لأن العبادة هي استثمار الحياة باتجاه معين, فإن الخلافة والعبادة مترادفان فالعبادة هي خلافة عندما تفهم بأنها إعمار للأرض والخلافة في الأرض هي عبادة. تلاحم هذا المعنى ينتج بُعدًا يرى وجود "هدف" ومقصد في كل شيء. { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً...} يأمر الله عبر نبيه موسى بني اسرائيل بذبح بقرة, عمل تعبدي تقليدي شائع جدًا في معظم الديانات لكن هذا الذبح بالذات كان له هدف حيث أحيا الله القتيل لدقائق أخبرهم فيها بقاتله الذي كان من الورثة وصار كشف القاتل هنا تشريعًا (القاتل لا يورث) فذبح البقرة له هدف مزدوج: تبيين قدرة الله على إحياء الموتى, وتبيين حكم شرعي متعلق بأحكام الإرث. لكن وقف بنو اسرائيل أمام فرض إلهي بسيط مجرد ذبح بقرة موقف شديد التعقيد!! لقد كانت البقرة تفصيل آني في طريق الوصول إلى المقصد النهائي, لقد ذبحوها وما كادوا يفعلون!. ولو دققنا النظر في أوضاعنا مع تفاصيل العبادات ومقاصدها لوجدنا أننا أقرب إلى اليهود, ففي كل هيئة من أركان وسنن الصلاة مثلاً- ابتداءً من النية حتى التسليم- توجد تراكمات من التفاصيل والجدال. لا خلاف على ضرورة تحري الهيئة الصحيحة لكن تراكم التفاصيل الخلافية يضيع الغاية والمقصد من الصلاة نفسها.. إننا نتجادل ونكثر من التشددات حتى نصلي وما نكاد نفعل!!
القرآن لحياة أيسر




المفضلات