![]()
ربما عامين وربما أكثر ..
غبت عن هذه الساحة الواسعة .. التي لطالما وسعت حروفي المبعثرة .. من أفكار .. وخواطر .. وأحاسيس ..
عدت.. لكني لم أعد لبوح فيّ مكبوت .. ولا لشوق إلى قراءة بوحكم وفيض أقلامكم – كما كنت أفعل –
قد جئت هذه المرة مضطرة .. !
عدت أعرض رأيا - أظنه صوابا – وكل من سمعه مني خطّأه..! دون دليل أو منطق !
وكنت أجد هنا عقولا أناقشها فأعرف خطئي من صوابي فقلت ليس لي إلا مسومس ..
فهلموا إلي آل مسومس ~
لعلكم اعتقدتم أنني جئت أناقش نظرية معقدة ، أو مسألة مستعصية ..
لا .. إن الأمر أبسط من هذا بكثير ..
قضيتي في أناس بسطاء ضعفاء وفوق هذا منبوذين !
لا ندري
هل هم فقراء ضعفاء يسألون المال للقمة تقيم صلبهم أو دواء يشفي أوجاعهم ؟
أم هم نصابون محتالون يطلبونه طمعا وجشعا لسهولة تحصيله من غير كد ولا تعب ؟
جئت أسأل:
ما واجبنا معهم ؟
مع المتسولين ؟!
![]()
سمعنا عمن يختطف الأطفال ليجعلهم يتسولون له ، وقد يقطع منهم يدا أو رجلا ليكون أبلغ في الحاجة والمسألة ، وعمن يتسول من الشيعة ليستعينوا به على حربنا والقضاء علينا ، وعمن يتسول بهدف إفقار المسلمين وتقليل مالهم فحسب ... وكثيرٍ وكثير من قصص وأقوال لا يعلم صحتها ولا يعرف مصدرها لكنها تجد آذانا مصغية وعقولا مصدقة ..!
فأصبح المسلم منا إذا أتاه أخوه المسلم يسأله رده ولو كان المال أزهد شيء في يده !
يأتيه السائل رث الثياب نحيل البدن قد يبس جلده فوق عظمه فلا تهتزلرؤيته منه شعره ولا تتحرك في قلبه ذرة رحمه!
يأتيه فيقول له : إني جائع فأطعمني ، مريض فساعدني ، سأموت فأنقذني ، فلا يلتفت إليه !
بأي حجة ؟ ؟!
بحجة الذكاء والفطنة ! وما أوتي من الحكمة ! فهو لا يضع ماله إلا في موضعه الصحيح ، ولا تمر عليه الخدع والألاعيب!
يأتيه وهو في السوق يشتري ما يحتاج وما لا يحتاج ، يضع ماله فيما يستحق ومالا يستحق ، يشتري بثمن طعام شهر "ساعة" وبثمن كسوة صيف وشتاء "فستانا لزوجته " ثم يمد هذا المعدم يده إليه فلا يضع فيها ريالا بحجة أنه لا يستحق !
أو ربما يرده خائبا ليدخر ما سيعطيه إياه لفقير آخر يعرف بيته ، لأن المتعفف أولى من السائل !
أعلم أن الإسلام دعانا إلى التفكير وإعمال العقل ، ولا يرضى بأن يكون المسلم غبيا ساذجا
ولكن هل هذا ما دعا إليه الإسلام؟
أيهم يرضي الله أكثر ذكاؤك أم عطاؤك؟
وهلا جئت أيها المسلم الفطن لتفهمني ما مراد الله من هذه الآية :
" وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم "
هل خصص في السائل أن تكون متيقنا من حاجته وفقره؟؟! وإلا فهو ليس بـ "سائل" !؟
وإن ادخرت كل مالك للمتعفف فأين حق السائل؟
وما قولك في هذا الحديث؟
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية ! فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية!
قال اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة
فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني!
قال اللهم لك الحمد على غني لأتصدقن بصدقة
فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق !
فقال اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق
فأتي فقيل له أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله ولعل السارق يستعف بها عن سرقته .
.....
وما رأيك في هذا الحديث؟
قال صلى الله عليه وسلم : " من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر"
أي أن هذا الصنف المستكثر كان على أيام الرسول لكنه صلى الله عليه وسلم لم يخاطبنا فيأمرنا بما نفعله معه ( لأن السائل يعطى ) وإنما خاطبه هو !
المشكلة ليست مشكلتك إنما مشكلته هو !
وأخيرا إقرا هذا الحديث إن شئت :
عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد - وكانت ممن بايع الرسول - أنها قالت : يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد له شيئا أعطيه إياه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لم تجدي شيئا تعطينه إياه إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه في يده "
الظلف : الظفر للبقرة والشاة ونحوها . الوسيط
وقوله "ظلفا محرقا " قيد الإحراق مبالغة في رد السائل بأدنى ما تيسر أي لا ترديه محروما بلا شيء مهما أمكن حتى إن وجدت شيئا حقيرا مثل الظلف المحرق أعطه إياه . تحفة الأحوذي.
وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا تردوا السائل ولو بظلف محرق"
ثم أيها المسلم الذكي ألم تعرف من الخصال الحميدة إلا الذكاء ؟
ألم تر الإسلام يدعو لشيء سوى الفطنة ؟
فأين التعاون والتكافل ؟ وأين البر والإحسان ؟ وأين الرأفة والرحمة ؟ وأين الكرم والعطاء ؟
قد كان الناس سابقا يعرضون حياتهم للموت دفاعا عن خلق كريم وإبقاء له
أفلا نضحي نحن بشيء من أموالنا دفاعا عن الرحمة ! لئلا يقال ذهبت الرحمة من الناس ! ذهبت الرحمة من المسلمين !
وإنها والله ليست تضحية وإنما زيادة مال وبركة وأجر !
....
إني لا أدعوك في حديثي هذا للصدقة
ولكن..
لا تصبغ القسوة بالفطنة ولا تلصقها بالإسلام ولا بالأخلاق الكريمة ..
..
هذا رأيي فإن كنت على خطأ فقوموني أكن لكم من الشاكرين ~




رد مع اقتباس


المفضلات