خرج يبغي صلاة جماعة في المسجد ..
إذ مرت سيارة فرفع نظره إلى جوارها لا إلى أصلها .. فأبصر بطَرَف طَرْفه وجهًا وضيئًا مستَقْبِلاً إياه .. فجمَّد وجهه قدر ما يستطيع .. ولكنه ما فعل ذلك حتى رفع يده إلى وجهه ليخفي ضحكة معجبة بنفسه .. مع لذة مخامرة لعقله الباطن – جدًّا - .. وقال :
" يا لهؤلاء الفتيات .. ألا يُرحن أنفسهن من تتبع الرجال هنا وهناك ؟!؟ " ..
وأكمل مسيره واستملك وجهه وعاد به إلى الجمود ..
صلَّى ورجع إلى بيته .. فإذا خروج إلى السوق ينتظره .. فإذا باللذة المخامرة تعاود عقله الباطن – جدًّا - .. وأما عقله الظاهر فقال :
" كان الله في العون .. لا بد أن السوق سيكون مملوءًا بهن !!! " ..
وصلوا إلى السوق .. فدخل هو شامخًا كأنما ملك السوق أو ملك من فيه .. وبتلك النظرات الواسنة نفسها .. فإذا به يحس كل وجه مليح أنثوي أو غير أنثوي ينظر إليه .. فكان لعقله الظاهر أن يبدي الاستزعاج والاستضياق .. وأما عقله الباطن – جدًّا – فكان له شأن آخر !!! ..
قال :
" اللهم ارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى .. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك .. اللهم أعذهن من شري وأعذني من شرهن " ..
وإذا بكل جماعة فتيات تمر به ضاحكات مارحات عابثات .. فعاوده عقله الباطن – جدًّا – بالظنون اللَّذَّة .. ثم قال لنفسه :
" أكل ذلك لمجرد أن أحدهم من الفتيان مر بهن ؟!؟ " ..
وهو يحس بتلك النظرات وتلك الضحكات واللهفات أحس بشيء آخر لذيذ بعض الشيء في عقله الباطن – جدًّا - .. فإذا به يحمد الله – تعالى – على ما آتاه – سبحانه – من جاذبية وكل ذلك التأثير .. !!!
وإذا به وهو يحدث من معه يحدثهم بوجه طليق ولفظ رشيق وحس جميل رقيق .. وكان شأن عقله الباطن – جدًّا – في ذلك طلب الإعجاب من الحسان الأتراب .. وأما عقله الظاهر فكان سموحًا لا يظهر استنكارًا ولا اعتذارًا فالملاحة من طبعه والجاذبيه من جبلته !!! ..
انتهت جولة السوق بعد جرعة من اللذة الباطنة والمتعة الماتعة .. وهو يحس بنشوة بعيدة يأبى عليها إلا أن تكون بعيدة .. ليرضي حسه الديني الوهمي البعيد !!! ..
وكلما تذكر تلك النظرات الناضرات واللمحات المشتهيات والضحكات المستجلبة للنظرات تلذذ بالإحساس ثم استغفر الله وسأله العفاف والشكر ..
رجع إلى بيته .. وفتح حاسوبه .. فإذا هناك دعوة من تلك الدعوات الماسنجرية من غريب .. ضحكة يحاول إخفاءها تلاها قوله :
" أستغفر الله العظيم .. لا بد أنها منهن .. ألا يرعين للعفة حسابًا ؟!؟ " ..
كل ذلك كان في جنب ذاك المليح .. فماذا عن جنب أولئك الناظرات اللاهفات ؟!؟ ..
نسترجع الزمن !!! ..
ذلك الوجه الوضيء كان لطفل بريء ما كان يخطر في باله حملقة ولا عشق !!! ..
وفتيات السوق .. كانت كل فتاة مع قرينتها .. مستمتعة مستأنسة مستنزهة بالرفقة والصحبة .. وما كان للـ" مليح " وجود في خواطرهن !!! ..
وأما الدعوة فكانت من مخطئ في العنوان .. وما كان لـ" هن " في هذا أي شان ..
سبحان الله العظيم !!! .. نرجع إلى جانب المليح ..
يفتح التلفاز فيبصر الحسان من النساء والولدان .. فيأخذه فيهم الاستحسان .. ثم يحوِّل نظره مستعفًّا بعينه عن الحرام .. مستحسرًا في عقله الباطن – جدًّا – ألاَّ يشعر بذلك العشق الفياض من قِبَل من رآه ..
رفع نظره للمرآة بتوجيه من عقله الباطن – جدًّا – فإذا به يرى الملاحة والحسن .. فاطمأن بعض الاطمئنان .. ولكنه أخذ في نفسه أنْ متى يكون هو ذلك المشهور الذي لا يخفى .. حتى تلتذ نفسه بتلك النظرات اللاهفات والعيون الراجيات من الأوجه الناضرات الواضئات ؟!؟ .. وسَبَحَ في خياله لحيظات ماتعات .. ثم استدرك نفسه مجددًّا .. فاستغفر ربه من طلبه الحرامَ وقال : " اللهم حَسِّن خلقي كما حسنت خلقي " .. إلا أن عقله الباطن – جدًّا – لم يفتأ عن الطلب !!! ..
ذاك المليح المتناقض .. الطالب عشقًا حينًا .. المستغفر المصلي المنيب في الحين نفسه .. لو علم حقيقة الحال .. لعلم أن كل ذاك محال !!! ..
ولو علم حقيقة الحال لما استلذ ذاك الاستلذاذ .. ولما استمتع ذاك الاستمتاع .. ولما استحسر ذاك الاستحسار .. وما ذاك الاستحسار إلا لتعب قلبه ومرضه بذكر العشق والتعشق .. وإنما هو الوهم اللذيذ الخادع !!! ..
ألا فرحم الله أزيار النساء !!! ..
******************************************
كان ذلك زير النساء من النوع الآخر !!! ..
عسى أن نكون غير متدنين عن مستوى التوقعات .. وعسى أن تنال القبول والغفران فيما كان من خلل أو زلل من الرب الغفور الرحيم ..
وها قد قطعنا نصف المشوار ..
وإلى حين .. تقبلوا تحية أخيكم المخلص المحب / المُوتِر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المفضلات