بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير المرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و أهلاً و سهلاً بكم إخوتي
إننا نتحدث اليوم عن مرضٍ و الأمراض كثيرة ،و لكنه مرضٌ نفسيّ و أمراض النفس عديدة إنه مرض إزدواج الشخصية.
للتوضيح : هنالك خلط كبير بين مرض إزدواج الشخصية و بين مرض الفصام و مرض تعدد الشخصيات الفصامي رغم أن الخلط موجود أيضاً بين هذين الأخيرين.
أسباب المرض:
البعض يقول بأنه إضطراب بالمخ ولكن السبب غير واضح فالأبحاث تشير إلى أسباب وراثية والبعض الآخر يشير إلى مضاعفات الولادة مثل ( عدوى فيروسية خلال فترة الحمل أو انفلات جيني وتأخر في التطور العصبي للمريض ) . و مؤخراً قامت أبحاث حول كيميائية المخ خاصة مادة الدوبامين تشير إلى أنها ستوضح السبب الواقعي وراء هذا المرض.
الإصابة بالمرض و الأعراض:
يواجه الرجال هذه الحالة في أوائل إلى وسط العشرينات من أعمارهم أما السيدات فيكن في أواخر العشرينات.ولكن من ممكن أن يظهر خلال فترة المراهقة إذا تم الضغط على الشخص بشدة خلال فترة النضوج ، وإذا ظهرت الأعراض مبكراً فيؤدى هذا إلى شدة المرض،و يظهر ازدواج الشخصية أول الأمر كتدهور تدريجي في سلوك الشخص أو إنقطاع فجائي من الواقع فيبدو الشخص طبيعي يوماً ولكن يمرض اليوم التالي وفي حالات أخرى يكون الشخص غير طبيعياً منذ طفولته.
و يشمل إزدواج الشخصية إضطرابات في التفكير و إعتقادات خاطئة غريبة وغير عادية وهلوسة منها سماع أشياء ورؤية أشياء لا وجود لها وعادة ما يفقد المريض القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو في رأسه. توجد بعض المعتقدات أن الأحداث اليومية في حياة الشخص مثل الإعلانات أو المقالات في الكتب أو كلمات الأغاني موجهةً له . وتعتبر الأوهام من الأشياء المميزة لهذا المرض حيث يشعر المريض أن الآخرين يتجسسون عليه أو يعذبوه أو يتابعوه أو يسخرون منه أو يحاولون الإيقاع به ويشعر المريض أيضاً بأن قوة خارجية تتحكم في أفكاره أو أفعاله أو مشاعره.
و قد يعاني الشخص من تقلبات في المزاج أو برودة شديدة في المشاعر وعادة لا تناسب الظروف فيضحك في المآسي ويبكي في الفرح و تبدو أفعاله غريبة وغير منتظمة وينسحب من المجتمع ولا ينجح فى الأعمال البسيطة اليومية فيرتدي ملابس غير نظيفة و لا تناسب المكان الذي هو فيه و يواجه مشاكل في النظافة الصحية ويتبع سلوك جنسي غير قويم.
العلاج :
أهم وسائل العلاج هي عقاقير الأمراض العصبية التي تؤثر على جهاز تنشيط مادة الدوبامين التي تقلّل من الأعراض النفسية ، وتشمل هذه العقاقير هالدول أو بروليكسين أو تورازين . و قد ينتج عن هذه الأدوية آثار جانبية منها إنخفاض ضغط الدم ، الدوخة ، جفاف الفم ، زغللة في العيون ، إمساك ، زيادة في الوزن و العقاقير القوية مثل هالدول و بروليكسين تسبب القلق و إنقباضات في العضلات ورعشة ولكنهم يسببون نفس الأعراض الجانبية السابقة .عرض جانبي سيئ جداً هو حركات لا إدارية للوجه والساقين والذراعين ويحدث هذا عندما يتم تناول العقاقير لمدة طويلة . توجد أنواع جديدة من العقاقير التي تستخدم في الأنواع الشديدة من إزدواج الشخصية وبما أنها تعمل خصّيصاً على مادة الدوبامين ولها أعراض جانبية أقلّ وقد لا ينتج منها الحركات الاإرادية . ومنها عقار الكلوزابين الذي يقلل عدد كريّات الدم البيضاء وبذلك يقلل من مناعة الجسم فلذلك يجب متابعة الغدد أسبوعياً , في الحقيقة يفضل متابعة جميع المرضى عن قرب فقد ينوي المريض التوقف عن العقار عندما يشعر بتحسن ولكن يجب أن يعلم أن الأعراض ستعاوده مرة أخرى إذا توقف عن تناول العقار إما في الحال أو بعدها بعدة شهور ، و بما أن المرض شديد و مزمن ويؤثر على الحياة الطبيعية فيفضل أن يوضع المريض في مستشفى أو مصحة لتعليم المريض كيفية التكيف مع المجتمع و بذلك يستطيع المريض أن يحيا حياة مستقلة مع مساعدة من أفراد الأسرة ، وإذا واجه المريض نوبة من الاختلال النفسي إما بسبب توقف المريض عن تناول العقار أو حتى خلال تناوله فيجب على المريض دخول المستشفى خاصة إذا تم تشخيص المرض بعد محاولة للإنتحار.
الشفاء من المرض :
قد يشفى المريض كلياً أو جزئياً خلال مدة طويلة المدى أو مدة محددة .
ما بين 25 ـ 50% يدمنون الكحوليات أو المخدرات وتنتابهم حالات رغبة في الانتحار ، ولكن هذا لا يعني أنه يحتاج إلى التواجد في مستشفى أو مصحة طول العمر فيمكن أن تتحسن حالته مع العقاقير ومساعدة الأهل وتعليمه كيفية التعامل مع المجتمع.
عافانا الله و إياكم من شرّ هذا المرض و من كل الأمراض و ما ألقيت لموضوع هذا المرض بالاً إلا عندما علمتُ أن خليفة المسلمين هارون الرشيد قد كان مصاباً به و هو مَلكُ ما بين الصين و فرنسا.
المفضلات