× × ×
الحديث عن التنويم أقرب لجلوس إلى دائرة مستديرة مع غجرية تتصنع رؤيتها للمستقبل
من خلال بلورة رخيصة حصلت عليها من متجرٍ للأشياء المستعملة ،،
أو غسل للأدمغة و تحكم عن بعد برقبة أحدهم ،،
وأشياء من هذا القبيل ÷
على الأقل هذه هي الصورة في ذهن أي جاهل بآخر خاصيات وخصوصيات علم النفس ،،
لكن أن يمتلك مثقف هذه الفكرة هذا شيء أخطر من خداع الدجالينوالمشعوذين وأعسر
لا أتحدث عن نفسي أعلاه،، قطعًا أنا مع الجاهلين فقد كنت أحمل نظرة عوراء عن التنويم
ولا أدري ‘إن كان أغلبكم شاركوني أو يشاركون في هذه الفكرة الخاطئة عنه //
حيث أن التنويم المغناطيسي ـ كـان ـ بالنسبة لي هو التحكم في فرد حر و بإرادته
والتدخل في خصوصياته ، نبش ما يختار كتمه و التعدي على مساحته الخاصة //
و تحويله لمسخ أو دمية في يد منوِّمه ،، كفرانكشتاين
لكن دومًا يكون هنالك حقيقة أخرى عندما يتعلق الأمر بمعتقداتي التي أسوغها لنفسي في طفولتي
واحتفظ بها رغم كبري لحد فتح نوافذي على آفاق جديدة ،،
التنويم المغناطيسي '{ الفعلي }' هو دخول العقل و الأعضاء في حالة شبيهة بالنوم أو حالة ما بين النوم و اليقظة
من أجل استحضار العقل الباطن أو اللاشعور أو اللاوعي والذي هو مفهوم يشير إلى مجموعة من العناصر التي تتألف منها الشخصية، بعضها قد يعيه الفرد كجزء من تكوينه، والبعض الآخر يبقى بمنأى كلي عن الوعي. وهناك اختلاف بين المدارس الفكرية بشأن تحديد هذا المفهوم على وجه الدقة، إلا أن العقل الباطن على الإجمال هو كناية عن مخزن للاختبارات المترسبة بفعل القمع النفسي، فهي لا تصل إلى الذاكرة. ويحتوي العقل الباطن على المحركات والمحفزات الداخلية للسلوك، كما أنه مقر الطاقة الغريزية الجنسية والنفسية بالإضافة إلى الخبرات المكبوتة ... كنت أقول من أجل استحضار العقل الباطن في عملية الوصول للب الفرد واستدعاء طفولته أو ذكريات تراكمت بعيدًا عن السطح في منهجٍ لتخلص من عادات سلبية أو تحسين أداء وظيفي وحل مشكلات نفسية متفاوتة عن طريق بما يسمى بالإيحاء
ويكون ذلك طوعًا طبعا، وليس تحت تأثير السحر أو قوى خارقة إذ تعود فعالية التنويم للمُنَوَم نفسه وطواعيته ودوافعه
وقبوله للدخول في هذه الحالة-التنويم أو حالة ما بين النوم واليقظة-التي أثبت العلماء أنها جزء فطري طبيعي في السلوك البشري...
فهنالك أفراد يستقبلون التنويم؛ أي لهم استعداد للتنويم،
وآخرين لا يمكن تنويمهم، بمعنى أن المنَّوِم لا يجبر المريض على الانصياع له وتنويمه
فيركض خلفه كالمجنون في محاولة للتحكم في عقله، بل الأمر يعود للمريض نفسه إن كان قابلًا أو يريد التنويم
و يستخدم هذا الأخير في نطاق العلم تحت إشراف أطباء مختصين و أكفاء في علاج أمراض نفسية أو عضوية شتى
بالإضافة لسلوكيات غير مرضية وغير مرغوب فيها.
يطبق التنويم ضمن منهج محدد مسطر وذلك من طرف أطباء النفس في حالات بسيطة وأخرى أكثر تعقيدًا
تستدعي استعماله في علاج المريض ،،
بعد أن تخلل التنويم إشاعات ومخاوف لا حصر لها واتهم ممارسوه-أغلبهم أطباء-بالدجل والشعوذة
مما تسبب لهم بالطرد أو القتل أو الحرمان من ممارسة عملهم أو أبحاثهم انقشعت الغيوم من حوله
و ظهرت ملامحه الطيبة التي حولته من مقام دنيء إلا مجالس الطب و العلاج الناجع المعترف به عالميًا //
عُرف التنويم منذ القدم بمسميات و أشكال عديدة و مورس على اختلاف الحقب و العصور ،،
أقربها لنا في النصف الأخير من القرن الثامن عشر حيث اكتشف القس الفرنسي lenoble طريقة لعلاج بعض الأمراض و هذا عن طريق تدليك الأعضاء المصابة بقطعة معدنية ممغنطة، و تم بذلك شفاء العديد من الأمراض ،، ثم أعقبه العالم ألماني الأصل نمساوي الجنسية فرانز أنتون ميسمر الذي يعود له الفضل في التطور العلمي للتنويم المغناطيسي وقد أطلق على نظريته المغنطيسية الحيوانية.
و رغم بعض المغالطات الغير مقصودة التي صدرت منه ،،
فقد اعتقد بعض الناس في الماضي أن المرض ينشأ ويتطور عندما تٌقطع سبُل السوائل المغنطيسية الخفية، أو يساء توزيعها. واستخدم ميسمر حوض استحمام وعصيًا مغنطيسية، لتوجيه السوائل المزعومة نحو مرضاه، وادّعى كثير من المرضى شفاءهم بهذه المعالجة.
وفي عام 1784م تشكّلت لجنة فرنسية للتحقيق في مزاعم مسمر وأتباعه. وقررت اللجــنة أنه لا وجود لهذه السوائل المغنطيسية. وفُسرت حالات الشفاء، بأنها وليدة خيالات المرضى و لا احد ينكر مدى فائدة مخادعة العقل للشفاء من الأمراض مثل ما صادفني يومًا في شريط وثائقي ورد فيه تناول مجموعة من السيدات لحبوب لا تحوي على أي مادة كيميائية فعالة على أنها حبوب لقطع الشهية و خفض الوزن ليفقدن فعلا بعضًا من وزنهن خلال شهر رغم أن تلك الأقراص غير مجدية و مزيفة
.
رغم هذا فقد ساعد كثير من مرضى مسمر وطلابه على نشر فكرة المغنطيسية الحيوانية. حتى صارت تدعى بالمسمرية//.
و واصل تلاميذ هذه المدرسة إجراء تجاربهم باستخدام بعض وسائله، لكن سرعان ما اكتشف بعضهم، أنه لا لزوم و لا منفعة من هذه المغنطيسيات أو السوائل.
أما في الدراسات العلمية البحتة كان أول من استخدم مصطلح التنويم المغنطيسي هو الطبيب البريطاني ''جيمس بريد''، درس الإيحاء وحالة التنويم في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. أوضح ''بريد'' أن هذه الحالة مغايرة للنوم المعروف، فهي حالة استرخاء يتصفى فيها الذهن و يكون قابلا لاستقبال الإيحاءات، وأن التنويم المغناطيسي مجرد استجابة جديدة ليست وليدة قوى إكراهية مفروضة ،
و قد حاول بجهد تعريف التنويم المغناطيسي على أنه ظاهرة يمكن دراستها علميًا.
وفي نفس الفترة بدأ طبيب آخر و هو الأسكتلندي''جيمس إســدايل'' ، كان يعمل في الهند، باســتخدام التنويم كمُخَدِر في العمليات الجراحية الرئيسية، بما فيها عمليات بتر الساق. وقد أجرى زهاء 200 عملية باستخدام التنويم.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أجرى طبيب الأمراض العصبية الفرنسي ''جان مارتن شاركو''، تجارب تعتبر حدثاً في تاريخ استعمال التنويم. ووجد أن التنويم يلطف كثيرًا من حدة الحالات العصبية مما جعله فعالا و مساعدًا في علم أو طب النفس ، وقد انتشرت سمعة عيادته لعلاج الأمراض العصبية في ذلك الوقت، و وصل خبرها لكثير من معاصريه من علماء النفس كالفرنسي ''ألفرد بينيه''، والطبيب النمساوي ''سيجموند فرويد''.
في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي درس الطبيبان الفرنسيان ''هيبوليت بيرنهايم'' و ''أوجست ليبو''، الدور الذي يقوم به الإيحاء في إحداث حالة التنويم. كما استخدما التنويم لمعالجة أكثر من 12,000 مريض.
أما ''فرويد'' فاهتم خاصة بنتائج أعمال ''شاركو'' و ''بيرنهايم''، واستخدم التنويم في دراساته المبكرة لحالة اللاوعي. إلا أنه تخلى لأسباب عديدة عن استخدام التنويم في عيادته، رغم مواصلته اعتبار التنويم ظاهرة مهمة تستحق البحث. كما أنه عدل في أواخر عمره نظرته السلبية إلى التنويم.
وفي أوائل القرن العشرين حاول العالم الفيسيولوجي وعالم النفس الروسي ''إيفان بافلوف'' اكتشـــاف سبب عضوي للتنويم؛ إذ اعتقد أن حالة التنويم تقوم على أساس التثبيط أو الاختصار لاندفاعات عصبية في الدماغ.
وشاع استخدام التنويم المغنطيسي على يد الأطباء وعلماء النفس خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ إذ استخدم التنويم لمعالجة الإعياء في أعقاب المعارك والاضطرابات الذهنية الناجمة عن الحرب. وبعد الحربين وجد العلماء استخدامات إضافية للتنويم في العلاج الطبي .
يرجى عدم الرد



رد مع اقتباس

المفضلات