2_ النمط الوصفي: يجب أن ندرك أن الوصف أنواع متعددة، فإن اكتفينا بوصف سريع موجز، فهذا وصف مُجْمَل، أما إن توسعنا في الوصف، فهذا وصف مُفَصَّل، ولكن الأكثر أهمية من هذا أن ندرك أن لدينا أنواعًا أخرى من الوصف لا مؤشرات لها، وهي الوصف الداخلي، والوصف الخارجي، أما الوصف الداخلي، فإننا نذكر في صفات الموصوف مثلًا أنه كريم النفس، طيب القلب، لطيف المحضر، فإذا تكلمنا عَمَّا يمكن ملاحظته عيانًا، كأن نقول إنه طويل القامة، أسنانه بيضاء، عيناه سوداوان، فهذا هو الوصف الخارجي، فإذا ما اجتمع في نص واحد هذان الوصفان، الداخلي والخارجي، فإنهما يشيران إلى مدى اهتمام الكاتب بالموصوف وتعلقه به.
أما أنواع الوصف التي لها مؤشرات، فهي نوعان اثنان، الوصف الموضوعي أو التقريري، ويعتمد تصوير الموصوفات كما هي، بتجرُّد، من دون أن نذكر ماذا تمثَّل لنا، فإذا ذكرنا ذلك، أي إذا وصفناها وفق مشاعرنا وأحاسيسنا تجاهها، كان لدينا الوصف الوجداني، أو الأدبي، أو الذاتي.
وكلٌّ من الوصفين له مؤشراته الخاصة به، وبشكل عام تُشَكِّل مؤشرات الوصف الموضوعي جزءًا من الوصف الوجداني، الذي يتميَّز بالجمال الأدبي والخيال الواسع، ما يجعله أكثر تشويقًا للقارئ، ولكن يجب أن يدرك تلميذ الأساسي السابع، وتلميذ الأساسي الثامن، أننا إذا طلبنا منه الوصف الموضوعي، فليس له أن يستخدم التعابير المجازية والصور البيانية، والعكس صحيح
[1].

وبكل الأحوال، إذا ما كان الكاتب يمزج بين الوصفين، الموضوعي والوجداني، واحتار الطالب في نوع الوصف، فإن لدينا مؤشرين أساسيين، مشتركان بين الوصفين، وهما:
أ_ كثرة الصفات على أنواعها: (الخبر، الحال، النعت) [2].
ب_ أدوات الربط المتعلقة بالمكان (أمام، فوق، تحت، حيثُ، يمين، يسار)
[3]...


أما المؤشرات المتنوعة المختلفة بين نوعَي الوصف الأساسيين
[4]، فهي وفق الجدول الآتي:
[TABLE="class: MsoTableGrid"]
[TR]
[TD]الوصف الموضوعي/التقريري
[/TD]
[TD]الوصف الوجداني/الأدبي[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ضمير الغائب[/TD]
[TD]ضمير المتكلم[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD="width: 355"]الجمل الاسمية [/TD]
[TD="width: 355"]غلبة الصور المجازية (التشابيه، والاستعارات).[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD="width: 355"]الأفعال الماضية[5][/TD]
[TD="width: 355"]الجمل الفعلية المضارعة[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD="width: 355"]الأسلوب الخبري[/TD]
[TD="width: 355"]الأسلوب الخبري المؤكد والأسلوب الإنشائي[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD="width: 355"]حيادية الكاتب في نقل الصفات مثلما هي
[/TD]
[TD="width: 355"]مشاعر الواصف وأحاسيسه تجاه ما يصف[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
ولا ننسى، تذكيريًا، السؤالين الأساسيين هنا:
[TABLE="class: MsoTableGrid"]
[TR]
[TD]السؤال
[/TD]
[TD]الإجابة[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ماذا أفادت الجمل الاسمية في الوصف؟[6]
[/TD]
[TD]أفادت الثبات والتعريف والإيجاز[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD="width: 355"]ماذا أفادت الجمل الفعلية في الوصف؟
[/TD]
[TD="width: 355"]أفادت الحركة والحيوية والتجدد والاستمرار.[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
وهذا نموذج في الوصف الوجداني:
البحر
[TABLE="class: MsoTableGrid"]
[TR]
[TD] 1_ البحر عالم بلا أبواب، يفتح ذراعيه مستقبلًا زائريه من جميع الجهات. عالم ندخله متى شئنا دون استئذان. تشرد في اتساع صدره أحلامنا راحلة إلى البعيد، فأي سر يحمله البحر في داخله؟
2_ إنَّ في سكونة غفوةَ طفلٍ يتهادى مع مراكبِهِ المبحرَةِ على سريرِ الأحلام، قاطفًا من هديلِ الموجِ نعاسَه الأبديَّ. وفي صمتِهِ عشقٌ يطفو على مراكِبِ الارتحالِ، يمتدُّ إلى أبعدِ مدى، وفي كلامِهِ تَحَدٍّ وابتسامٍ
وصلابةٍ وليونةٍ.
[/TD]
[TD="width: 257"] ملحوظة:
هنا لا يوجد فراغ في الأساس، بل لدينا صورة بحر هائج، لكن الصورة لا تظهر بالنقل من النص إلى المنتدى

[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
3_ أيُّها البحرُ كم حمَلتَ على أمواجِكَ أحلامًا تفتَّحَتْ وراءَ حدودِكَ! وكم تَرَكْتَ على شواطِئِكَ قلوبًا ألهَبَتْها نيرانُ الفراق!
4_ أيها البحر، خذني فوق مراكِبك المبحرة لأقف لحظة بين أحضانك الدافئة، ازرعني مرآةً تقطف الضوء عن وجه القمر ليضيء دروب النجوم، واتركني عاشقًا أبديًا لوجهك المائل دائمًا في خيالي وروحي.
5_ كم أنتَ جميلٌ في صمتِكَ وسكونِكَ! عظيمٌ في اتِّساعِ صدرِكَ! وديع في انسيابِ أمواجِكَ الهائمةِ برمالِ الشواطئ!

6_ تُرى، لماذا تثورُ أيُّها البحر؟! أَلِأَنَّ صدرَكَ يضيقُ أحيانًا بهمُومِ الناسِ وآلامِها؟ أم لأَنَّكَ عاشِقٌ تفارِقُ دائمًا مَنْ تُحِبُّ دون وداع؟

7_ ليتَني مثلك، يا بحرُ، بعيدُ المدى، عميقُ القرار، متجدِّدٌ مع كلِّ موجةٍ، متكَسِّرٌ تحت أقدامِ مدينتي الجميلة!
داوود مهنَّا _ صورٌ من ضياء تأمُّلات وجدانية_ دار البنان للطباعة والنشر

إذًا، مؤشرات النمط الوصفي الوجداني، في هذا النص، هي الآتية:
أ_ كثرة الصفات: البحر عالم بلا أبواب، يفتح ذراعيه مستقبلًا، غفوة طفل يتهادى، أحضانك الدافئة، بعيد المدى، عميق القرار...
ب_ أدوات الربط المتعلقة بالمكان
[7]: جميع الجهات، مراكب مبحرة، أمواجك، شواطئك...
ت_ ضمير المتكلم: ندخله، شئنا، أحلامنا، ازرعني، اتركني...
ث_ غلبة الصور المجازية: البحر عالم بلا أبواب (تشبيه)، يفتح ذراعيه (استعارة)، تشرد أحلامنا (استعارة)، اتساع صدره (استعارة)، هديل الموج (استعارة)...
ج_ الجمل الفعلية المضارعة: يفتح ذراعيه، ندخله متى شئنا، يمتدُّ إلى أبعد مدى، يحمله البحر، طفل يتهادى، تشرد في اتساع صدره...
ح_ الأسلوب الخبري المؤكد: إنَّ في سكونه غفوةَ طفل، وفي صمته عشق، وفي كلامه تحدٍّ، أنَّ صدرك يضيق، أنَّك عاشق...
خ_ الأسلوب الإنشائي: فأي سر يحمله البحر في داخله؟ (استفهام تعجبي) أيها البحر (نداء)، كم حملت على أمواجك؟ (استفهام)، كم تركت على شواطئك قلوبًا ألهبَتْها نيران الفراق! (تعجب)، ازرعني مرآة (آمر)...
د_ مشاعر الواصف وأحاسيسه تجاه ما يصف: ليتَني مثلك، يا بحرُ، بعيدُ المدى، عميقُ القرار، متجدِّدٌ مع كلِّ موجةٍ، متكَسِّرٌ تحت أقدامِ مدينتي الجميلة!
وربما لا تظهر لنا كل المؤشرات بشكل واضح، ولكن النمط الوصفي يستبين لنا، من خلال الأوصاف الغزيرة وسواها من المؤشرات الرئيسة، وبالأخص مشاعر الكاتب.

[HR][/HR][1] أما بالنسبة إلى تلميذ الأساسي التاسع، فأيًا كان الوصف المطلوب منه، يجب أن يتمرن على تنويع الجمل بين الخبر والإنشاء، وتنويع الجمل الإنشائية نفسها، وكذلك استخدام الصور البيانية، لأنها من أساسيات التعبير الكتابي وفق التطوير الجديد في مادة اللغة العربية لهذا الصف، لذا؛ ينبغي أن نمرِّن طلاب صف الأساسي الثامن على ذلك، بدءًا من الفصل الثاني على الأقل.
[2] يتعلم الصغار بالإعراب أن الصفة هي النعت، وهذا صحيح، ولكنه ليس بدقيق تمامًا، ذلك أن النعت هو للصفات المتغيرة التي لا تثبت، بينما الصفة هي للصفات المتغيرة والصفات الثابتة على حد سواء، ومن هنا، الصفة أشمل من النعت.
[3] وقد يتمُّ ذكر الأمكنة نفسها مباشرة (النهر، القلعة، البيوت الكبيرة)... في حال كان الكاتب يُنَوِّع في الوصف، ولا يكتفي بوصف مكان واحد فحسب.
[4] يكفي أن يحيط تلميذ الأساسي السابع بثلاثةٍ من هذه المؤشرات، وتلميذ الأساسي الثامن والأساسي التاسع بأربعٍ منها، أو خمسٍ على الأكثر.
[5] المقصود هنا الأفعال الماضية ضمن الوصف، مثل "ارتَفَعَتْ أعمدتها، طَاولتِ السحاب...". أما إن كان التلميذ يمزج بعض السرد ضمن الوصف في موضوعه، كأن يقول: "قرَّرتُ الذهاب في رحلة إلى أثر سياحي"، فالفعل الماضي هنا لا علاقة له بالمؤشرات.
[6] للأفعال الماضية القيمة الدلالية ذاتها.
[7] ويدخل ذكر الأمكنة المتنوعة ضمن هذا المؤشر، كما نلحظ في الشواهد.