أضيف في :29 - 10 - 2012
تناولت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها الذي ننقله لكم من العالمية (
www.alamiya.org) الملف السوري ومسألة تدفق مقاتلين شيعة العراق لسوريا، فاوضحت الصحيفة انه بعد ذهاب مقاتلين من الطائفة السنية العراقية منذ شهور الى سوريا للقتال ضد الرئيس السوري بشار الأسد، انضم الآن مقاتلون عراقيون شيعة الى تلك المعركة باعداد متزايدة، انما هذه المرة الى جانب حكومة الأسد، وهو ما قد يحول الفتنة الطائفية العراقية الى حرب أهلية تكون قائمة على أساس التناحر الديني.
واشارت الصحيفة الى ان بعض الشيعة العراقيين يسافرون الى طهران، حيث تقوم الحكومة الايرانية التي تعد الحليف الرئيسي لسوريا في المنطقة، بنقلهم الى دمشق، في حين يلجأ البعض الآخر لنقل الأسلحة والمعدات والمقاتلين بواسطة حافلات تقلهم من مدينة النجف العراقية الى سوريا بحجة زيارة أحد أهم الأضرحة الشيعية في دمشق، والذي يتم حمايته منذ شهور من قبل عراقيين مسلحين.
وفي هذا السياق نقلت الصحيفة عن أحمد الحساني، شاب عراقي يبلغ من العمر 25 عاما قوله: "انضم الينا عشرات العراقيين، ويزداد عدد المقاتلين التابعين لفرقتنا يوما بعد يوم"، مشيرا الى أنه قد وصل الى سوريا منذ شهرين عبر طهران.
هذا وينضم المقاتلون العراقيون الشيعة الى قوات تضم مقاتلين من لبنان وايران، وهو ما يجعل سوريا أقرب ما تكون الى ساحة كبيرة لحرب طائفية اقليمية.
ولبنان الذي يضم 100 ألف لاجئ سوري بات على حافة الهاوية خاصة بعد اغتيال رئيس الاستخبارات السني وسام الحسن في انفجار بسيارة مفخخة، وألقى الكثير من اللبنانيين باللائمة على الحكومة السورية وحلفائها. من جانبها تكافح الأردن، التي تؤوي أكثر من 180 ألف لاجئ سوري، لاحتواء العنف على حدودها، والذي أودى بحياة جندي أردني في تبادل لاطلاق النار مع متطرفين الأسبوع الماضي، اما تركيا التي تضم أكثر من 100 ألف لاجئ سوري، فقد تبادلت قذائف المدفعية مع القوات السورية عقب مقتل خمسة مدنيين أتراك جراء قصف سوري بالقرب من الحدود المشتركة بين البلدين في وقت سابق من الشهر الجاري.
والآن، بات العراق، الذي ما زال يعاني من المذابح الطائفية الخاصة به، متورطا بصورة متزايدة في النزاع السوري. ويبدو ان ايران، ذات الأغلبية الشيعية مثلها في ذلك مثل العراق، تلعب دورا حاسما في تعبئة العراقيين.
ووفقا لتصريحات قادة شيعة فان المتطوعين العراقيين يحصلون على أسلحة وامدادات من الحكومتين السورية والايرانية، هذا وتقوم إيران بتنظيم رحلات الى العراقيين الذين الراغبين في القتال الى جانب الحكومة السورية.
وتضغط ايران على العراقيين لتنظيم لجان تكون مهمتها تجنيد مقاتلين شباب، وقد تم تشكيل هذه اللجان بالفعل في الآونة الأخيرة في معقل الشيعة بجنوب العراق وفي محافظة ديالى شمال العاصمة العراقية بغداد.
واوضحت الصحيفة ان الكثير من العراقيين الشيعة يعتبرون أن الحرب السورية، التي تثور فيها الأغلبية السنية على الحكومة التي يتحكم بها العلويون، عبارة عن معركة من أجل مستقبل الشيعة. وقد برز هذا الصراع الطائفي من خلال تدفق المتطرفين السنة المتحالفين مع تنظيم القاعدة والذين انضموا للقتال الى جانب المعارضة ضد النظام السوري، تماما كما فعلوا خلال العقد الماضي عندما كانوا يقاتلون ضد الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية.
واوضح المحلل السياسي والأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة بغداد احسان الشمري: "أصبحت سوريا مفتوحة الآن أمام كافة المقاتلين، وتلعب القاعدة على وتر الطائفية، وهو ما سيثير ردود فعل الشيعة، كما حصل في العراق". وأضاف الشمري: "يكمن خوفي الأكبر حيال الأزمة السورية في تداعياتها المحتملة على العراق الذي لا يزال يعاني من العنف الطائفي".
من جهته قال علي حاتم، وهو شاب عراقي كان يخطط للسفر الى طهران ومنها الى دمشق، انه يرى أن الدعوة للقتال الى جانب الرئيس الأسد هي جزء من "واجبه الديني".
اما أبو محمد، وهو مسؤول في محافظة بابل بالتيار الصدري السياسي الذي يتبع الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، فاشار الى انه تلقى دعوة في الآونة الأخيرة من قيادة التيار الصدري لكي يحضر اجتماعا في مدينة النجف لمناقشة الأمور المتعلقة بزيارة ضريح السيدة زينب في دمشق. ونقلت الصحيفة عن أبو محمد قوله:" نعرف أن هذا ليس هو الغرض الحقيقي من الاجتماع لأن الوضع غير ملائم لمثل هذه الزيارة. وعندما ذهبنا الى النجف، قيل لنا ان هذه دعوة للقتال في سوريا ضد السلفيين".
وكشف مسؤول بارز في التيار الصدري وعضو سابق في البرلمان العراقي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، ان الحافلات القادمة من النجف، والتي يقال انها تحمل حجاجا من الشيعة، تحمل أسلحة ومقاتلين الى دمشق.
واشارت الصحيفة الى ان ايران، التي تتهم بارسال أسلحة ومقاتلين الى سوريا، فعلى ما يبدو انها تتبع نفس الحيلة، فعقب قيام الثوار السوريين باعتقال 48 ايرانيا في دمشق في شهر آب/اغسطس الماضي، قالت الحكومة الايرانية انهم من الحجاج الشيعة وأعربت عن غضبها جراء اختطافهم من قبل الثوار السوريين. ويقول مسؤولو استخبارات أميركيون ان بعض هؤلاء الحجاج هم أعضاء في الحرس الثوري الايراني.
ومع ذلك، لا يميل المحاربون الدينيون الى هذا التمييز طوال الوقت، ففي محافظة ديالى، التي لا تزال مرتعا للتمرد السني في العراق، يقول القادة الشيعة انهم يبحثون عن متطوعين لقوج القتال من أجل الدفاع عن ضريح السيدة زينب ضد "اصحاب الفكر السلفي المتشدد المدعوم من قبل دول الخليج"، وفق ما يقوله أبو علي الموسوي، وهو رئيس اللجنة المسؤولة عن تجنيد الشباب لهذا الغرض، مشيرا الى أن 70 رجلا من محافظة ديالى قد سافروا مؤخرا للقتال الى جانب النظام السوري.
وقال أبو سجاد، والذي انتقل الى دمشق عام 2008 ويقاتل الآن الى جانب الحكومة السورية منذ اندلاع الثورة، انه وغيره من المقاتلين العراقيين يقاتلون في حقيقة الأمر من أجل حماية ضريح السيدة زينب، وأضاف انه كان يحصل على الأسلحة والامدادات من الحكومة السورية.
وقال أبو سجاد: "يمكنني القول بأن الأمور ستزداد توترا في سوريا. إنها حرب طائفية، وربما تكون أسوأ من الحرب التي كانت هنا بين الميليشيات والأحزاب السياسية، لأن الصراع السوري يشمل كل الناس، ويمكنك بسهولة أن تشعر بحالة الكره الموجودة بين السنة والعلويين، حيث تقوم كل طائفة بكل ما في وسعها للتخلص من الطائفة الأخرى".
وفي بداية الأمر، لم يكن الشيعة العراقيون مع أي من الجانبين، علاوة على أن الكثير من الشيعة يحتقرون الرئيس الأسد بسبب انتمائه لحزب البعث الذي كان ينتمي اليه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ودعمه للمقاتلين السنة خلال الحرب العراقية، ولكن بعدما تحولت الانتفاضة السورية الى صراع مسلح ينضم اليه المقاتلون السنة، قرر الكثير من الشيعة الانضمام الى القتال الى جانب النظام السوري من منطلق الدفاع عن وجودهم، وغالبا ما يصف المتدينون الشيعة في العراق الصراع السوري بأنه بداية تحقيق النبوءة الشيعية التي تنذر بنهاية العالم من خلال التنبؤ بظهور جيش تحت قيادة رجل يشبه الشيطان اسمه السفياني في سوريا ثم يقوم بقهر الشيعة في العراق.
وكان تفجير أحد أهم الأضرحة الشيعية في مدينة سامراء العراقية عام 2006، هو السبب الرئيسي في تصاعد وتيرة الحرب الأهلية الطائفية في العراق ويرى الكثير من العراقيين أن الأحداث الجارية في سوريا ما هي الا صورة من الأحداث الدموية التي شهدها العراق، ولكن ستكون تبعاتها أخطر.
وقال حسان الربيعي، وهو رجل دين شيعي من بعقوبة عاصمة محافظة ديالى: "ان تدمير ضريح السيدة زينب في سوريا سوف يعني بداية حرب أهلية طائفية في العراق، سوريا، لبنان، البحرين والمملكة العربية السعودية".
المفضلات