أهلاً ومرحباً بكم وطاب كل يوم هو لكم يا أحبة
سأطرح اليوم المشهد السابع من مسرحية من الوريث
فتابعو معي واستمتعوا من أجلي
المشهد السابع
ديوان فسيح يجلس في صدر مجلسه رجل كهل قد جاوز الأربعين وهو القاضي نبهان
والأشقاء الثلاثة مع المدعين الثلاثة واقفون بين يديه
القاضي : ما تكون قصتكم تكلموا بوقار وأفصحوا باختصار
يتقدم صاحب الناقة بتأني
صاحب الناقة : سيدي القاضي لقد سرق هؤلاء الثلاثة ناقتي
القاضي ( يتوجه إلى الأشقاء الثلاثة بنظره ) : هل سرقتم ناقته ؟
يجيب الثلاثة بصوت واحد : لا ... نقسم أننا لم نرى ناقته
( يعود بنظره إلى صاحب الناقة )
القاضي : كيف تقول أنهم سرقوا ناقتك هل رأيتهم ؟
صاحب الناقة : كلا يا سيدي لم أرهم بعيني لكنهم أعطوا وصفاً دقيقاً لها .. كيف ذلك إن لم يكونوا قد رأوها ؟
القاضي : حسناً ما قولكم ؟
محمد الأول : عندما مررنا بشجيرات وجدناها أُكلت من جانب وتُركت من الآخر فعلمت أن من مرت بها عوراء
تأكل من جانب عينها السليمة وتترك جانب عينها السقيمة
محمد الثاني : وأما كيف عرفت أنها عرجاء فعندما مررنا بآثار خفها وجدنا ثلاثة واضحة والرابع غير واضح
كأنها تخشى من الضغط عليه فعلمت أنها عرجاء
محمد الثالث : وأما كيف علمت أنها بتراء فكما هو معلوم أن قذارة الناقة تكون مبعثرة
لآنها تبعثرها بذيلها وهذه القذارة كانت بخط مستقيم فعلمت أن هذه الناقة مقطوعة الذنب
القاضي موجهاً كلامه لصاحب الناقة : سمعت كلامهم وعلمت جواب سؤالك فانصرف لشأنك ولا تريني وجهك
الزوج وهو يتقدم بين يدي القاضي : أنا يا حضرة القاضي لي عندهم مظلمة زوجتي .. زوجتي يا حضرة القاضي هربت مع ابني وهم من خبأها عني
القاضي : هل لديك شاهد على ما تقول
الزوج : بالتأكيد يا حضرة القاضي فلقد أخبروني بما تلبس وما تحمل وليس الأمر كناقة البدوي إذ كيف لهم أن
يعلموا وصفها دون رؤيتها ( وقص على القاضي كل ماذكروه من أوصاف الزوجة )
أشار القاضي للأشقاء وقال :
القاضي : ما جوابكم ؟ أنت .. ( وأشار إلى محمد الأول ) كيف علمت أنها تحمل طفلاً ؟
محمد الأول : نظرت إلى أثار أقدام مررنا بها فوجدت أن أحد الأثرين أعمق من الآخر فعلمت أنها تحمل طفلاً
هز القاضي رأسه مقتنعاً بحجته ثم أشار لمحمد الثاني وقال وأنت ؟ كيف علمت أن شسع نعلها مقطوع ؟
محمد الثاني : من الآثار يا سيدي فأحد الأثرين واضح لثبات النعل فيه والآخر سحب سحباً فعلمت أن شسع نعلها مقطوع فتخشى رفعه حتى لا يسقط من رجلها
تمتم القاضي لنفسه (مقنع جداً) ثم أشار للثالث وقال :
وأنت ؟ كيف علمت أن ثيابها بالية فهذه لا تترك أثراً
محمد الثالث : أنت مخطئ بهذا يا سيدي فثياب الخيش تكون قاسية خشنة وثيابها قد تركت خطوطاً على مسارها فعلمت أنها من الخيش وبالية لأنها تتدلى منها خيوط ترسم أثراً خلفها
درس القاضي وجوه الأشقاء وقرأ الصدق في محياهم نظر إلى الزوج وقال :
سمعت كلامهم وعرفت جواب سؤالك .. إذهب أيها الرجل وابحث عن زوجتك في مكان آخر
تقدم الكهل وقال سيدي القاضي أنا أسحب شكواي فمما سمعته وشهدته هنا أيقنت أنهم لم يشاهدوا عبدي ولا عرفوه !
لكن فضولي تعاظم وأستميحكم سيادة القاضي بسؤالهم عن تفسير معرفتهم بأوصاف عبدي ؟
تنحنح القاضي وقال : ( مخاطباً الإخوة ) لقد سحب الرجل شكواه ولستم مضطرين أن تجيبوا مطلبه
قال محمد الأول : لا مانع سيدي القاضي
القاضي : إذن ؟ كيف عرفت أنه كسيح ؟
محمد الأول : لقد رأيت آثار أقدامه ! كان بينهما فجوة متقاربة من الكعبين متباعدة عند الأصابع
يسحب إحدى قدميه سحبا فيطيل أثرها .. فعلمت أنه كسيح
محمد الثاني : وأنا وجدت أثر زر في إحدى تلك الآثار المتقاربة المتباعدة يبدو أنه سقط فطبع رسم النقش على الزر
في الأثر وكان نقشاً واضحا لا زوائد فيه فعلمت أنه لزر من الذهب
محمد الثالث : ولا داعي لأخبرك كيف علمت بأمر العصا فأثرها واضح بين خطواته
وعمق ما تركت من أثر يدل على أنه يستند عليها فعلمت أنه يحملها دوماً معه لتعينه على السير
القاضي (وقد أعجب بنباهتهم وارتاب بسبب حضورهم إليه وماهية قضيتهم) :
أبنائي أطلب منكم البقاء في ضيافتي بعد أن يفض مجلسي لنتجاذب أطراف الحديث
( متمتماً لنفسه ) ولأراقب تصرفاتكم وأتبين حقيقة أمركم
يتبقى لنا المشهد الثامن والأخير فاتركوا له بعض الفشار


رد مع اقتباس

المفضلات