قال تعالى مبينًا أمهات الأساليب الأساسية: { "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"} [النحل:125]
أسلوب الحكمَة:
هو الأسلوب الذي يضع الشيءَ موضعَـه، ومنها الإصابة في القول والعمل معًا، فيكون أسلوب الحكمة شاملاً لجميع الأساليب الدعوية من هذا الوجه.
-اختيارُ الله -عز وجل- لنفسه اسم الحكيم، وجعل تعليم الحكمة من أبرز أعمال الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
-أمرَ الله بالدعوة به، قال تعالى: { "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"} [النحل:125].
-جعلها أفضل ما يُعطَه المرءُ، قال تعالى: { "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ"} [البقرة:269]
-كونها مما يُتحاسَد عليه في الدنيا، ففي الحديث الشريف: ( "لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثنتَيْن: رجُلٌ آتَـاهُ اللهُ مَـالاً، فَسَلَّطَـه علَى هَلَكَتِـه في الحقِّ، وآخرٌ آتَـاه اللهُ حكمةً فَهُو يقضِي بهَـا وَيعلِّمُهـا") [صحيحُ البخاري-كتابُ الأحكام-] باب أجرِ من قضى بالحكمةِ لقولِـه تعالى(وَمَن لَم يَحكُمْ بمَـا أنزَلَ اللهُ فأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ) {المَائدة:47}].
تتعدد مظاهر أسلوب الحكمة وتكثر نظرًا لأن الحكمة السدادُ في القول والعمل.
أ- مظاهر الحكمة في جانب المناهج الدعوية:
1- ترتيب الأولويات، وتقديم الأهم على المهم، كأن يقدم العقائد على غيرها من العبادات والأخلاق.
2- التدرج في تطبيق الأولويات، ولا سيما في معالجة الأشخاص والأوضاع العامة.
3- مناسبة المنهج للأحوال والأعمار والمستويات، فلا يُعَد المنهجُ حكيمًا إذا ساوَى بين حالة الضَعف والقوة.
ب- من مظاهر الحكمة في جانب الأساليب:
1- اختيار المنهج المناسب لتطبيقه في الموقف المناسب والحالة المناسبة، فقد يصلح لحالة من الأحوال، أو معالجة موقف من المواقف ما لا يصلح لغيره.
2- اختيار الشكل المناسب من أشكال أساليب المنهج المختار، والحكمة تقتضي اختيار الشكل المناسب لكل موقف، فمَـا يُقال في الأفراح يختلف عما يُقال في الأتراح.
3- اعتماد مراتب الاحتساب وهي التعريف، ثم الوعظ، ثم التعنيف، ثم استعمال اليد، ثم التهديد، ثم الضرب .. قال تعالى: "{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34]
جـ- من مظاهر الحكمة في جانب الوسائل الدعوية:
وهي الأخلاق والصفات الحميدة واهتمامُ الداعية بها، وحرصُه عليها، واختيارُ الخُلُق المناسب للموقف المناسب.
استعمال الداعية كل وسيلة مباحة متيسرة متوفرة في عصره أيًّــا كان مصدرها، واجتناب كل وسيلة محرمة أو مكروهة، والترقي بالوسيلة الدعوية لتكون مكافئة للدعوة.
1. إمكان تعلمه واكتسابه، ومن أساليب تعلمه:
أ- قراءة القرآن والسنة.
ب- صحبة الحكماء والاقتباس منهم.
جـ- العمل بها وتطبيقها في مجال الدعوة.
د- الاستفادة من التجارب الدعوية الشخصية وغيرها.
2.عظيم آثاره في الدعوة، فالداعية الحكيم يصل إلى ما لا يصل إليه غيره.
الموعظَة في اللغة مشتقة من وعظَه يعِظُه وَعْظًا، وَعِظَةً، أَيْ: نصحَه وذكَّره بالعواقب، وأمره بالطاعة ووصَّـاه بها.
والموعظة الحسنة في الاصطلاح الدعوي، تُرادفُ النصيحة، ولها أشكال عديدة، فمن أشكالها القول الصريح اللطيف الليِّن، التعريض، الترغيب والترهيب، المدح والذم، القصة، التذكير بالنعم.
- أمر الله باستعماله، قال تعالى: { "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" } [النحل:125].
- جَعلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النصيحة أساس الدين.
- استخدام جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لها، فقد أخبر تعالى عن نوح عليه السلام أنه قال: { "وَأنصَحُ لَكُم"} [الأعراف:62]
من خصائصِـه:
لُطف عباراته وألفاظه، تنوع أشكاله وكثرتها، عظم آثاره في نفوس المدعوين، ويظهر فيما يلي:
أ. قبول الموعظة، وسرعة الاستجابة.
ب. غرس المحبة والمودة في نفوس المدعوين.
ج. محاصرة المنكرات والقضاء على انتشارها، بحيث يخجل الناس إذا لم يستجيبوا ممن يعظهم موعظة حسنة, ومن أمثلة ذلك استخدامه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الأسلوب مع الأعرابي الذي بال في المسجد.
عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة أو شبهة، ومنها مقابلة الأدلة لظهور أرجحها، وقد تكون المجادلة بالحسنى، وقد تكون بالباطل، قال تعالى: {"وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"} [النحل:125].
أهميته:
تظهر أهمية أسلوب الجدل في الدعوة إلى الله من عدة أمور:
1.الجَدَلُ أمر فطري جُبل عليه الإنسان، يَصدر من الصالح والطالح، قال تعالى: {"وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا"} [الكهف:54].
2.أمر الله باستخدامه.
3.استخدام الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - للجدل في دعوتهم.
4.اهتمام الدعاة به من زمن الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى يومنا هذا.
• اعتماده على العلم والمعرفة، فلا يصح الجدال من غير علم.
• إقامة الحجة على الخصم وإفحامه.
• تنوع بواعثه ودوافعه تنوعًا كبيرًا، فمنها:
أ. بواعث نفسية كالقناعة.
ب. بواعث علمية كالاستفادة والسؤال عما يُجهل.
ج. بواعث اجتماعية كالتحمس والتعصب لقول أو رأي.
القدوة في اللغة الأسوة، يقال فلان قدوة يُقتدى به.
وقيد القدوة هنا بالحسنة لتُخرجَ القدوة السيئة، فقد يكون الشخص أسوة حسنة أو أسوة سيئة.
والقدوة الحسنة في الإسلام تنقسم إلى قسمين:
1.قدوة حسنة مطلقة:
أيْ معصومة من الخطأ والزلل، كما هو في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
2.قدوة حسنة مقيدة:
أيْ بما شرع الله - عز وجل - لأنها غير معصومة، كما في الصالحين والأتقياء من عباد الله.
أهميتُـه:
جعل الله -عز وجل- لعباده أسوة حسنة في الرسل والصالحين من عباده، إن من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها أن يتأثروا بالمحاكاة والقدوة أكثر مما يتأثرون بالقراءة والسماع، إن أثر القدوة عام يشمل جميع الناس على مختلف مستوياتهم.
خصائص أسلوب القدوة:
سهولته وسرعة انتقال الخير من المقتدَى به إلى المقتدي، سلامة الأخذ وضمان الصحة... وهذا واقع مُشاهَد في حياة البشر، عمق التأثير في النفس البشرية، وسرعة استجابتها للأمور العملية أكثر من استجابتها للأمور النظرية، ومن هنا أشارت أم سلمة -رضي الله عنها- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمبادرة إلى الحلق والتحلل، ليقتدي به الناس عمليًّا، وكان كما قالت رضي الله عنها.
المفضلات