وهذان مثالان تطبيقيان حول النمط الإيعازي، لمن أراد التمرن على تحديد النمط والغاية منه، واستخراج المؤشرات مع شواهدها:

نص: (رسالة إلى ابني)

بُنَيَّ... هأنذا أكتب إليك اليوم ما دمت قد تهيأت لاستقبال عامك الرابع عشر. إنك الآن تودع طفولتك وتستعد لاستقبال رجولتك... إنك تبدأ فترة المراهقة، وهي فترة يعتقد الكثيرون أنها صعبة، عسيرة، خطيرة، فيقلقون لها ويخشونها... ولكني أعتقد أنها لن تكون شاقة أو عسيرة، إذا تنبه الأهل والمربون إلى أهميتها، وعاملوا أولادهم خلالها بالطريقة الصحيحة... أي بُنَيَّ: في بنائك حياتك، ورسمك مصيرك، أحبُّ لك أن تكون واعيًا ذكيًّا، فلا تقبل بالصدفة، وأن تُدفع بالحوادث الطارئة، وأن توجهك تصاريف الزمان. لقد منحك الخالق _ عزَّ وجلَّ _ عقلًا وأعطاك حرية... فلماذا تتخلَّى عن هذين السلاحين الماضيين؟ لا تعطل عقلك وتتنازل عن حريتك، وتترك نفسك ريشة تتقاذفها عواصف الحياة ورياح الصدف؟ أفدْ من عقلك في صياغة أهدافك في الحياة، واحرص على حريتك في اختيار طريقك فيها، واجهد في سبيل ذلك، ودافع عنه... ولدي! لو سألتني عن أهم صفة من صفات هذا العصر الذي تعيش فيه لقلت لك غير متردد: إنه عصر العمل.. والحق أن العمل إنَّما هو الطريق الأوحد لتنمية الشخصية البشرية، وصقل الطبع الإنساني، وإبراز المواهب الفردية... فكِّر في ما تحب أن تكون في هذا المجتمع، وحاول أن ترى طريقك إلى المهنة التي تحبُّ أن تمتهن، وليكن اختيارك لعملك على أساس من قدراتك وميولك وقيمة هذا العمل لمجتمعك...
أبوك


د. فاخر عقل (رسالة إلى ابني)، بتصرف، مجلة العربي، الكويت، عدد 102، أيار 1967م.