هس ولا حرف
مسرحيَّة ساخرة من واقع الحياة
باللغة اللبنانيَّة العامِّيَّة
الكاتب: عمر قزيحه
سنة الكتابة: 1998 -1999
وتمَّ التعديل إلى هذا الشكل:
سنة 2009
الجزء الأول
الفصل الأول (تحكيه سارة):
اليوم يا جماعة الخير رح يكون غير شكل في حياتي كلها
من أول ما طلعت نام امبارح
وأنا حاسة حالي مبسوطة كتير
وبالوقت نفسه كنت خايفة كتير وقلقانة كمان
ما تستغربوا اليوم المسا رح يجي واحد ليخطبني
بس أنا مستغربة من وين بيعرفني ليخطبني أصلًا؟!
وبعدين يا ترى كيف رح يكون شكله؟
طويل؟ قصير؟ رفيع؟ بدين؟
لازم بدين، أحلى! الكرش وجاهة!
المهم يللا، المسا بنعرف كل شي إن شاء الله
ويا خبر اليوم بكير بفلوس اليوم المسا ببلاش!
قمت ع المطبخ متل العادة لأشتغل لي شوية
ومسكت المكنسة وطلعت الماما بوجهي فجأة
قلت لها:
_ صباح الخير يا ماما
اتطلعت فيني لحظة وفجأة صرخت بوجهي:
_ يخرب بيتك شو إنك حمارة! اليوم خطبتك وقايمة تشتغلي؟ اتركي هالمكنسة من إيدك تضربي بهالراس! روحي انبطحي نامي لك شوية يا دبة... وتمددي أد ما فيكِ!
بغض النظر عن (حمارة) و(دبة) وهالألفاظ الودية هيدي من نبع الحنان (ماما)...
رح قول بس يا سلام!
يا هيك الدنيا وحلاوتها يا بلاها!
يا ليت كل يوم يجي واحد ليخطبني!
الفصل الثاني (تحكيه أم سارة):
أنا اليوم كتير كتير مبسوطة يا جماعة
اليوم بنتي الأمورة سارة رح تخطب شاب
بقصد رح يجي شاب مع أهله ليخطبوها مني
صرصورة قلبي، آه؟ شو؟
لأ لأ، ما تسمعني عم قول صرصورة رح تحرد!
بس قولكم ليش لتحرد؟
أنا عم دلعها هيك وفوق منها بدها تحرد؟
شي حلو، والله!!
وبعدين إن بدها ما تسمع كلمتي رح فعصها
رح خليها تستحلي تكون صرصورة
رح دقها أتلة رح أنتف لها شعراتها
هلأ بدي روح فطسها من الأتل لأنها...
لأنها شو؟
شو عملت سارة؟؟
عملت شي قولكم؟
أنا ما معي خبر!
بس يللا الله يعيننا على بنات هالجيل هادا
بس شو كنت عم قول أنا؟
آه!!
أيواااااااا!!
"سرسورة" قلبي رح تصير عروس!
أديش أنا مبسوطة
قمت لأعمل تظبيطة مرتبة للبيت اتفاجأت فيها حاملة المكنسة!
عملت لها بهدلة معتبرة، الله يخرب بيتها صحيح شو هالعقل الفاضي
الواحدة بدها تخطب وحاملة مكنسة!
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اليوم جات لها الشطارة على الشغل؟
الشغل؟؟
الله يخرب بيته هو التاني!
ما بيخلص بالهين!
ما لحقت أترك كل شي من إيدي وأقعد شوية
إلا وكنا صرنا عشية
ولييي شو صار لها سارة؟
تضرب شو إنها حمارة!
الفصل الثالث (تحكيه سارة):
أوووووف!!
شو هالجيل من الأمهات هدول ما بيخلوا بناتهم يعرفوا ينبسطوا شوية
بكل شي بدهم يتدخلوا؟
شو فيها يعني أنها الواحدة تلبس فستان أسود إذا جاية واحد ليخطبها؟
رح يصير معه عمى ألوان مثلًا ويبطل يشوف؟!
بعدين لما اشتريت هالفستان الماما ذات نفسها قالت لي حلو كتير وبيجنن
ودايمًا بلبسه وبطلع فيه من البيت
هلأ إذا بدي ألبسه بالبيت بصير مبينة متل الغراب الأسود
وكمان بيتشاءموا مني الناس وبيبطلوا يخطبوني؟
شو هالخرافات هيدي؟
الله يعينني على عقل أمي
حاولت أقنعها، لأ، ما لحقت حاول أساسًا...
بمجرد ما حاولت أفتح تمي لأعترض انفجرت عليي بالصريخ
وغصب عن راسي رجعت ع غرفتي لغير الفستان وألبس واحد تاني لونه بوردو
قال الماما هيك أحلى وبعجب الشاب وأهله وما بيبطلوا يخطبوني
ما بعرف ليش عم أتذكر مصارعة الثيران بإسبانيا؟!
وبعدين ما عم أفهم ليش الفستان من عين أصله إذا الواحدة جاي لها عريس، ولبست كنزة وبنطلون بتكون قليلة ذوق؟!
العمى شو كان صار بالماما لو قلت لها رح فوت بالبيجاما؟
قولكم كانت نطت من الشباك وانتحرت إن شاء... أأأ... لا سمح الله؟؟
الله يعين على الماما وعلى شباب هالجيل شو إنهم بيهتموا بالمظاهر الفاضية!
قال لازم ألبس أحلى شي عندي لأجل ما يتطلع بواحدة تانية بحياته كلها
ما بعرف والله، يللي عملوا هالفستان البوردو ما رجعوا عملوا غيرو؟؟
ولا أنا أخدت الحق الحصري أني وحدي ألبسه بالعالم العربي!
والله ما عم أفهم عقل الماما ولا عقل هيك شباب بالمرة!
الفصل الرابع (تحكيه أم سارة):
أكيد أكيد لو هالعيلة يللي جاية تخطب سارة لابنهم عرفوا أديش هي هبولة كانوا بطلوا يجوا
بنتي رح تخليني أوقع بالسكتة القلبية!
من امبارح عم تنق بدها تلبس الكنزة والبنطلون
قال شو؟ هيك بتبين حلوة وكلاس!
أه بلا كلاس بلا بطيخ!
واحدة جاية شاب ليشوفها ويخطبها لازم تلبس أحلى شي عندها لتخليه ما يتطلع على واحدة تانية غيرها بحياته كلها
وبعد ما قنعتها تلبس أحلى فستان عندها
جاية لتلبس الفستان الأسود
ما بعرف إن مفكرة حالها غراب مثلًا؟!
الله يعينني ويسترني من شي جلطة قلبية من ورا هبلنتها!
الفصل الخامس (تحكيه فادية أخت سارة):
اليوم بصراحة مش عارفة شو عم يصير
كل يللي فهمته أنه بدو يجي واحد (ياخد) أختي سارة
الحمد لله هيك بتبطل غلاظتها فوق راسي كل يوم!
بس لوين بدو ياخدها يا ترى وشو رح يعمل فيها؟
وليش البابا فتح لهم البابا وقعد يرحب فيهم وهم بدهم ياخدوا سارة؟!
شو الظاهر سارة مش بنته الحقيقية وكان مخبي علينا!!
أو أنها هالغليظة هلكته من تقلة دمها ومنو مصدق على حاله حدا ياخدها ويريحه منها!
كان نفسي أقعد معهم بالصالون لأعرف شو عم يحكوا بالضبط
بس الماما ما رح تخليني أكيد
قمت من محلي فسألني أخي فريد:
_ لوين رايحة يا فادية؟
قلت له:
_ رايحة أشرب كتير عطشانة
رحت ع المطبخ ومديت إيدي للبراد
وما لقيت إلا الماما ورايي عم تصرخ وهي معصبة:
_ هس... ولا حرف!!
شهقت من الرعب والمفاجأة، ودرت أتطلع فيها وأنا عم حط إيدي على قلبي الصغير المسكين يللي خاف، وقلت لها:
_ خوفتِـــ...
قاطعتني في غلظة:
_ هس... ولا حرف!!
حسيت حالي متضايقة
شو هيدا يا جماعة؟
أمهات آخر زمن!!
قلت لها:
_ بس أنا ما حكيـ...
مسكتني من أذني وصرخت فيها مباشرة:
_ هس... ولا حرف!!
وراحت مرة تانية للصالون!!
الله يثبت علينا العقل والدين!!
الفصل السادس (يحكيه أحمد، الأخ الأكبر):
يا فرحتك يا أحمد!!
أخيرًا أختك رح تنخطب وتحل عنك!!
منافستك في الدلال رح تروح من وجهك
يا هيك الأخبار الطيبة يا بلاها!!
بس الماما ضحكتني ضحك وهي عم تتعامل مع الأمر وكأنه معركة
أو كأنه رئيس الجمهورية جاية بنفسه لياخذ أختي!!
ممنوع حدا من الأولاد (الصغار) يتحرك أو يعمل حركة
حتى أختي الصغيرة فادية لما راحت تشرب تركت الماما الصالون ولحقتها تبهدلها
شفت إخواتي كلهم مش راضيين على يللي عم يصير
وحسيت بالشفقة عليهم فقلت لهم ببساطة:
_ شو يا ولاد، حابين تتفرجوا على التلفزيون؟؟
تطلعوا لي كلهم بنظرات الانبهار وهن عم يهتفوا:
_ أكييييد!!
ولسا ما خلص هال(أكيد) هيدي إلا والماما صارت عنا بالغرفة وصرخت:
_ هس.. ولا حرف!!
ورجعت للصالون
وقمت أنا كمان لأروح لغرفة الجلوس
ما لقيت إلا إخواتي وقفوا معي فأشرت لهم بإيدي ليرجعوا
وقلت لهم بكل ترفع وكبرياء:
_ أنا رح أحضر التلفزيون لوحدي، يحق للشاعـ... للأخ الأكبر ما لا يحق لغيره!!
ورحت لغرفة الجلوس وأضأت التلفاز وبكل بساطة
هيدي هي نعمة أنك تكون أخ أكبر!!
الفصل السابع (تحكيه نورا، الأخت الصغرى):
أنا كتير مقهورة وزعلانة!!
أختي اليوم جاية واحد ياخدها وما بعرف شو رح يعمل فيها
يمكن يقتلها ويرمي جثتها بأول برميل زبالة يشوفه!!
وأخي رايح يحضر التلفزيون لأنه الكبير بيحق له ونحن لاء
كنت رح أبكي لما وصلني صوت التلفزيون وركب العناد في رأسي
وقمت من محلي لازم روح أحضر التلفزيون
آه بدي أحضر التلفزيون شو ما صار يصير
وفجأة سمعنا صوت ركض وبعدها صوت أخي عم يصرخ :
_ آآآآآآآآآآآآآآي
وقبل ما نفهم شيء كانت الماما ساحبة أخي من أذنيه لترميه بيننا وهي عم تصرخ:
_ هس.. ولا حرف.. عنا ناس!!
ما فينا ضبطنا حالنا وقعدنا نضحك فصرخت بوجهنا:
_ هس.. ولا حرف.. استحوا على دمكم.. عنا ناس!!
حطينا إيدينا على أفواهنا لنكتم الضحكات هيدي
والماما عم تتطلع فينا وكأنها رح تأكلنا بلا ملح
وما صدقنا كيف أنها تركتنا ورجعت للصالون
الحمد لله!!
الفصل الثامن (تحكيه سارة):
وصل العريس يا سارة!
قالتها الماما وحسيت حالي رح أوقع بالأرض
ما بعرف شو صابني بس خفت أني ما أعجبه ويقول ما بدو ياني
هلأ ممكن هو ما يعجبني بتصير وطبيعية، بس أنه يصير العكس مصيبة!
طبعًا أنا واثقة بحلاوتي فائقة المألوف، بس يمكن هو ما يكون مذوق كتير!
دخلت الصالون مع أهلي وقعدنا وأنا عاملة حالي عم أتطلع للأرض بينما كنت عم أتطلع فيه هو
مش ميشان شي أكيد بس لشوف إن كان عم يتطلع فيني و(نظرات انبهار في عينيه متل ما أكدت لي الماما لما بدو يشوف فستاني البوردو هادا) ولا لاء
بس ميشان هيك ما أكتر
وإذا بدكم الصراحة ما حسيته اتطلع فيني بالمرة
ولا لفت انتباهه هالفستان البوردو يللي جبرتني الماما ألبس له ياه
كل الوقت عم يتطلع بالحيط وجامد متل الصنم!!
لحتى افتكرت أنه عم يطلع من عينيه أشعة لايزر يخترق فيها الحيط
ويشوف السرداب والكنز الخفي وراه!!
والماما كانت عصبية شوية وكل ما سمعت حركة تترك الصالون وتروح تعيط على إخواتي
وكل ما نسمع صوتها عم تعيط عليهم كان هو يبطل يعمل صنم!
لأ ويقعد يضحك ويضحك بطريقة عجيبة
بس ما كان فيني وجه له اللوم لأني أنا نفسي أحيانًا بيكون جاية على بالي أضحك
وبالأخير سمعنا صوت التلفزيون عالي عم يصدح بالبيت
وجن جنون الماما وراحت متل القذيفة لتصرخ على أخي وتطفي له التلفزيون وتسكته هو وإخواتي
ورجعت بعدها ع الصالون وقعدت مبتسمة
ولا كأنه صار أي شي كان!
قولكم هالجماعة يللي عندنا بتجي لهم حالات عمى وطرش فجائية؟؟
وهنا عمل حاله أبوه للشاب أنه عم يسعل ليلفت انتباهنا وقال:
_ وهيدا هو حال ابني ووضعه، يا ترى رح يكون لنا الشرف أنكم توافقوا عليه؟
اعتدل الشاب، ونظرات اللهفة مبينة واضحة بعينيه
وحسيت أنه البابا بدو يحكي
بس الماما – متل العادة – سبقته وقالت:
_ أنا بشوف أنه...
وبهاللحظة اقتحم إخواتي كلهم الصالون فجأة
بهتت الماما، وبهتنا كلنا للحقيقة من هالحركة
وتلون وجه الماما بألف لون من الغضب
ودارت نحوهم لتصرخ عليهم
بس قبل ما تفتح فمها بحرف صرخوا كلهم بوجهها:
_ هس ولا حرف... استحي على دمك يا ماما... عنا ناس!!
المفضلات