الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المتقين نزلاً , زينها وجملها وأفاض على أهلها من النعم وكساهم من الحلل لتكون مستقراً ومقاما لهم , لا يبغون عنها حولا ويسر المكلفين للأعمال وهداهم النجدين , ليبلوهم أيهم أحسن عملا ..

نحمده سبحانه ونشكره ونتوب إليه ونستغفره , أرسل الرسل وأنزل الكتب , وأقام الحجة على خلقه فهم لم يخلقهم عبثا ولم يتركهم هملا , ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمداً عبده ورسوله , دعا إلى الحق وأوضح الحجة ومهد الطريق إلى دار السلام , صلى الله وبارك عليه وعلى أزواجه وذريته وصحبه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين ...

وبعد :

فإن القرآن الكريم رغب عباد الله المتقين في الجنة فخصها لهم وجلاها وفصل في بيان نعيم وفضل سكانها وأوضح أنواع المسرات ..
حتى إن القارئ لكتاب الله عز وجل المتأمل في آيات وصف الجنة , يرى ببصيرته أنواعاً من النعيم المقيم والبهجة والمسرة مالم يخطر على قلب بشر ولا سمعته إذن ..
فدار الفردوس دار مهيأة من قبل الخالق جل وعلا أيما تهيئة , غرف مبنية فاقت منازلها وصف كل واصف وتخطيط كل مخطط , كيف لا وهي صنعة رب العالمين , فجل من تقدس وسواها وبناها

تجلى لهم رب السماوات جهرة *** فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميع *** بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلونى ما اشتهيتم فكل ما *** تريدون عندى أننى أنا أرحم

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته : أن يوفقنا لصالح الأعمال والأقوال والأخلاق , سبحانه لايهدي لأحسنها إلا هو ..
كما نسأله سبحانه أن يبلغنا دار المقامة ويسكننا أعالي جنانه ...
الفصـل الأول :

نعيـــم أهـل الجنــــــــــــة
معـنــــــى نعيـــم الجنـــــة :


الجنة لغة :الحديقة ذات الشجر و النخل و جمعها جنات .
اصطلاحا:هي الاسم العلم أو الاسم الشخصي للمكان الذي وعد الله عز وجل عباده المتقين .
أما النعيم في الآخرة هو :ما أعده الله لعباده المؤمنين في الجنة من عيش رغيد طيب و طمأنينة وسعادة لا يشبهها شيء في الدنيا وفوق ذلك رضوان الله عليهم ورؤيتهم له سبحانه

أسمـــــاء الجنــــة:

ذكر الله سبحانه الجنة بعدة أسماء وهذا يدل على أهميتها ،فهي رحمة من رحماته ويدخل إليها من يشاء من عباده و منها :
الجنة :و هي الاسم المعروف ، دار السلام :لأنها دار الله فهو السلام وهي داره التي أعدها للمؤمنين ،دار الخلد :لأن نعيمها و أهلها خالدون فيها لا يخرجون منها ولا يصيبهم الموت ،وغيرها من الأسماء

أبـــــــواب الجنـــة:

ورد في كتاب الله أن للجنة أبوابا فقال سبحانه( و سيق الذين أتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ).
فأبواب الجنة ثابتة في الكتاب والسنة أن عددها ثمانية أبواب و جاء في الصحيحين ( في الجنة ثمانية أبوب ،باب منها يسمى الريان ، لا يدخله إلا الصائمون ).
ونقول في سعتها ما ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال (والذي نفس محمد بيده ،أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما مكة وبصرى ).


مســـــــــاكن أهل الجنـــة:


يقول سبحانه ( وعد الله المؤمنين و المؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و مساكن طيبة في جنات عدن و رضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) .
فالمساكن التي ذكرت في القران و الأحاديث النبوية ثلاثة أنواع القصور ،و الغرف ،والخيام .
أما القصور فأن في الجنة قصور أعدها الله لعباده المؤمنين،فعن جابر بن عبدالله قال :قال رسول صلى الله عليه وسلم :
( دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت:لمن هذا ؟ فقال: لرجل من قريش ،فما منعني أن أدخله يا أبن الخطاب إلا ما أعلم من غيرتك ،قال :وعليك أغار يا رسول الله ؟!! ) .
وبناء هذه القصور في الجنة من الذهب و الفضة وليست من الحجارة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لبنة من ذهب ولبنة من فضة ).
ومما أعده الله للمؤمنين في الجنة من النعم : الغرف المبنية فهذه الغرف ثواب الأيمان الصادق والأعمال الصالحة في الحياة الدنيا . ومن صفات تلك الغرف أن الأنهار تجري من تحتها ، ويستمتع أهلها بالنظر إلى الأنهار من شرفات الغرف العالية الرفيعة البناء . و في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا :يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ،قال : بلى و الذي نفسي بيده رجال أمنوا بالله و صدقوا المرسلين ).
والملائكة يدخلون على أهل الجنة في بيوتهم من أبواب تلك الغرف قال تعالى : { و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب }.
ومن المساكن التي أعدها الله وذكرها في القران الخيام فقال سبحانه { حور مقصورات في الخيام } وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤه واحدة مجوفة طولها ستون ميلاًًًًًًً،للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا ).
أن هذه الخيام غير الغرف و القصور وأنها تضرب لهم خارج مساكنهم في البساتين و على شواطئ الأنهار .

جمع الموضوع وكتبه :
أخواتكم / عبير القارحي ( الفصل الأول _نعيم أهل الجنة ) ،
سارة الحارثي ( الفصل الثاني _ أشجار الجنة ) ،
مرفت عبدالجبار ( الفصل الثالث _ أين المشمرون يا أهل الجنة ) ،
فجزاهن الله عنا وعن الإسلام خيرا ..

يتبع بإذن الله تعالى