في مثل هذا اليوم اغترفت الجزائرُ الإستقلالَ بكِلتا يدَيها وانتزعته بالقوّة
من " الإستدمار " الفرنسيّ الغاشم الذي نخرَ وهدم كيانها وشعبها لمّدة 132 سنة .

في مثل هذا اليومّ إنتهت مسيرة
الثورة التحريريّة التي كانت تتويجاً لنضال شعبٍ
عربيّ أمازيغيّ مسلِم ، شعبٌ ضاق ذرعاً من المجازر والتهميش والتعنيف والإحتلال
وأدركَ بأنّ "
ما أُخِذَ بالقوّة لا يُسترجَع إلّا بالقوّة " .. فأطلقَ العنان لثورته التي
اندلعت شرارتُها من " جبال الأوراس " ،
وتحدّى بل و قهرَ أعظم قوّة في ذلك الوقت :
فرنسا المدعومة بحلف النّاتو الأطلسيّ .

فلتسجِّل يا تاريخ بأنّ ثورة بلادي هي
أعظم ثورة في القرن الماضي ، ولْتـَحنِ كلّ ثورات
العصر الحديث رؤوسَها احتراماً وتقديراً للثورة الجزائرية المجيدة .

وسجّل أيضاً بأنّ شهداء بلادي لم يستعرضوا عضلاتِهم بـ " المراوِح " ، بل صعدوا إلى الجبال
ينشدون شيئين لا ثالث لهما :
الإستقلال أو الشهادة ، وقد نالوا كليهما ! فهنيئاً لهم .



ولا تنسَ أن تسجّل بأنّ شهداء بلادي
ابتسموا في وجه الموت والتعذيب !!
فهاهوَ ذا الشهيد البطل " محمّد العربي بن مهيدي " أحد مؤسّسي الثورة يبتسِم عند اعتقاله ،
واستُشهدَ بعد أن أعطى لِجلّاديه درساً في البطولة والصبّر ، إذ لم يتمكّنوا من استخراج
اعتراف واحدٍ منه أو وشاية برفاقه الثوّار بالرّغم من وطئة العذاب الشديد المسلَّط عليه .
وفاضت روحه الطّاهرة بعد تمّ سلخ جلد وجهه بالكامل .

إذا سأتني عن بلادي .. فسأخبرك بأنّ كلّ شبرٍ منها ، من بحرها إلى صحرائها ، ومن مغربها
إلى مشرقها ،
مشبّع بدماء طاهرة نقيّة انهمرت كالودَق على أرضها المباركة .

وإذا سألتني عن " مليونيّة الشهداء " .. فسأخبرك بأنّ شهداء بلادي ليسوا أرقاماً ،
بل هم أساطير بطوليّة مجيدة وَخالدة .

وإذا سألتني عن نفسي .. فسأخبرك بأنّي
جزائريّ وأفتخر ،
ولو لم أكن جزائريّاً لتمنّيتُ أن أكون كذلك !