عروس القمر البيضاء (د. عمر قزيحه)

[أ. عمر]

عروس القمر البيضاء

على شاطئ النجوم الصخريَّة جلسَت! بِهُدْبٍ دقيقةٍ بحثت عن رقَّة قلوب الحجارة! أهذا وعي يا عروستنا، أو أنه حماقة؟ لكنها لا تجيب! فهنالِك عيناها، تشردان قريبًا في آماد مكانيَّة وآجال زمانيَّة، تتجوَّلان بين غيوم سوداء كالحة تنقلب في وعي طفلتي مرآة صافية تتجلَّى فيها نضارتها وحيويَّة صباها.
على شاطئ النجوم الصخريَّة جلسَت! رقيقة مثل نسمة في ثنايا ضوء فجر خجول، هنالِكَ جلس جسمها الصَّغير الضَّعيف، بفستانها القرمزيِّ اللطيف، وقد أرسلَت عينيها في رحلة بلا نهاية، عيناها تجولان في الأفق البعيد، تبحثان عبثًا عن حلم ضاع في غياهب المجهول، وجسمها الثابت المحدِّق في الصخور يرى بكلِّ وضوح خفايا الأحزان البعيدة!
والأمواج إليها من بعيد تتسابق، أيُّها ترتمي في أحضانها، تبلِّل فستانها ومشاعرها معًا قبل أن تنحسر إلى عشِّها عائدة، بمزيج من السعادة لتحقُّق المراد، والغضب لانتهاء أمنية حلمت بها كثيرًا، في ثوانٍ معدودة، وهذا حال الأمواج المحظوظة، أمَّا تلك التي لم تحقِّق هدفها، فتكتفي بتحيَّة بسيطة، إذ تتراقص قرب قدمي العروس البيضاء، ترقب عينيها، متسائلة أترى عروستنا السعادةَ تشاركنا؟
وربما هذا تظنين يا أمواج البحار، وربما تعتقدين أنكِ حققتِ الانتصار، لمِ لا وفستانها يتماوج مع الموج، بألوانه الزاهية التي تخفي وراءها حزنًا دفينًا. إنه أشبه بلوحة مرسومة بألوان الحياة، تخفي وراءها قصة حزن لا تُحكى. قميصها يترقرق بجنون الزبد، كأنما يحاول احتواء شجونها، لكنها شجون لا يعرف حدودها إلا هي، وإذ بقلبها في نبض أليم، وإذ بالآلام لا تتوقف عند حدود المسار، فكأن قلب طفلتنا يحتوي كل ما في غموض العالم من الأسرار!
وفي عينيها شمس صافية وبحر وادع يجتمعان، وفي عينيها بريق يطغى على جمال بريق النجوم، الدنيا ليل وظلام، وعيناكِ يا طفلتي تضيئان قلوبًا بالأمل المفقود تمتلئ، وأحاسيسَ بالأماني الغائبة تحتفل! طفلتي تتأمَّل في المدى البعيد، هي قربُكَ لكنَّ قلْبَكَ يناديها من مكان سحيق، يا طفلتي! صمتُكِ يقتلني! تكلَّمي! ربَّما أستطيع محو دمعتِكِ، وتبتسم طفلتي في أحزان الآلام، نعم يا حبيبتي! أعلم أنَّني لن أستطيع محو دمعتِكِ، لكنْ، لا تقلقي! سأبكي معكِ عزيزتي!
أتراها تحلم بأن النجوم ترسل إليها رسالة المودة؟ أتراها تأمل أن القمر يناديها لتكون واحدة من انعكاسات ضوء الشمس في أشعته الباردة التي تنطلق منه في سلام؟ ها قد نهضت العروس القرمزية، هبَّت مسرعة كأنها تهرب من قدر محتوم لا مفر منه، يا قلبي اصرخ! يا كياني تألَّم! يا وجداني اركض إليها مسرعًا، بها الصخور تمسَّكت في عنف انفجارات زمانية، وكأنما الصخور ذهابَها تأبى! عليها تكاثرت بلا عدد، تحاول أن تسحق منها الروح والجسد!
وتقع العروس البيضاء، وفستانها يمتلئ بالدماء الحمراء، لكن يديها تتمسكان بصخور الأذى، تهتف في صمت: أنا هنا! أغمضوا عيونكم لتروا أني لست هنا! وإذ بالقلوب تهتف: أيتها العروس البيضاء، هذه الصخور، ماذا منها تريدين؟ إنما هي من أشعلت في قلبِكِ نار الوقد، اكسريها فرِّقيها في بدد، وتغمض العروس عينيها وتغلق روحها، أسرع يا قلبي لتحملها وتضمَّها إليك، كلِّمها أو لا تفعل! الأمر سيَّان! ستظلُّ في قلبك ذكرى من نار، كل ما فيها يشتعل حتى الرماد، حاول أن تنساها، لكن هل يسمح لك الألم بذلك؟
وتظل الروح تتألم، تظل تتذكرها، تظل تتمنى لو كانت هنا، في الليل، عندما تهدأ الأصوات وتخمد الأنوار، تظل صورتها تتجلى أمامك، كلما نظرت إلى القمر البعيد، تظل تسمع نغمها الحاني، تظل تشعر بوجودها، طفلتك ذكرى عذبة مؤلمة تستعصي على النسيان وتأبى الرحيل! طفلتك هي عروس الزبد، التي تسكن في قلبك، تتألم في صمت، لكن حبها يبقى خالدًا، يبقى نقيًا، يبقى أبديًا، لكن أفق من شرودك، واسأل نفسك، هل تبقى تزورها في خيالك؟ ابحث عنها بين شواهد القبور، فلن تجد لها أثرًا، وتحتار تلك القلوب، كيف الطفلة ماتت، وهي لم تولد بعد؟
ويظل السؤال سؤالًا لم تستطع، على الرغم من تقادم السنوات، العقول الإجابة عنه، أما القلوب فتمزقت تمامًا، وباتت تتابع حياتها بأضعف خيوط الوتين، وأعين العقول تبكي من الحنين...
أما أعين القلوب، فإنَّما...
تغصُّ بالأنين!

د. عمر قزيحه
الجمعة الواقع فيه 24-1-2025
الساعة: 9:34 مساء

[Jomoon]

السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

الغموض يلف لفا!،
فلم أفهم بعد المغزى!،
فياليت الحروف قد شرحت!،
وأفهمت قليل الفهم!،

باركك ربي،
استمر،
دام قلمك نابضا!،
في حفظ المولى،،
~

[أ. عمر]

السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

الغموض يلف لفا!،
فلم أفهم بعد المغزى!،
فياليت الحروف قد شرحت!،
وأفهمت قليل الفهم!،

باركك ربي،
استمر،
دام قلمك نابضا!،
في حفظ المولى،،
~

آلام، دموع، ذكريات...
حنين وأنين...
كلها تدل على الموت والفراق،
إنما التعابير رمزية فحسب لا أكثر!
ومناسبة الكلمات يصعب توضيحه في كلمات قليلة...
فربما كانت الرموز تكفي! نقول ربما...