السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركآته
كيف أنتم ؟ وكيف حالكُم مع الله ؟ أسأل الله ان تكُونوا في حالٍ يرضاهُ سُبحانه .. اللهمّ آمِين
ها أنا أستهلّ زاويتِي هُنا =) بذكرياتٍ مُؤلمة .. لا أنساها أبداً !
~
- أوه , شكلك شامِي .. من أين أنتِ ؟ !
- من فلسطين
- أو و و و ه !! - الف علامة تعجب - تذهبين الى فلسطين ؟!
- كل بضع سنين حسب الظرُوف
- والحرب ؟!
هذا هو بداية أي حوار تعارفيّ لأي فتاة معي ..
بدأً بِ استنكار وجُودي في الجامعة رُغم شكلي الشامي واسمي الشامي !
مروراً بعلامات التعجُّب انني من فلسطين بالذّات
نهايةً بالأسلُوب الاستفهامي : والحرب ؟!
من بعدها يتوجّب علي شرح أنني مواليد السعودية , وفيها نشأت وكبُرت وحالي حالُها أخاف من لفظ " حرب " !
[ قبل سبع سنوات ]
كانت زيارتي قبل الأخيرة لِ فلسطين .. والتي كرهتُ فيها فلسطين !
أسترجعُ الذّكريات ..
كانت رحلة العذاب !
كُنت في الصف السادس .. لا شيء سوى طفلة كَتب الله عليها أن تعيش مُغتربة !
وكذلك لي من أقاربِي فتياتُ بنفسِ سنّي .. كُتِب عليهنّ العيش في غزّة !
أخذنني الى السّطح .. أشررت إحداهُنّ إلى السّماء قائلة : " تمتلئ هذه السماء بالطائرات تقصفنا "
و أشارت إحداهن إلى عمارةٍ بالكادِ أراها تتورى خلف عمائر أقرب منها " هناك بيت الرنتيسي .. في أي لحظة قد يُقصف "
وبدأت المُوشّحة اللائمة : " انتِ في أمان وفي دلال و تلعبين كما تشائين و نحن في خوف نحن نحن نحن ... "
نزلتُ أرتعد وأبكِي .. ارتميتُ على الفراش وأنا أسألُ نفسِي : " ماذنبي أنا !! "
- طيارة الاباتشي والاف 16 -
كنت أركضُ لأمّي كلما سمعتُ صوتها الهدّار , و أسمعُ في المذياع جملةً ترعبني " نرجو من المواطنين أخذ الحيطة والحذر "
- سممر سممر هناك مفاجأة اصعدي الى السطح -
ليس ثمة إلا سوادُ الليل .. و تراشقُ نيران . . أقل ما أوصفُه بهِ مطر من نار !
كنتُ أرى كوابيس ليلية فيها اليهُود , أستيقظُ باكيةً أطلبُ أمي , تضحكُ علي ابنة خالي وتعدنِي انها لن تخبر أحداً
يأتي اليوم الثاني وقد وشت بي عند بنيات العمارة انني استيقظتُ باكيةً من كابوسٍ يهودي !
كرهتُ غزّة ..
كرهتها بقدر الخوف الذي انتابني فيها ..
بقدر اللوم الذي ألقي عليّ أنني لم أعش عيش أهلها
بقدر الايام التي كنا نزور فيها المعبر ونعلقُ فيه ك البهائم
بقدر الالم الذي تملكنا حين ابى اليهود الا حبس أخي في غزّة !
بقدر دموع امي طوال الخمس اشهر التي حُبِس فيها وحيداً حتى عاد لنا !
قولوا أي شيء إلا غزة .. إلا فلسطين ..
[ دراستي الجامعية ]
فلسطينيةُ لا حقّ لي في دراسةٍ جامعيّة هُنا
-اذهبي ادرسي الطب في الاردن كما اخوانكِ الشّباب !!
- الف مستحيل .. الجامعات مختلطة !
- اذن سافري الى غزّة لإكمال دراستك ..
هُنا الصّدمة .. لستُ شاباً لأغترب .. وأن يرسلنِي والديّ إلى غزّة لإكمال الدراسة
لكابوسُ لم اجرُء يوماً على تخيّله ..!
دموع أمي ليلياً ودعاؤها .. وكرمُ اللهِ وفضلُه اولاً واخراً .. يسّر اللهُ لي الأسباب و قُبلت .. !
[ الصيف الماضِي ]
شهرُ كامل في غزّة ..
لازالت نظرتُهم نفسُها في أنني الضعيفة المدُللة ..
ولا زالت تُضحكهم ردُّة فعلي كُلّما سمعتُ صدى صاروخٍ أو نبأ قصف
ولكن الأمر كان مختلف .. لا أدري من اين جاءني الانتماء .. الحبّ الشديد ..
حتى انني تمنيتُ لو انني اتممتُ دراستي هناك
الأنني أخيراً شعرتُ بأن لي أخوالاً وأعماماً ؟
أم لأننا أقمنا حفلة خطبةٍ لأخي و كانت الفرحة غامرة ؟
أم لأنني استشعرتُ قيمة أن تكُون في وطنك ؟
لا أدري ..
لكنهم لا يزالون يرددون ان مدللةً مثلي لن تستطيع عيشاً فيها
ولا زلتُ أتساءل : أحقاً هذا ؟!
[ قريباً بإذنه تعالى .. نستقر ]
والدي لا يفتأ يكرر موشحات الملل من الغُربة وأمّي كذلك ..
سنتين او ثلاثة بالكثير ان اراد الله .. و سنستقر للأبد في غزّة .. !
فحياتنا من البداية لم تكُن هُنا ..
و كما تقول امي : " لسنا افضل من ملاين الفلسطينين الذين يعانُون هناك "
لكنني سعيدة جداً بهذا القرار
بل أكاد أطيرُ شوقاً لأن أعود هناك
أريد خوض تجارب أكثر .. أريد أن أعرف معنى كوني فلسطينية !
أريد أن أصبح مثلهم .. إن سمعُوا لفظ " حرب " .. ضحكوا وقالوا : تعودنا !
[ والدي سافر الى غزة بالامس ]
ابي سافر الى غزة زيارةً لجدتي بالامس ..
قلتُ له " مسافرُ الى غزة ؟ .. خذني معك "
عجِب لي .. وضحك .. وقال : قريباً ان شاء الله جميعاً نسافر
اللهم اني استودعتُك والدي فاحفظه .. ورده الينا سالماً .. : )
غزة .. إن لم تحتويني جسداً
فقلبِي مَعك !
لكم ظلمتُكِ بالشُّعورِ حبيبتِي
لم أرعِي سمعِي .. لأسمعك
ولم أعِي .. كيف السّبيلُ لأن
أقبّلَ أرضَكِ .. وأمسَح أدمُعك
لكنّني وبإذن مولايَ الكريم
عمّا قريب ..
آتيك أبداً دُون أن أبكِي
و أودّعك
إني معك ..
دوماً معك ..
~
أتمنى أن هذا القبس من ذاكرتِي لم يكُن مُمّلاً ! =)
لا تنسوا ذكر الله , والصّلاة على الحبيب
المفضلات