و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم السلام على مُعلم الأمةِ ، سيدنا محمد ، و على آله و صحبه أجمعين ..... أما بعد :
فها نحن إخواني وكما وعدناكم مع الدرس الأول من الدورة التدربية والتي هي بعنوان :
..:: حتى تكون مواضيعنا أكثر تأثيراً ::..
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بها في الدنيا و الآخرة و أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم
و في هذا الدرس إن شاء الله ، سنناقش سويا ً النقاط التالية :
1- إخلاص العمل لله تعالى وحده
2- التقوى أساس كل خير
3- الإستدلال بالآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة
4- اختيار الموضوع
و بسم الله نبدأ .....
أولا ً : إخلاص العمل لله تعالى وحده :
لقد تعددت تعريفات العلماء للإخلاص لكنها تدور حول معنى واحد وهو ترك الرياء ، بمعنى أن يكون قصد العبد من أعماله رضا الله .. رضا الله فقط ، قال تعالى : " قل إن صلاتي و نسكي و محايي و مماتي لله رب العالمين " الأنعام : ١٦٢ .
فقبل البدء بأي أمر ، عليك إخلاص النية لله تعالى ، لأن العمل لا يقبل من العبدِ ، إذا كان لغيره سبحانه و تعالى . فإياك ثم إياك ، أن تفعل شيئا ً أو أن تعمل عملا ً تريد منه لفت الأنظار إليك مثلا ً ، أو أن تستعرض علومك على الناس .
ولهذا سيأتي أقوام يوم القيامة بأعمال كالجبال لكنها لا تنفعهم لأنها فقدت أهم شروط قبولها ، ألا و هو الإخلاص ، قال تعالى : " و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ً " الفرقان : ٢٣.
لكن إخواني ربما يخاف البعض من المشاركة بما لديهم من العلم خشية الرياء ، و هذا وسواس من الشيطان الرجيم ، وعلاجه ذكره لنا الإمام أحمد في مسنده عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه – خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال : ( يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك ( يقصد الرياء ) فإنه أخفى من دبيب النمل ، فقال له من شاء الله أن يقول : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله : قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه )
ثانيا ً : تقوى الله تعالى أساس كل خير :
إن وصية الله تعالى للأولين والآخرين من عباده هي : تقواه سبحانه وتعالى ، قال تعالى : " ولله ما في السموات و ما في الأرض و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله و إن تكفروا فإن لله ما في السموات و ما في الأرض و كان الله غنيا ً حميدا ً " النساء : ١٣١. و تقوى الله هي أن يجعل العبدُ بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه سبحانه وتعالى وقاية ، تقيه من ذلك ، بفعل طاعته وعدم معصيته.
فلا تكتب أخي الفاضل و أختي الفاضلة ، إلا ما يرضي الله – تبارك و تعالى - . فقد يقول قائل إننا إذا كتبنا في منتدى النور ، فلن نكتب إلا مواضيع دينية ، فهل يعقل أن ذلك لا يرضي الله عز و جل ؟
فأقول أننا وجدنا الكثير من المواضيع التي لم تخرج كلها إلى العامة فيها مخالفة صريحة لديننا الحنيف !! أحاديث مكذوبة عن النبي عليه الصلاة و السلام ، مواضيع كاذبة و مغلوطة ، تكفير لأهل الإسلام ، وغيرها كثير. وهذا جانب من عدم التقوى.
أما الجانب الآخر فهو عدم الاتقان ، قال عليه الصلاة و السلام : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا ً أن يتقنه " ذكره الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة . تجد بعض الأخوة أو الاخوات ، محتوى مواضيعهم جيد ، لكن تخلو من التنسيق و الترتيب ، فقط نسخ و لصق ولا ينتبه إلى الأخطاء الإملائية و النحوية ، وربما أخطاء عقائدية !
وسيكون موضوع الدرس القادم إن شاء الله عن الترتيب و التسيق و الاتقان.
فقبل أن تكتب الموضوع أو أن تنقله ، فكر أولا ً بالتالي :
- لماذا أكتب موضوعاً ؟
- ما هي نيتي من وراء كتابة هذا الموضوع ؟
- كيف أكون مخلصاً ؟
- هل هذا الموضوع مفيد ؟
- هل المعلومات المذكورة صحيحة ؟
- هل مصدر المعلومات متقيد بمنهج أهل السنة والجماعة ؟
- الأحاديث المذكورة ، هل هي صحيحة ؟
- هل يحتاج الموضوع إلى إعداد و تترتيب ؟
- هل لدي القدر الكافي من العلم لكي أكتب في هذا الموضوع ؟
- هل قرأت العديد من المقالات السابقة في الموضوع الذي سأكتبه ؟
و غيرها .....
ثالثا ً : الإستدلال بالآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة :
بما أنك أخي الفاضل أختي الفاضلة ، تشاركون بمشاركات دينية ، فلا بد من كتابة بعض الآيات و الأحاديث المتعلقة بالموضوع. المشكلة في زماننا الحاضر ، أننا الأن نسمع الحكم و لا نسمع الدليل ، عندما تقول للشخص ما دليلك على هذه الفتوى مثلا ً ، يقول : لا أعلم هكذا سمعت الشيخ ! و كأننا إنفصلنا تماما ً عن الكتاب و السنة و صار حِكرا ً على العلماء ، و نحن نجهل تماما ً ، أنه واجب علينا تـَعلمُ كـَم ٍ مُعَين ٍ من العلم الشرعي ، لتسطيع به الصلاة و الصيام و الزكاة و غيرها من العبادات .
و من جهةٍ أخرى ، يجب علينا عند نقل الآيات ، أن ننقلها بدقة ٍ شديدة ٍ ، لأن أي تغير ٍ في الآية قد يؤدي إلى اختلاف المعنى ، وهذه كارثة.
مثلا ً شخص نسى الحركات في الآية التالية : قال تعالى : " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ " فاطر : ٢٨ ، فيمكن أن يـُفهم أن الله عز و جل يخشى العلماء ! و هذا خطأ فادح ، لأن " العلماءُ " هنا فاعل مرفوع ولكنه مؤخر ، ولفظ الجلالة "اللهَ " منصوب على التعظيم مفعول به مقدم ، أي أن المعنى المقصود من الآية أن العلماء هم الذين يخشون الله عز و جل. هل رأيتم ؟ تغير في الحركة فقط تغير المعنى بالكلية .
و هنا أنصحكم بهذا الموقع www.qurancomplex.org، حيث تستطيعون تحميل برنامج مصحف المدينة المنورة للنشر الحاسوبي ، وهو برنامج مفيد تستطيعيون فيه الوصول إلى الأيات بسهولة و نقلها إلى مواضيعكم.
و أما بالنسبة للأحاديث ، فهذا موضوع خطير ، أبدؤه بقوله عليه الصلاة و السلام في صحيح البخاري و مسلم :" إن كذبا ً علي ليس ككذبٍ على أحد ، من كذب علي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار ".
لذا إخواني ، الانتباه الانتباه ، عند كتابة المواضيع ، عليكم التأكد من كل حديثٍ في موضوعكم ، فما أكثر الأحاديث الضعيفة المنتشرة بين الناس ، و هنا تستطيعون استخدام الموسوعة الحديثية في موقع www.dorar.net ، للتأكد من صحة النصوص.
و إن وجدت صعوبة بعد ذلك ، أبلغنا بذلك و نحن نقوم بالبحث عنك.
رابعا ً : اختيار الموضوع :
و هذا الأمر مهمٌ جدا ً ، و السبب يعود لطبيعة النفس التي تقرأ الموضوع. فعندنا مثلا ً زوار منتدانا أغلبهم من الشباب أعمارهم تتراوح بين 12 و 25 سنة ، دخلوا المنتدى في الغالب لحبهم للأنيمي . لذا يجب على مواضيعنا أن تراعي هذه الفئات العمرية و هذه النفوس المحبة للأنيمي ، و أن تـُطرَحَ المواضيع التي تمس حياتهم و تهمهم. و للأسف بعض الأخوة و الأخوات لا يعرفون بعض الأساسيات من الدين ، التي لابد أن يعقلها كل مسلم و مسلمة ، و ربما لا يعرفون بعض المحرمات التي هم غارقون بها !
لذا قبل أن أن تضع الموضوع سَـلْ نفسك :
- ما مدى فائدة هذا الموضوع للأعضاء ؟
- هل يمس حياتهم و اهتماماتهم ؟
- هل هناك مواضيع أولى منه للطرح ؟
- هل موضوعي موجز لا يُشعر القارئ بالملل ( خير الكلام ما قل ودل ) ويؤثر فيه تأثيراً عميقاً في وقت قصير وقراءة قليلة ؟
- ما هي ردود فعل الأعضاء تجاه موضوعي ؟
و غيرها ....
و في الختام أخواني و أخواتي الأعزاء ، أود التنويه إلى أمرين أخيرين :
1- ارجو منكم ، إذا كانت لديكم أية ملاحظات / اقتراحـات / نـــصائح / انتقادات ، أن لا تبخلو بها
لا علينا و لا على أنفسكم ، اكـــــتب ماتراه نافــعا ً في مشـــاركة في الموضــوع أو رسالة خاصة
2- هذا العمل لم أكن لإنجزه لولا توفيق الله - عز و جـل - ، و مساعدة إخواني و أخواتي الأفاضل
في قافلتنا العزيزة قافلة النور ، اسأل الله - سبحــانه - : أن يجزيهم خير الجزاء ، وأن لا تنسونا
أنتم من دعائكم
المفضلات