هيروشيما وناغاساكي، مأساة القنبلة الذرية
راااائع للغاية.. ألمّ بكل ما يتعلق بالحادث المأساوي.. فإن أردت التعرف على الجانب الإنساني وقصة يوم إلقاء القنبلة فستجد مرادك، وإن أردت التعرف على تاريخ المدينتين وسبب اختيارهما لإسقاط القنبلتين عليهما فستجد مرادك.. وإن أردت التعرف على تفاصيل الحرب وأسبابها فستجد مرادك.. وإن أردت التعرف على تاريخ التسلح النووي والحركات المناهضة له فستجد مرادك.. وإن أردت التعرف عن الطاقة النووية وكيفية تكونها وأول من اكتشفها فستجد مرادك كذلك!
هو باختصار كتابٌ شاملٌ لكل ما يتعلق بالقنابل النووية تاريخيًا وعلميًا وإنسانيًا..
قصص الفصل الأول من الكتاب كانت مبكيةً ومؤلمةً للغاية :"( شاهدتُ مرةً مقتطفاتٍ من فيلم أنمي لم أجرؤ على متابعته بالكامل.. كان يتحدث عن إسقاط القنبلتين، وقصة الفيلم حقيقية كاتبها هو بطل الفيلم نفسه :"(
أحببتُ وصف مدينتَي هيروشيما وناغاساكي والطبيعة فيهما.. أغراني وصفه للبحث عن صور الطبيعة في المدينتين عبر الإنترنت، وكانتا غايةً في الجمال والإبداع، فسبحان من أبدعهما ♥
عرّفني الكتاب كذلك على دولة "منشوريا" التي لم تعد موجودة بطبيعة الحال.. كانت المرة الأولى التي أسمع فيها عنها.. كما عرفت الكثير عن تاريخ وثقافة اليابان بشكلٍ عام.. هناك بعض العادات التي كنا نراها في الأنمي واتضح أن أصلها يعود إلى فترة الحرب، مثل مسيرات الفوانيس أو علبة الطعام التي تحوي الرز والبرقوق المجفف في الوسط لتمثل شكل علم اليابان..
المآسي التي خلفتها الحرب وإلقاء القنبلتين كانت متعددة ومتشعبة ومتسعة.. فهناك مأساة تجنيد الشباب، وعمالة الأطفال الذي يعتقدون من أعماقهم أنهم يخدمون بلدهم بهذا، وإخلاء الطلاب الصغار من المدن ليعيش الأطفال منعزلين عن أهلهم دون ذنبٍ اقترفه أيٌّ منهم، ثم هناك مأساة الإشعاعات النووية التي عانوا منها كثيرًا.. لقد تغيرت اليابان بخسارتها المفجعة هذه، رغم أنها من بدأ الحرب وتابعتها بغطرسة.. ولم تكن الضحية سوى الشعب المسكين الذي قدم كل شيءٍ عن طيب خاطر ظنًا منه أنه يخدم وطنه..
من القصص التي تأثرتُ بها حين قرأتُها قصة الأم التي أنجبت طفلها مشوهًا بسبب الإشعاعات النووية، وكيف وقفت هي ووالده إلى جانبه طوال مشوار حياته.. موقف تدريبه على التقاط الطوب حتى لا يخطئ في عمله كان مؤثرًا بشكلٍ خاص.. فهي لم تتركه حتى بعد ما عانته معه طوال هذه السنين :"(
انتقل الكاتب بعدها لوصف الطاقة النووية بطريقة مبسطة وسلسة.. سبحان من أبدع مثل هذه الطاقة الهائلة من شيءٍ لا نراه بأعيننا.. فالطاقة النووية هي مجرد تعويضِ تطلقه الذرة لتصل لحالة التوازن بعد أن يعبث أحدٌ بتوازنها.. ولكن البشر استغلوا هذه الطاقة والهبة العظيمة في الدمار..
ثم وصل الكاتب إلى إسقاط القنبلة.. كانت اليابان توشك على الاستسلام ولكن أمريكا أصرت على إسقاط القنبلة لأن هدفها أساسًا كان احتكار واستعراض القوة أمام الاتحاد السوفييتي، وتجربة قنبلتها الجديدة.. يريك هذا كم من الممكن أن يصبح البشر متوحشين وأنانيين إن تركوا إنسانيتهم جانبًا.. لقد حرصوا على استهداف المدنيين عمدًا مع علمهم بمدى الدمار التي ستحدثه القنبلة وإشعاعاتها، فقد كان كل هذا يخدم أهدافهم ومصالحهم..
وفوق هذا فقد اعتبرت أمريكا المدينتين بمثابة حقل تجارب كان عليها أن تجمع نتائجه.. أذكر أنني شاهدتُ مقطعًا وثائقيًا مؤلمًا -كما أذكر- عن الأبحاث التي أجريت على المصابين الذين صاروا حرفيًا فئران تجارب يراقبها العلماء وكأنما هي مخلوقاتٌ غريبة..
ذكر الكتاب كذلك أن نصف الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء هدفها هو مراقبة أو التحكم بالقنابل النووية! ذكرني هذا بشخصٍ يحطمني دائمًا كلما تأملتُ النجوم بقوله: أنتِ لا تتأملين نجومًا بل أقمارًا صناعية XD
سباق التسلح النووي وتكلفته الخيالية والخطورة الرهيبة للتسرب النووي من المفاعلات كلها أمورٌ مثيرة للاهتمام تعرض لها الكاتب بالتفصيل وبأسلوبٍ جذابٍ غير منفر.. أظن -للأسف- أنه إن كانت حربٌ نووية بين الدول العظمى فقد تكون ساحتُها هنا في الشرق الأوسط الذي أضحى ساحة معاركٍ لهم يصفون فيها حساباتهم!
وبعد كل هذه الثرثرة أقول إنه كتابٌ يستحق القراءة وأنصح به بقوة!
رد مع اقتباس


المفضلات