سُئل ذات مَّرةٍ . مَن أدَّبكَ كلَّ هذا الأدب ؟ فقال : نفسي .
بقي عبد الله بن المقفع على قيد الحياة بعد مقتل أستاذه وصديقه عبد الحميد الكاتب عشر سنوات
ثم قُتِلَ في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور شَرَّ قِتلة ، وفي قتلهِ تعدَّدت الأسباب والموت واحد ...
ينتمي عبد الله بن المقفع واسمه الحقيقي ( رَوْزبَةُ بن دَاذويهِ ) لأصول فارسية ، وكان زرادشتيَّا
فاعتنق الإسلام ، وسمَّى نفسه عبد الله ..
جمع ابن المقفع بين الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية ، وعُدَّ من البلغاء الفصحاء
ورأس الكُتَّاب في زمانه ، كما عُرف بحكمته وحفظه الجميلَ ، وأخلاقه الحميدة .
قيل له : وكيف يؤدِّب الإنسان نفسه بغير مُؤدِّب ؟
فقال : لِمَ لا ؟ كنتُ إذا رأيتُ حسنًا أتيتُه ، وإذا رأيتُ قبيحًا أبيْتُه ، وبهذا ونحوه أدَّبتُ نفسي
~~
وكان يقول :
.. || إذا أسديْتَ جميلا إلى إنسان فحَذارِ أن تذكُرَه ،وإذا أسدى إنسان إليك جميلا فحَذارِ أن تنساه || ..
~~
ومن أقواله الحكيمة البليغة :
... || إذا نابت أخاك إحدى النَّوائب من زوال نِعمةٍ أو نزول بليَّةٍ ، فاعلم أنَّك قد ابتُليتَ معه :
إما بالمؤاساة فتشاركه في البليَّة ، وإمَّا بالخذلان فتحتمل العار فآثِرِ المَخرج عند أشباه ذلك
وآثِر مُروءتك على ما سِواها ||...
~~
ومن أروع كتاباته وصْفُه الصَّديق حيث يقول :
|| وإني مُخبِرُك عن صاحبٍ لي ، كان من أعظم الناس في عيني ، وكان رأسَ ما أعظمه في عيني صِغَرُ الدنيا في عينه . كان خارجًا من سلطان بطنه ، فلا يتشهَّى ما لا يجد ، ولا يُكثِر إذا وجد ، وكان خارجًا من سلطان لسانه، فلا يقول ما لا يَعلم ، ولا يُنازع فيما يعلم ، وكان خارجًا من سلطان الجهالة فلا يُقْدِمُ أبدًا إلا على ثِقةٍ بمَنْفعةٍ وكان لا يلوم أحدًا على ما قد يكون العذر في مثله ، حتى يَعلمَ ما اعتذارُه ، وكان لا يستشير صاحبًا إلا مَن يرجو عنده النصيحة ...ولا يخصُّ نفسه دون إخوانه بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته||
~~
من أشهر مؤلفاته :
كتابا الأدب الصغير و الأدب الكبير
كتاب كليلة ودِمْنة . جعله على ألسنة الحيوان والطير
عندما شرع صديقي يتكلم بحماسة عن كتاب كليلة ودِمْنَة
وعن أثر الثقافات فيه رآني أتبسم ، وقبل أن يسألني عن السبب قلت له :
أشعر كأنك تتحدث عن مسلسل من مسلسلات الصغار أو حلقة من حلقات الرسوم المتحركة
فنظر إلي نظرة عتاب وقال : ليتك والكبارَ تعلمون ما فيه من العلوم والحكمة والموعظة الحسنة
~~فاستحييتُ ~~
المفضلات