بسم الله الرحمن الرحيم
أعتقد أن الأفضل أن أفعل كما قال الأخ Mr.Holmes
وذلك أن أضع مقدمة للحرب والأطراف ثم نر بعد ذلك الأجزاء الأكثر متعة وإثارة ..
حاولت الإختصار قدر الإمكان .. ووضع ما يكتب في الحاشية من ملاحظات هامة بين أقواس وبلون مغاير للتوضيح ..
نبدأ على بركة الله
مقدمات الحرب .. المعتدون وأنصارهم
المرحلة الأولى
سكتت مدافع الحرب العالمية في الحادي عشر من نوفمبر من عام 1918 وتنفست شعوب أوروبا الصعداء وراح كتاب البارجوازية يهللون في طول العالم وعرضه .. متحدثين عن بدء حقبة تاريخية جديدة هي عهد السلام ..
ولمن السلام لم يخيم على أوروبا فقد استمرت الحرب الدامية التي شنتها القوى الامبريالية (الامبريالية : لفظ أطلق إبان الحرب الباردة يقصد به الرأسمالية أو المرحلة المتطورة منها) على الدولة السوفياتية الحديثة التي تخلت عن الرأسمالية ومضت في طريق الاشتراكية ، عنيفة لا تتوقف . وأعلن ونستون تشرشل المتلهف على أداء الدور القيادي في الحرب الصليبية ضد الاتحاد السوفياتي أن من الواجب وأد البلشفية منذ ولادتها . وراح الاستعماريون يخمدون بمنتهى الوحشية الحركات التي تدعو للتحرر الوطني في نقاط عدة في مؤخرة المعسكر الاستعماري الامبريالي الواسع ..
و كان الربع الأول من القرن العشرين يشرف على نهايته عندما راح قادة أوروبا البورجوازية يعلنون في مؤتمر لوكارنو (عقد في شهر أكتوبر عام 1925 باشتراك بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا في مدينة لوكارنو السويسرية حيث عقدت سلسلة من المعاهدات كان الغرض منها كما ذكر المؤتمرون الحفاظ على السلام والأمن في أوروبا واستكمال النواقص في ميثاق عصبة الأمم) أنهم عثروا أخيرا على الحاجز بين سنوات الحرب وسنوات السلام المقبلة .وكان هناك حاجز فعلا ولكنه من طراز آخر .فقد رمز إلى نهاية وحدة جديدة أخرى .. وأعد الساسة المتفاوضون في لوكارنو المسرح لحروب جديدة هادفين للمزيد من خلق الثروات الاحتكارية فما كادت نيران الحريق الأول تطفأ حتى شرعوا في تخزين الوقود لإشعال حريق آخر أقوى وأكبر .
ولم تكن الحرب العالمية الأولى قد تفجرت بصورة عرضية وإنما كانت الثمرة الطبيعية للتناقضات العميقة للرأسمالية في مرحلتها الامبريالية وكانت انعكاسا لأزمة الرأسمالية العامة التي كان الانتصار الذي حققته ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا وانقسام العالم إلى نظامين اجتماعيين متعارضين _ الرأسمالي والاشتراكي _أبرز تعبير عنها وأهمه .
لكن تلك الثورة قضت على الامبريالية في سدس العالم ليس إلا . أما ما تبقى فقد ظل يعيش في صورة دول امبريالية ومستعمراتها وشبه مستعمراتها . وكان هناك جزء صغير من العالم تحتله بلاد حققت حريتها من العبودية الاستعمارية وسارت في طريق التنمية المستقلة .
ولما كانت الامبريالية قد ظلت على قيد الحياة فإن الدوافع الاقتصادية للحروب الامبريالية ظلت موجودة أيضا . ولم يكن في وسع الحرب العالمية الأولى أن تزيل التناقضات العميقة الكامنة في النظام الامبريالي و الباعثة على الحرب ، بل إن كل ما فعلته هو تعميق هذه التناقضات وخلق المزيد من العداءات والصراعات العنيفة . وهكذا نثرت بذور الحروب الامبريالية الجديدة في طول العالم وعرضه .
وكانت البلاد البورجوازية المستغلة تشجع في عهد الرأسمالية السابقة للاحتكار تنمية قوى الإنتاج ، أما الآن وفي عصر الامبريالية فقد أصبحت تمثل دور الكابح لمزيد من تقدم الإنسان .
وتصطرع الدول الرأسمالية فيما بينها تنافسا منها على السيطرة على البلاد التي تقع في قبضتها . وتسير هذه التجزئة للبلاد عبر كفاح مرير ، كما تعتمد على علاقات القوى القائمة فعلا .لكن هذه العلاقات دائمة التبدل إذ أن التباين الملحوظ بين بلاد وأخرى في التطور الاقتصادي والسياسي من الخصائص البارزة للرأسمالية الحديثة . و هكذا تنشأ التناقضات على توزيع الأسواق ومناطق النفوذ من ناحية والتغير المستمر من ناحية أخرى في علاقات القوى القائمة بين الدول الرأسمالية من ناحية أخرى . وتنتهي هذه التناقضات عادة في صورة حروب .
وكتب لينين يقول : (ركزت الرأسمالية ثروات العالم كله في أيدي بعض الدول ، وقسمت العالم فيما بينها . ولا يمكن لأي تقسيم جديد أن يقع أو أي اثراء جديد ان يحدث إلا على حساب دولة أخرى , والقوة وحدها هي التي تحسم الأمر . ومن هنا أصبحت الحرب بين نسور العالم المفترسة حتمية )
ونبعت الحرب العالمية الأولى من الصراع بين مجموعة من الدول الرأسمالية تتزعمها ألمانيا ، تمكنت من السير قدما في طريق تنميتها وتطويرها وأصبحت تطالب بمواقع كانت بريطانيا وفرنسا قد سيطرتا عليها من قبل وبين هاتين الدولتين المتطلعتين إلى سحق منافساتهما الجدد ، بالرغم مما لحق بتطويرها من هبوط ، وخسرت ألمانيا الحرب ، وظلت مهيضة الجناح ردحا من الزمن ولكن بالرغم مما لحق بها من هزيمة وتقييدها بأصفاد معاهدة فرساي القاسية ظلت ألمانيا في طاقتها أقوى من الدول التي انتصرت عليها وفي طليعتها بريطانيا وفرنسا. وكانت هاتان الدولتان تدران وهما تتألمان ، أن نصرهما على ألمانيا لم يتحقق إلا بفضل الجهد المشترك الذي بذله الحلف الذي يضم دولا عدة والذي أسهمت فيه روسيا بدور واضح . وليس ثمة من شك في أن بريطانيا وفرنسا كانتا ستهزمان في تلك الحرب ، لو أن روسيا لم تصمد فيها .ولم تحس الدولتان بالاطمئنان بالرغم من انتصارهما إذ أنهما كانتا على ثقة بأن ألمانيا ستبعث من جديد حتما كدولة رأسمالية من الطراز الأول .
وكان من الواضح في مثل هذه الظروف أن تعمل بريطانيا وفرنسا كدولتين منتصرتين ، ومن موقع القوة ، على الحيلولة دون استعادة ألمانيا لقوتها الاقتصادية والعسكرية . ومع ذلك فقد سارتا في طريق مختلف يتعارض مع مصالحهما الرأسمالية والقومية ، إذ قدمتا يد العون لإعادة بعث طاقات ألمانيا العسكرية . وتعود هذه السياسة الغربية التي بلغت ذروتها في صفقة مونيخ مع ألمانية هتلر وإيطاليا الفاشية إلى عامي 1924 و 1925 .
وكانت الحكومات البورجوازية قد حزمت أمرها في إنزال أقصى الضرر بالاشتراكية . وكان هذا الهدف يحتل تفكيرها عندما كانت تضع الحلول الدولية وتصوغ سياساتها تجاه ألمانيا .
ولم يكن العالم الرأسمالي قد تخلى عن خططه لسحق الاشتراكية بقوة السلاح بعد هزيمة التدخل الأجنبي المسلح ضد الدولة السوفياتية الجديدة . وقضى الاحتكاريون من الأمريكيون والانجليز والفرنسيون الليالي الطويلة وهم يبتكرون المغامرات العسكرية المعادية للاتحاد السوفياتي وعندما أحسوا بالحاجة إلى القوة البشرية لتنفيذ مخططاتهم ، ركزوا أعينهم على ألمانيا . واستهوتهم ألمانيا الرجعية ، بما فيها من طاقات هائلة لصناعة الحرب ، وبمقدرتها على تأليف جيوش ضخمة ، وبما لديها من تقاليد عسكرية وبما تتميز به طبقتها الحاكمة من وحشية وتعطش للدماء ، وميل إلى إرهاب شعبها وشعوب البلاد التي تحتلها .
وراح واضعوا السياسات في الولايات المتحدة و بريطانيا وفرنسا يضعون خططهم ، واحدة تلو الأخرى لاستخدام ألمانيا واليابان في تحقيق أهدافهم . وكان دفع ألمانيا واليابان إلى محاربة الاتحاد السوفياتي يمثل لهم ضرب عصفورين بحجر وهو أن تقوم ألمانيا واليابان بإزالة الاتحاد السوفياتي من الوجود ، وأن تضعف المقاومة السوفياتية هاتين الدولتين اللتين تمثلان أقوى منافساتهم .
وكان الأمريكيون هم الذين شرعوا في تنفيذ هذا المشروع ، إذ كانوا ينظرون إلى الاتحاد السوفيتي بعيون تملأها الكراهية كما كانوا راغبين في الخلاص من ألمانيا واليابان . وبالرغم من أن الصراعات بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على مصالحهم الامبريالية الخاصة ظلت في حدتها المألوفة ، إلا أن الشكوك التي ساورت الجماعات الحاكمة في بريطانيا وفرنسا من هذا المشروع ، هبطت بصورة متدرجة إلى الأعماق .ولا شك في أن التناقضات الامبريالية بين الولايات المتحدة وبريطانيا في فترة بين الحربين ظلت هي الغالبة على العداءات التي تسود العالم الرأسمالي .
وشرع الأمريكيون في تنفيذ برنامجهم في استخدام ألمانيا ضد الاتحاد السوفياتي عن طريق " مشروع داوس " (مشروع وضعته لجنة الخبراء التي كلفت بالتحري عن أوضاع ألمانيا المالية وتقرير المبالغ التي تستطيع ألمانيا دفعها كتعويضات في نهاية الحرب الأولى بعد أن أشرفت ألمانيا على الإفلاس وأعلنت عجزها عن دفع التعويضات ، فقرر الحلفاء يأليف لجنتين استجابة لنداء ألمانيا أولاهما هي داوس المذكورة والثانية ماكنيا للتحري عن قرار رأس المال الألماني إلى الخارج وكانت الأولى برئاسة داوس الأمريكي وعضوية ممثلين عن بريطانيا وفرنسا و إيطاليا وبلجيكا ) الذي قضى ببعث الحياة في صناعة ألمانيا الثقيلة ، وطاقتهما الحربية ، عن طريق القروض الأمريكية السخية .
ولكن حكام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تجاهلوا في سعيهم لتنفيذ المشروع المعادي للاتحاد السوفياتي مصالح الألمان واليابانيون ، وكان الألمان يحلمون كرجل واحد بالثأر ، فلم تكد الحرب الأولى تضع أوزارها حتى شرعوا في الإعداد للحرب الثانية وذكر جوستاف كروب رجل الصناعات الحربية في ألمانيا أن بلاده لم تضع وقتا بعد توقيع معاهدة فرساي في وضع الأسس العلمية المتينة للاستعداد ثانية للعمل من أجل القوات الحربية المسلحة الألمانية في الساعة المحددة ، ودون إضاعة أي وقت أو خبرات سابقة .
وكانت السياسة الألمانية التي صاغها جوستاف ستريسمان وزير خارجية ألمانيا في ذلك الوقت تهدف إلى الإفادة إلى أقصى الحدود من الإمكانيات التي تعرضها سياسات الغرب وتقوية مصالح ألمانيا الرسمية . وكانت هذه السياسات في حد ذاتها سببا في الصدام بين ألمانيا ومعيناتها .
وتم توزيع القوى في العالم الغربي قبل أمد طويل من اندلاع الحرب الثانية . فقد كانت هناك ألمانيا وإيطاليا واليابان من الناحية الأولى تهدف إلى إعادة تقسيم العالم ، ولذا فقد كانت المثيرة الأولى للعدوان . ومن الناحية الثانية كانت هناك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي عملت حكوماتها كمعينات للعدوان الفاشي ، وكمثيرات للصراعات الدولية .
وبالرغم من وجود الخلافات الضخمة بين الخطط المختلفة لهذه الدول الامبريالية والتي كانت تشد إلى إنشاء معسكرين حربيين مختلفين إلا إنها كانت على ضوء المنطق والتحليل الأخير معسكرا واحدا هو المعسكر الامبريالي للرجعية والعدوان .
أما المعسكر الثاني الذي نشد السلام و الديموقراطية الاشتراكية ، كان ممثلا في الاتحاد السوفياتي وفي أصدقاء السلام والتقدم الاجتماعي في الدول الرأسمالية المؤيدة للاتحاد السوفياتي .
وتصرف الاتحاد السوفياتي في جهوده السلمية على أساس الفتراض بأن الحفاظ على السلام العالمي ممكن عن طريق العمل الموحد للشعوب والحكومات . وناشد الشعوب الأوروبية وحكامها أن تشترك في عملية وقف التيار السائد في طريق الحرب الجديدة .
إلى هنا تنتهي المرحلة الأولى من مقدمات الحرب .. آملا أن قد أفدتكم .. وإلى لقاء قريب في المرحلة الثانية منها بإذن الله تعالى ..
تقبلو تحياتي
أخوكم
N E Z A R
المفضلات