بسم الله الرحمن الرحيمو الصلاة و السلام على اشرف المرسلين
في هذا الموضوع :
سأتحدث عن ظاهرة تشهد على و وحدانية الله و قدرته التي تفوق كل مقدرة
و هي : النسيج الكوني .. فبعد التعرف على عدة أبحاث حول هذا النسيج ظهر أنه هو ما تتحدث عنه الاية الكريمة : ( و السماء ذات الحبك ) .. فلتقرؤوا و لتستفيدوا .
ما يحتويه الموضوع :
1- في رحاب التفسير .
2- في رحاب اللغة .
3 – تطور المعرفة الإنسانية
4 – ما هو السوبر كمبيوتر ؟
5 – من أين جاءت هذه التسمية ؟
6 – خيوط من المادة المظلمة
في رحاب التفسير :
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: «وقال الضحاك والمنهال بن عمرو وغيرهما: مثل تجعد الماء والرمل والزرع، إذا ضَربَتْه الريح فينسُج بعضُه بعضاً طرائق طرائقَ، فذلك الحُبُك». ثم يقول: «وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: (ذَاتِ الْحُبُكِ) حُبكت بالنجوم». أما الإمام الزمخشري فقد تناول هذه الآية وقال في تفسيرها: «(الحُبُك) الطرائق مثل حُبُك الرمل والماء إذا ضربته الريح، وكذلك حُبُك الشَعر: آثار تثنيه وتكسّره. وإذا أجاد الحائك الحياكة قالوا: ما أحسن حبكه[1]». ونستطيع أن نتلمس من هذه التفاسير إشارة إلى النسيج والحَبْك والإحكام. وأن خيوط هذا النسيج هي النجوم، من خلال قول الحسن: «حُبكت بالنجوم».
أما علماء الإعجاز العلمي حديثاً فقد فهموا هذه الآية بشكل يوافق الحقائق العلمية المكتشفة في القرن العشرين، ومنهم الدكتور زغلول النجار الذي تحدث عن هذه الآية بقوله: «وهنا يتضح جانب من الوصف القرآني للسماء, بأنها ذات (حُبُك) أي ذات ترابط محكم شديد يربط بين جميع مكوناتها, من أدق دقائقها وهي اللبنات الأولية في داخل نواة الذرة, إلى أكبر وحداتها وهي التجمعات المجرية العظمى إلى كل الكون».
في رحاب اللغة :
يقول ابن منظور في معجمه لسان العرب حول معنى قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ): «قال أبو إسحاق: وأهل اللغة يقولون: ذات الطرائق الحسنة».
أما معجم القاموس المحيط فيعطينا معنى هذه الكلمة كما يلي: «الحَبْكُ هو الشدّ والإحكام، وتحسين أثر الصنعة في الثوب».
وهذا يدل على أن علماء اللغة يربطون هذه الكلمة دائماً بنسج الثوب وإتقانه وإحكامه، وأنهم يتحدثون عن خيوط تُحبك وتُشد وترتبط بعُقد محكمة .يقسّم علماء الفلك اليوم المعرفة الإنسانية بالكون إلى ثلاثة عصور، الأول بدأ مع أبيقراط وأرسطو حيث سادت فكرة ثبات الأرض وحركة الكواكب والنجوم من حولها، وظلت فكرة ثبات الأرض سائدة مئات السنين حتى جاء العصر الثاني والذي بدأ مع كوبرنيكوس حيث أثبت أن الأرض ليست ثابتة إنما تدور حول الشمس، والعصر الثالث بدأ منذ مئة سنة مع آينشتاين الذي قدّم مفهوماً جديداً للزمن والمكان والطاقة والمادة والجاذبية.
و في مطلع القرن العشرين أيقن العلماء أن معظم النجوم التي نراها في ليلة صافية هي نجوم تابعة لمجرتنا اللبنية، واعتقدوا بأن شكل هذه المجرة هو مثل شكل العدسة، وأسموها الجزيرة الكونية أو المجرة galaxie ، وعلى ذلك فإنه من المحتمل أن يكون هنالك مجرات أخرى غيرها!
وبعد ذلك لاحظ الفلكيون وجود ما يشبه الغيوم أو الضباب المضيء خارج مجرتنا، فأطلقوا عليها اسم السدم nebulae . وفي العشرينات من القرن العشرين أوضح العالم الأمريكي هابل Hubble أن هذه السدم ما هي إلا مجرات تشبه مجرتنا درب التبانة. ثم اكتشف هذا العالم أن هذه المجرات تتحرك مبتعدة عنا بسرعات كبيرة، ولكننا لا نلاحظ هذه الحركة بسبب المسافات الهائلة التي تفصلنا عنها .</B>
لقد وجد العلماء أن المجرات تنتشر بكميات ضخمة، فقدروا عددها بمئات البلايين، وقدروا عدد النجوم في كل مجرة بمئات البلايين أيضاً. وبدأوا بطرح العديد من الأسئلة: ما هو شكل هذا الكون إذا نظرنا إليه من الخارج؟ وكيف تتوزع المجرات والغاز والغبار الكوني في الفراغ بين النجوم؟ وهل هنالك من نظام يحكم هذا التوزع؟
الإجابة عن هذه الأسئلة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق يستطيع رسم صورة مصغرة للكون. حيث قام العلماء بإدخال جميع البيانات الضرورية في هذا الكمبيوتر الضخم لإتمام المهمة، وكان هدف هذه العملية هو معرفة التوزع الدقيق للمجرات في الكون.
ما هو السوبر كمبيوتر ؟
بدّ أولاً من التعرف إلى هذا الجهاز الجديد وبعض الميزات التي يتمتع بها، لندرك صعوبة هذا الاكتشاف وضخامته. فقد طورت الشركات حديثاً في العام 2000 الكمبيوتر العملاق super وذلك لاستخدامه في عمليات المحاكاة، وقد بلغت سرعة هذا الجهاز أكثر من 12 تريليون عملية حسابية في الثانية الواحدة، ويزن هذا الجهاز أكثر من مئة ألف كيلو غرام، ويستهلك من الطاقة الكهربائية 1.2 ميغا واط، ويبلغ حجمه حجم ملعبي تنس!! وكان حجم ذاكرة هذا الجهاز 6 مليون مليون بايت.
لقد قام بعض العلماء من بريطانيا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة قريبة بأضخم عملية حاسوبية لرسم صورة مصغرة للكون، وتم إدخال عشرة آلاف مليون معلومة في السوبر كمبيوتر، حول عدد ضخم من المجرات يزيد على 20 مليون مجرة! وعلى الرغم من السرعة الفائقة لهذا الجهاز إلا أنه بقي يعمل في معالجة هذه البيانات مدة 28 يوماً حتى تمكن من رسم صورة مصغرة للكون!!
لقد تم إدخال معلومات عن توسع الكون، وعن سلوك النجوم والتجمعات المجرية، وعن المادة المظلمة في الكون، وكذلك تم إدخال معلومات عن الغاز والغبار الكوني، بهدف تقليد الكون في توسعه، وتحديد الطرق التي تسلكها المجرات والنجوم.
وقد كانت الصورة التي رسمها الكمبيوتر للكون تشبه إلى حد كبير نسيج العنكبوت، ولذلك فقد أطلق عليها العلماء مصطلح «النسيج الكوني».
من اين جاءت هذه التسمية ؟
إن مصطلح «النسيج الكوني» هو مصطلح حديث جداً، وقد أطلقه العلماء للتعبير عن بنية الكون لأنهم رأوا المجرات تصطف على خيوط دقيقة. فلو تأملنا أي خيط كوني سوف نجده خيطاً دقيقاً جداً بالمقاييس الكونية، فإذا علمنا بأن النجم الواحد يمتد في الفضاء لمسافة تساوي عدة ثوان ضوئية، فإن الخيط الكوني يمتد لعدة بلايين من السنوات الضوئية!
ولو قمنا مثلاً بتصغير خيط كوني حتى يصبح قطره ميليمتراً واحداً فإن طول هذا الخيط سيبلغ عدة مئات من الأمتار!! فتأمل دقة هذا الخيط الكوني، فهو رفيع جداً وطويل جداً، وعلى الرغم من ذلك نجده محكماً ومشدوداً بقوى كونية عظيمة. والسؤال: ألا يدل هذا على عظمة هذه الخيوط ودقة صنعها وإتقانها؟ ومن هنا ربما ندرك لماذا أقسم الله بها في كتابه المجيد.
خيوط من المادة المظلمة
هنالك إثباتات أن الكون يحتوي مادة مظلمة تسيطر على الكون، هذه المادة لا تزال مجهولة ولا تُرى. ويقول العلماء اليوم بأن كل ما نراه لا يتجاوز 4 % من حجم الكون، والباقي هو مادة مظلمة نسبتها 22 % وطاقة مظلمة بنسبة 74 %، والعجيب أنهم اكتشفوا أن المادة المظلمة تتوزع على نسيج محكم أيضاً! فالمادة المظلمة هي التي تربط المجرات بعضها ببعض عبر جسور كونية وهذه الجسور ما هي إلا خيوط أيضاً.
تشكل المادة المظلمة والطاقة المظلمة نسبة 96 % من الكون (23 % مادة مظلمة، 73 % طاقة مظلمة)، وكل ما نراه من هذا الكون أقل من 4 % وهنا ينبغي على الإنسان أن يتفكر في خلق السموات والأرض ليدرك عظمة قول الحق تبارك وتعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر: 57].
أتمنى أنكم تكونوا استفدتم
و انتظروا المزيد من مواضيعي الفلكية
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
المفضلات