جوالي المسكين: عذرا و أقدم لك خالص أسفي و شكري وتقديري, فلم أعرف قيمتك إلا بعد أن تجللت شاشتك بالسواد و ولت و تجرعت ألامها وتغطت و آذنت بسبات مفاجئ بدون تنبيه مسبق!
كنت كأنك لمن أعلن الحداد مبكراً على نفسه و كأنك تود أن ترى ما أنا بفاعل لك و كم هو مقدار حبي لك في قلبي! و لكني أعتقد أنك نسيت أنني لم أحبك لشخصك الكريم بل للعديد من الأشياء اللتي لازالت حية داخل جسدك الميت. فالأوفياء موجودين و المخلصين كثر فإن كنت لست منهم فابتعد عنهم و اخرج من بينهم قبل أن يطردوك شر طردة.هل تعتقد بأني نسيت كم مرة آذيتني وكم مرة أزعجتني و أحزنتني و أنا في قمة هدوئي و سعادتي؟؟
أيها الغالي في قيمتك و الرخيص على قلبي ساعات أود فيها أن ألعنك لعنا متواصلاً و أستأنس برؤيتك وأنت تتفتت إلى أشلاء مبعثرة بعد أن اضربك في الحائط بأقصى قوة. لا أنكر جميلك في إيقاظي لمواعيدي و كونك وسيلة لي للتواصل مع العالم الخارجي. كما لا أنسى كذلك تلك الرسائل اللتي لا تحمل في طياتها إلا الأخبار السيئة و أحيانا أشك أيها العزيز أنك تختار التوقيت اللذي يكون مناسبا لإدخالي في متاهات القلق و دوامات الحزن و سراديب الكآبة. فكم من رسالة وفاة تخبرني بفقد عزيز و غالي لا تأتي إلا قبل موعد الاختبار.
فأصبحت أتسائل هل تعاقدت معك الجامعة لكي تساهم في إنخفاض معدلي؟ أم أحد المستشفيات النفسية لكي أكون زبوناً دائماً لهم؟ أم شيطان مارد يريد منك أن تجعلني أخسر مادفعته فيك وأبيعك بأبخس الأثمان لمن تعاقد معه هو مسبقاً؟! فمن يعلم فلربما وجدنا جنيا شريطياً و وسيطاً ماهراً لتنكيد الناس على ممتلكاتهم !!
ولكن هيهات هيهات أيها الخائن فمن تتعامل معه قد بلغ هآمة الجبال صبراً و أذل رؤوس الجبابرة حلماً و قاد الغضب كما يقاد الحمار -أكرم الله الملائكة و القارئين-. فمن أنت لكي تتجرأ وتعلن الحرب علي؟ وأنت مجرد آلة لا تتعدى حجم الكف طولاً و حجماً؟ بل ولاتملك لنفسك نفعاً ولا ضراً. فبيدي أحكم عليك برقود طويل أو عمل شاق متعب أو سبات تنتظر في أي لحظة نقرة توقظك من أحلامك الجميلة
آه من نكد الزمان و غربة الأيام!! يأبى جنابك اللعين إلا أن يعلن الحرب و أنا في ديار غربة؟؟ هل يعتقد سموك بأنك بهذا قد أذللتني و انتصرت علي؟ هل آمنت ولو للحظة بأنك تغلبت علي؟ وحان وقت مفارقتك لي؟؟عفواً أيها الجماد, فرحلتك لم تنتهي بعد فمازال لدي الكثير من الأشياء لأفعلها معك وبك. قلي لي برب السموات و الأرض مافائدة تلك الكاميرا اللتي غرست في ظهرك؟ او تلك الشاشة اللي غطت على ملامح وجهك؟ أتعتقد بأنهما قد بلغا أجلهما؟
اسف أيها العزيز فأنت مخطيء. تلك الكاميرا اللتي وثقت العديد من اللحظات السعيدة و الحزينة و الغريبة لازال بها أجل طويل. و تلك الشاشة اللتي غيبت شمسها و غطيت سطوعها بدكتاتوريتك البغيضة مازالت تشير لي بين الفينة و الفينة بأنها لاتزال تعمل و انها حية من أجلي. هي وفية تريد البقاء و مواصلة المسير ليست مثلك ألقيت عصاك وقلت ها أنا هنا ولن أبرح مكاني فافعل ماشئت فقد قررت الخلود إلى الراحة و التنعم بطول النوم و تناسيت بان المهندس لك بالمرصاد.
تنعم كما شئت أيها الخائن أليس الفجر بقريب! و أليس يعقب الظلام الحالك الفجر و نور الشمس؟! فمن أنت لتخالف هذا النظام الكوني و تفرض نظامك الخاص و كأن لك من الأمر شيئا؟؟
أنت على بعضك لست إلا مجموعة من المعادن و اللدائن جمعت معاً وبثت فيها النبضات الكهريبائة الحياة لكي تعلن للعالم أجمع ولي انا خصوصا انك حي تستقبل و ترسل و ترصد و توثق. فكيف تريد الآن التقاعد بدون إذن مسبق مني حضرة جنابي؟؟
نم أيها الخبيث و توسد ماشئت و التحف بكل ماتستطيع فقريباَ جداً سترسل إلى الطبيب لكي يعيد إليك النبض من جديد. و إن كان و لا بد فأنت إلى مزبلة التاريخ و مرحبا بمعالج جديد نشيط ولست أنت أيها الخامل الكسول. و إن استعصت حالتك على الخبراء و الاستشاريين ففي الغير البركة ولله الحمد فما أنت إلا محطة وقفت عندها فترة ثم أكملت مسيري. فلتعرف قدرك أيها الخائن كم حاولت التماس العذر لك ولكن للأسف فكل شيء ضدك, فاشهدي يا أيام الهناء و الشقاء على مادار بيننا من ضحك و بكاء و من سعادة و غضب, اشهدي يا دنيا بأن كل شيء له أجله, و لكل بداية نهاية مهما طال الزمان أو قصر,,
Written by
A b o O d -- S a M a
المفضلات