي أماني سلي كل الأماني
تجاب فوراً بالطلب لوكان تاجاً من حلب
قالت له : مشتاقة!! لأهلها تواقة !!
لكن تخاف بطشهم من كذبة قيلت لهم!!
أدارها أميرتي فلتذهبي حبيبتي
سأرسل الحماية توصلك للغاية
يقودهم وزيري يحكي لهم تفسيري
بأنكِ العفيفة أميرتي الشريفة
تجهز الركب إلى تلك الشعاب قد سرى
مر بهم يومان في الركب سائران
كذا بدا الطفلان في السير متعبان
نادى الوزير جنده سيمشي فيهم وحده
إلى القرى مؤكد فعنهم ليست تبعد
وبعد أن سار بهم عشقاً أراد أمهم
أخبرها بعشقه ولوعة كانت به
فاحتضنت أماني لصدرها الطفلانِ
قالت له مؤنبة بصوتها معاتبة
ألست أنت المؤتمن إيصالنا في مأمن
خيانة الأمانة ترديك في المهانة
قال كفى سئمتُ من وعظكِ قرفت
هبيني الآن نفسك إذا اردت طفلكِ
قالت له خسئت إن شرفي أردت
قيدها بالحبل أنذرها بالويل
وغيب الطفلان عن أمهم أماني
فباعهم نخاسة بدرة ألماسة
قال لها يا ويحكِ حياتكِ أو وصلكِ
قالت له حياتي أغلى من المماتِ
ولكن بتُّ مشعثة ملابسي مهلهلة
بنفسي دعني أختلي لأرتدي من حللي
والعطر عندي الأفضل حتى أكون الأجمل
قال لكِ ....ولكن ...!! بربطكِ أراهن
حتى تكوني في يدي بكِ أزيل وحدتي
أرخى لها الحبل إلى خلف الشجيرات غدا
فسارعت من فورها لفكه من رجلها
بالجذع لفت قيدها وأحكمت من شدها
ثم جرت مرتابة هاربة للغابة
ثم إلى المراعي حتى التقت براعي
أصابها الأعياء داهمها الإغماء
أيقضها ذاك الولد كأس حليب قد أعد
وبعد شرب الكأس توهجت في الرأس
خطتها البديلة تنكراً وحيلة
قالت له تُبادل بملبسي فعاجل
تعطيني تيساً أجدع وثوبك المرقع
وتأخذ الحرير من عندي يا صغير
جواهري النفيسة تأخذها رخيصة
وارتدت الأميرة ملابساً حقيرة
والتيس في الحال ذبح لسلخه كانت تلح
فالجلد كان الغاية ومقصد الحكاية
به قد أخفت شعرها حتى يُظن أنها
ليست فتاة بل ولد صلعاء لا تخشى أحد
قريعان أسمت نفسها وحاذت بيت أهلها
نادت بصوت عالِ توضح في المقالِ
ألا تريد ساعي أو صانعاً أو راعي
أطل في الباب عمر ونادى لطفاً انتظر!!
ماذى تُنادى يا ولد ؟ أخبرني يا وجه السعد!!
قريعان أضحى إسمي نادى علي قومي
يعرفه!!ظن عمر وقد أطال في النظر
وفجأةً كان يرى وجه أماني قد بدا
فهز رأساً وضحك هل يشبه القرد مَلََك
بالأجر كانت تعمل لأهلها في المرجل
في ذات يوم قد دعا أباها أشراف الورى
كان الأمير حاضر كذا الوزير الكاسر
وسالمٌ والجارة وكل ذي جدارة
قال أخاها ماهر بقوله يجاهر
نريد من يحكي درر وقائع كانت عبر
تقدم قريعان يحكي بلا استئذان
عندي لكم حكاية حزينة للغاية
لنهره همَّ عمر قال أباه إنتظر
ودعه فوراً يحكي قصته و يروي
تحدث قريعان بصوته الرنانِ
كان هناك عائلة دينة وفاضلة
وقصت كل أمرها حتى بلوغ أهلها
ثم تداعت قائلة لدمعها مناضلة
هل حفظ شخص للشرف قد أصبح اليوم ترف
أجيبوا يا من قد حضر ثم ابلغوني ما الخبر
بكى التقي هاني معانقاً أماني
هل تغفري لي زلتي بشكي فيكِ يا ابنتي
قالت له يا أبتي فداك روحي مقلتي
خجلان جاء ماهر لعفوها يثابر
يتبعه ظلَّ عمر يرجوها جاء يعتذر
فاعتذروا عما مضى من الشكوك والأذى
ثم أتاها زوجها مقبلاً لرأسها
أميرتي لا تقلقي أطفالنا سنلتقي
أما اللقيط سالم من قام بالمظالم
عذابه نهارا على الملآ جهارا
والجارة الغدارة من رتبت للغارة
ستنفى في كوخ قصب كمن أصيب بالجرب
أما الوزير الفاسد من حضر المكائد
في السجن سوف يلقى لا خير فيه يرجى
بعد التعذيب قد أقر ذاك الوزير بالخبر
ببيعهِ الطفلين ممهداً للشين
طاف الأمير في البلد يسأل كل من يجد
يبحث عن طفليهِ ونور مقلتيه
وأجزل العطايا وضاعف الهدايا
أخبره شيخٌ حكى يوجد في أقصى القرى
بيت كبير عامر صاحبه مثابر
لنصرة الفقير وساعياً بالخير
فاذهب إليه علكم تحظون ما يهمكم
أفاده ذاك الرجل أخبره على عجل
بشراك مولاي أنا أكرمت طفليك لذا
لا تخشى سوءاً مسهم بخبرتي عرفتهم
بنو كرام قومنا عاشوا النعيم عندنا
كافأهُ أميري بالذهب الكثير
أما أماني قد بكت فقد بنيها قد شكت
إلهي يا رب الورى تعلم ما كان .. جرى
رد إلي سعدي وفلذة لكبدي
قد غيبا عن ناظري إلهي أنت ناصري
بين دعاءٍ وبُكا فإذا الأمير قد أتى
وأحضر الطفلان لأمهم أماني
فعاشوا في سعادة والخير في زيادة
المفضلات