( والكاظمين الغيظ )

وهم الذين إذا ثار بهم الغيظ كظموه، بمعنى : كتموه فلم يعملوه ، وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم

وقد ورد في بعض الآثار : " يقول الله تعالى : ابن آدم ، اذكرني إذا غضبت ، أذكرك إذا غضبت ، فلا أهلكك فيمن أهلك " رواه ابن أبي حاتم .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " رواه الشيخان من حديث مالك .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تعدون فيكم الصرعة ؟ " قلنا : الذي لا تصرعه الرجال قال : قال " لا ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب " .
أخرج البخاري الفصل الأول منه وأخرج مسلم أصل هذا الحديث من رواية الأعمش .


وورد عن جارية بن قدامة السعدي ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قل لي قولا ينفعني وأقلل علي ، لعلي أعيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تغضب " . فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارًا ، كل ذلك يقول : " لا تغضب " .



وعن أبي الأسود ، عن أبي ذر قال : كان يسقي على حوض له ، فجاء قوم قالوا أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه فقال رجل : أنا . فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه ، وكان أبو ذر قائمًا فجلس ثم اضطجع فقيل له : يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
ورواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل بإسناده

وورد عن أبي وائل الصنعاني قال : كنا جلوسًا عند عروة بن محمد إذ دخل عليه رجل ، فكلمه بكلام أغضبه ، فلما أن غضب قام ، ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال : حدثني أبي ، عن جدي عطية - هو ابن سعد السعدي ، وقد كانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا أغضب أحدكم فليتوضأ " .
وهكذا رواه أبو داود من حديث إبراهيم بن خالد الصنعاني

حديث آخر : عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسرًا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم ، ألا إن عمل الجنة حزن بربوة - ثلاثًا - ألا إن عمل النار سهل بسهوة. والسعيد من وقي الفتن ، وما من جرعة أحب إلى الله [ عز وجل ] من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه إيمانا ".
انفرد به أحمد ، إسناده حسن ليس فيه مجروح ، ومتنه حسن .

حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رءوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء " .

وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تجرع عبد من جرعة أفضل أجرًا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله " .
وكذا رواه ابن ماجه عن بشر بن عمر ، عن حماد بن سلمة ، عن يونس بن عبيد.

فقوله :( والكاظمين الغيظ ) أي : لا يعملون غضبهم في الناس ، بل يكفون عنهم شرهم ، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل .