بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم أتيتكم بموضوع مختلفٍ كليًا عن جميع المواضيع التي كتبتها ها هنا فهو 3×1
ومن العنوان يمكنكم معرفة أنه تابع للمعرفة بال|إضافة للقلم ونور على نور جعلنا الله
وإياكم مصابيح دجًا ونورًا على الدرب
الموضوع يتحدث عن الغضب نعم ذلك الشعور الذي يحرك هائجة الإنسان ويدفعه لعدم التعقل...
***
أقبل ذلك الرجل فرحًا مبتهجًا نحو ذلك الشخص هناك
ووقف بخضوع بين يديه حالمًا بوصية تجمع له الخير في الدنيا والآخرة فقال بعد أن سلم:
"أوصني"
فتدفقت الكلمات من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم يجيب على الرجل-والذي يقال في بعض الروايات أنه أبو الدرداء رضي الله عنه-:
"لا تغضب"
بدا أن الرجل حز في نفسه شيء فقد كان يرغب بشيء مختلف فالجميع يعلمون سوء الغضب فأعاد قائلًا:
"أوصني"
فأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا تغضب"
انتهى الموقف هنا...
ربما أغلبنا يعرف هذا الحديث بل أجزم أننا نقوله في حلنا وترحالنا
ولكن هل وقفنا في يوم وقفة...؟
وقفة لم أوصى من لا ينطق عن الهوى بعدم الغضب؟
بل هل وقفنا وقفة فكرنا فيها لم كرر من لم يترك أي شيء فيه خير لأمته إلى قاله ولم يترك أي شيء في سوء إلى نهاهم عنه؟
الغضب...
كلمة بغيضة الوقع على الأذن أشد سوءًا في وقعها على العقل
فما إن يلامس الغضب عقل شخص إلا ويدفعه لكل ما لا تحمد عقباه ولكل فعل لم يكن ليقدم عليه لو لم يكن غضبانًا... وهنا أشد
آثار الغضب؟
من منا لم يغضب قط؟
بالتأكيد كلنا
هل كل أنواع الغضب مكروها؟
أه.. هنا مربط الفرس
قلنا فيما سبق أن الجميع غضبوا وهذا يشمل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بعدم الغضب ولكن انتظروا...
فالغضب أنواع منه المحمود ومنه المذموم
فالمحمود هو الغضب لحدود الله والتعدي عليها وهذا هو الغضب الذي كان يغضبه صلى الله عليه وسلم وهو ليس من المشمول في
الحديث والوصية بل يؤجر فاعله!
وكل ما سوى الغضب المحمود فهو مذموم ولتوضيح هذه النقطة:
كل غضب ركيزته الشيطان ويدفع الإنسان لفعل أفعال ما كان ليفعلها في وقت عدم غضبه وثورته فهو مذموم
وكما نعلم بأن الغضب هو ضد الرضا
قبل أن أذهب للجزئية الثانية والمتعلقة بالأدب أود ذكر نقطة مهمة
ألا وهي كظم الغيظ لا يخفى على أحد أنه من الصعب بل من الشاق التخلص من الغضب وعدم اتباعه فهذه جبلة جبل عليه الإنسان بالتأكيد هنا طرق للتخلص من الغضب سأذكرها بإذن الله
بعد الجزئية العلمية الثالثة
ولكن ما هو كظم الغيظ؟
كظم الغيظ هو كبت جوامح الغضب والعفو عن مسبب الغضب وعدم اتباع الشيطان وغضبه لا شك أن لكظم الغيظ أجر عظيم
فهو من الأمور التي تحتاج لقوة قال صلى الله عليه وسلم "
ليس القوي بالصرعة إنما القوي من يملك نفسه عند الغضب"
إذن فإن كبت الغضب هو القوة الحقيقة ولم يخفى عن الإسلام صعوبة هذا الأمر فرتب الأجر العظيم على هذا
عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيّره في أي الحور شاء )
إذن فقد رتب الإسلام الأجر الكبير على كظم الغيظ فالحور العين ليست بالأمر الهين
والتركيز على الحور العين يخص الرجل لأن المرأة بطبيعتها رقيقة وغضبها ليس كغضب الرجل
ومع هذا فهي تؤجر على كظمها الغيظ...
وليس أي كظم غضب فهو كظم الغيظ إنما كما في الحديث"
وهو يستطيع أن ينفذه" أي أن كظم الغيظ من أولياء الأمور والآباء
وغيرهم فهو واجب وليس مستحب
الجزئية الأدبية ^^ هي قصة معروفة أعتقد أن أغلبكم يعرفها^^":
ولد اشتهر بالعصبية كان مشهورًا بكثرة فقده لصوابه واجتياح الغضب له وكأنما هو محطة يستريح فيها الغضب..
أقبل إليه والده الحكيم يومًا وفي يديه كيس من المسامير وقال وهو يناوله الكيس:
يا بني أريد منك أن تدق مسمارًا في سياج حديقتنا الخشبي كلما اجتاحتك نوبة غضبة وفقدت أعصابك..
وهكذا بدأ الابن في تطبيق نصيحة الوالد العجيبة فهو لم يدرك مدى الفائدة منها!
فدق في اليوم الأول 37 مسمارًا ولكن إدخال المسمار في السياج لم يكن بتلك السهولة فحاول أن يكتم غيظه ويتمالك نفسه...
ومرت الأيام وأصبح في كل يوم يدق مساميرًا أقل...
إلى أن مرت أسابيع فاستطاع أن يملك نفسه وأن يمر اليوم دون أن يغضب ويفقد أعصابه ويثور ودون أن يدق أي مسمار فأتى والده فرحًا بهذا الإنجاز فانتقل الفرح منه إلى والده الذي سعد بهذا التقدم وقال:
الآن يا بني عليك أن تستخرج مسمارًا في كل يوم يمر دون أن تغضب ..
فبدأ الولد في تنفيذ كلام والده والإذعان له فأصبح ينتزع مسمارًا في كل يوم يمر دون أن يغضب...
إلى أن انتهى من نزع كل المساميرالموجودة في السياج
فجاء الفتى إلى والده ليخبره بإنجازه فابتسم الأب له ابتسامة حانية
ثم أخذه معه إلى الحديقة وقال له:
أحسنت صنعًا ولكن انظر الآن إلى السياج والثقوب التي به لن تعود أبدًا كما كانت وأضاف الحكيم:
عندما تقول أشيائًا حال الغضب فإنها تترك آثارًا مثل هذه الثقوب في قلوب الناس...
ثم أردف بعد أن سكت:
تستطيع أن تطعن إنسانًا وتخرج السكين ولكن لن يهم كم مرة ستقول"أنا آسف" ...
لأن الجرح سيظل هناك!
......
نعم هكذا وقع الغضب وتصرفات الغضبان غير المسؤولة وكما قالوا"الغضب..عدو الإنسان الأول!"
والآن الجزئية الأخيرة والمتعلقة بـ"شو الطبخة؟!" نور المعرفة
ألا وهي أضرار الغضب:
فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الغضب يسبب إجهاد القلب فعند الغضب يزداد ضخ القلب للدم نتيجة الإنفعال فتجهد عضلة القلب
ويسبب الغضب أيضًا تصلب الشرايين وفقدانها لمرونتها
كما أنه يسبب ارتفاع ضغط الدم ويسبب ارتفاع السكر في الدم ومن الممكن لا قدر الله أن يسبب العمى نظرًا لما يحدثه من تأثير على الأوعية الدموية في العين
هذا من الناحية العلمية
وبما يخص التخلص من الغضب:
فأولاً يجب أن نعرف أن الغضب من الشيطان عدو الإنسان والذي يحاول في كل صغيرة أو كبيرة أن يثير غضب الإنسان حتى يفقد وعيه فيصبح لعبة في يد إبليس!
إذن فالخطوة الأولى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
عن سُلَيْمَانَ بن صُرَدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ:
أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذَهَبَ عنْهُ مَا يَجِدُ» . فَقَالُوا لَهُ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعَوّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
ثاني خطوة أن يتوضأ
وهو من هديه صلى الله عليه وسلم وهناك أحاديث في هذه ولكنها ضعيفة انظر http://www.saaid.net/Doat/Zugail/105.htm
وثالث خطوة أن يغير حاله فإذا كان قائم جلس وإذا كان في مجلس
خرج منه
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود .
والنقطة الأخيرة في الموضوع هي كيف أجتنب الوقوع في الغضب؟
كما أسلفنا فإن الغضب من الشيطان ومن سار مع هواه وغضب فقد ضعف وهان وأصبح لعبة في يد الشيطان
ومن كتم غضبه وكظم غيظه وخالف هواه فهو القوي الفائز حقًا
أولًا سؤال الله أن يكفيه ويبعد عنه الغضب لقوله صلى الله عليه وسلم:
وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب.
نعم فالغضب يحمل على الظلم فالإنسان في حال الرضا يتكلم بالحق أما في حال الغضب فيتأثر ولا يقول الحق فقد يقع في ظلم الآخرين لذلك سأل الرسول عليه السلام الله أن يجعله يقول الحق في
الرضا والغضب على حدٍ سواء
ثانيًا أن يفكر في الأمور وينظر في العواقب ويوازن بينها
وهذه النقطة صعبة للغاية فمن استطاع أن يقوم بها فهو القوي..
القوي حقًا!
وحريٌ بنا أن نعرف أن الغضب لا فائدة منه فهو كما يقال لن يعيد اللبن المسكوب
آمل أن تكونا استمتعتم بقدرة ما استفدتم بإذن الله فإنما هو جهد بسيط قمت بكتابته كليًا ^^"
وأسأل الله أن يبعد الغض عنا ..
آمين
المفضلات