"الفصل الثالث"
تفرق كل من في الغرفة, فهذه شفاء قد مضت مع سارة في جولة تعارف أحبت أن تطلعها فيها على بعض الأثاث وحليّها, و يامن يخبرهم بأعلى صوته أنه لم يتبق على وقت الحضور إلا نصف ساعة!
وفي تلك الحجرة ما زال الصمت يملأ المكان حيث توجد آلاء و جميلة, نطقت آلاء أخيرًا وهي خائفة من تجاهل آخر من جميلة فقالت:"هل ستحضرين اليوم؟"
ردت جميلة وهي تعقد حاجبيها بحيرة:"بالطبع.."
ابتسمت آلاء ابتسامة واسعة حين قالت:"حسنًا إذن فلنذهب إلى نزلكم, أتمنى أن لا يكون زيك المدرسي قد احترق.."
ضحكت جميلة وهي تقول:"اممم..لنستطلع الأمر.."
نهضت آلاء من على الأريكة ثم أمسكت بيد جميلة وقالت:"حسنًا,أتمنى أن لا يحدث شيء سيئ"
حالما وصلوا وأغلقت جميلة الباب وهي تتنهد بارتياح
قالت آلاء وكأنها قد تذكرت شيئًا ما:"آه! لقد نسيت أن أسألك عن سبب اشتعال النار في حجرة والدتك!"
قالت جميلة بلامبالاة:"أمي كانت تحاول تشغيل المذياع في التوصيلة الكهربائية..إذ بها تفاجأ بالنار تسري في الأسلاك ولكني لم أتداركها -بفصلها عن التيار- إلا بعدما تعدّت السجّاد!..إه..لا أهتم بهذا حقا!"
تمتمت آلاء بصوت خافت:"غريب!"
ضحكت جميلة كثيرًا ثم قالت لها:"أنتِ فعلاً لا تعرفينني! لا بأس تعالي معي أظن أنّي قد رتبت أدواتي في مكان ما!.."
مشوا بطريقة توحي لمن يراهم بأنهم لصوص!
وعندما وصلوا قرب الباب قالت آلاء بخوف:"اسبقيني إلى الداخل!"
دخلت جميلة بصمت...
بعد فترة فوجئت آلاء عندما سمعت صوت الركض فإذا بجميلة تمسك بها وهي تصرخ :"أخوك في الداخل..إنه نائم!"
كادت آلاء أن تضحك لكنها تماسكت فقالت:"الغبي ما الذي أتى به إلى هنا؟!.."
وعندما حركت قدمها حتى تدخل سمعت جميلة تقول:"لقد كان يطفئ النار..."
..
فور عودتهم إلى المكان الذي أتوا منه
استلقت آلاء على الأريكة وتنهدت بارتياح ثم قالت:
"لم أتوقع أنّك ستجدين كل شيء كما هو!.."
ردت جميلة بأنفاس متقطعة إثر الركض الذي مارستاه هي وآلاء في الممرات:"نعم...إه..لم يحترق سوى حجرة أمي..على أيّة حال فنزلنا ضيّق ولا غرفة فيه إلا تلك.., والحمد لله أني وضعت أغراضي في دولاب المستودع الضيّق؛حقيقة لقد خشيت عليه من سمية..آه بدأت أثرثر.."
تبسمت آلاء وهي تقول برجاء:"لا يا جميلة أرجوك لا تكوني هكذا ألن نصبح على طبيعتنا مع بعضنا؟"
صمتت جميلة وهي تبحلق في وجه آلاء بطريقة غريبة ثم قالت:"أنا على طبيعتي!"
ثم عادتا إلى نزلهما وعلى ما يبدو فقد غادر الأطفال و سيّار إلى المدرسة منذ فترة ما دلهما على أنهما قد قضيتا وقتًا طويلاً.
..
كانت آلاء تنظر إلى ساعتها الخضراء وهي تقول:"لقد تأخر الوقت يا جميلة هيا بنا"
وضعت دبوسًا ورديًا مميلة به غرتها وهي تقول:"آه..حسنًا انتظري سألبس حذائي.."
قالت آلاء بضجر:"بطيئة!"
ضحكت جميلة وهي تقول:"لم تري شيئًا بعد!"
حملت حقيبتها و هي تراقب آلاء بينما كانت تلقي نظرة أخيرة على شكلها, ابتسمتا لبعضهما بمرح وهما تجريان إلى الصالة حيث الحليب الساخن, ارتشفت آلاء القليل من الحليب بينما كانت جميلة تضرب بقدميها على الأرض معجّلةً لها وهي تقول:"تأخرنا كثيرًا.."
مسحت الحليب من على فمها براحة يدها وهي ترفع حقيبتها بسرعة ودعوا من في البيت وخرجتا.
نظرت آلاء إلى السماء بفرح وهي تقول محدثة نفسها:"إنه اليوم الأول أتمنى أن يكون جميلاً وأن نحظى بمعلمات طبيعيات!"
ابتسمت جميلة ابتسامة ساخرة وهي تسرع نحو سور المدرسة فقد اقتربتا منه ولم يكن في الشارع أحد غيرهما.
..
وفي ممر المدرسة المليء بالوريقات المعلقة على الجدران الملونة كانت كل واحدة تمشي خطوة وتتراجع خطوتين, بحيث تكون الأولى هي الأخيرة
قالت جميلة وهي تضحك:"اعترفي أنتِ لا تعلمين أين الصفّ!"
ضحكت آلاء كثيرًا وهي تقول:"حتى أنتِ! وء..."
ولم تستطع إكمال عبارتها لأن يدًا قد وضعت بسكون على كتفها, التفتت برعب ففوجئت بالمرأة الطويلة التي كانت تنظر إليها بازدراء.
تدخلت جميلة بصوت خائف:"من أنتِ؟"
رمقتها بنظرة خالية من أية تعبير ثم قالت:"ألا تعرفينني؟ أنا معلمة الصف الثالث ها هنا"
ثم مضت في طريقها لكن آلاء صرخت:"توقفي! نحن في الصف الثالث.." تنفست بصعوبة ثم أكملت:"دلينا عليه"
..
أوقفتهما عند الباب, وأمرتهما بأن ينتظرا إلى أن تسمح لهما بالدخول.
"ادخلا" هذا ما قالته بعد مرور نصف ساعة وهما تقفان عند الباب.
همست آلاء:"اسبقيني.."
نظرت جميلة بملل وهي تقول:"سندخل معًا"
..
كانت الطلاء على جدران الفصل متقشرًا ولا يحوي أي لوحة إلا واحدة فارغة, مما جعلهما تنظران باستغراب
ثم بدأتا بتأمل وجوه الفتيات, وكن كلهن ينظرن إليهما بفضول واضح.
انتفضت جميلة فجأة من صوت المعلمة:"هيا قدما نفسيكما"
تبادلتا النظرات بينما كانت التعليقات قد اخترقت أذنيهما:"يبدو أنهما قريبتين" , "نفس الطول! يا للغرابة!"
"تلك التي على اليمين عيناها جميلتين جدًا" ..
بدأت آلاء:"اسمي آلاء, للتو نزلنا هنا أتمنى أن تكون هذه السنة جميلة,تشرّفنا"
ثم اختارت مقعدًا خاليًا وجلست بارتياح وكانت تحس بنظرات قوية موجهة إليها ولم تك تعلم من أين!
بعدما نظرت المعلمة بغضب إلى جميلة قالت:"اسمي جميلة, أحب القراءة, ء..تشرّفنا..أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا يا بنات!"
كانت تريد الجلوس قرب آلاء لكن واحدة من الفتيات بدلت مكانها وجلست قرب آلاء وهي تبتسم بطريقة غير مريحة!
لم تقل شيئًا وجلست في المقعد الذي قامت الفتاة منه و وضعت حقيبتها على الطاولة وهي تتنهد.
..
انتهت الحصة, وما إن رن الجرس حتى بدأت الفتيات بالثرثرة, سألت الفتاة الغريبة آلاء وهي تقول بارتباك:"ما صلة قرابتك مع هذه" وأشارت نحو جميلة بطريقة كريهة.
..
وفي مكان آخر حيث مدرسة الثانوية للأولاد كان سيّار يحاول الهروب من المدرسة بالقفز من فوق السور
ولكن أحد المعلمين ضبطه متلبسًا بجرمه, واقتاده إلى المدير ثم قال له وهو يوجه إليه نظرة تنم عن احتقار كبير:"يبدو أنك لا تعرف المدير جيدًا أيها الصعلوك!"
نظر سيار إلى المعلم بنظرة مماثلة, ثم قال:"لن أذهب!".
...
آسفة أنا حقًا ولكن لدي بعض الظروف المعذرة منكم جميعًا.
المفضلات