حلي أهل الجنة :
من أنواع النعيم المادي لأهل الجنة الحلي فقال عز وجل { يحلون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا } وجاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ من الوضوء ) أما أنواع الحلي التي ذكرت في القران فهي الأساور فقط ونحن نعلم أن الحلي لا تقتصر على الأساور بل هناك التيجان و غيرها أما التيجان فهي ما يزين به الرأس من الذهب و الفضة و الأحجار الكريمة ، وقد ورد في الأحاديث الشريفة أن أهل الجنة يلبسون التيجان و هي أنواع فمنها تاج الكرامة و تاج الوقار وهي مرصعة باللؤلؤ و الياقوت ،وروى الترمذي و الأمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذكر أهل الجنة فقال ( و أن عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق و المغرب ) وتبين أن التاج الذي يلبسه صاحب القران ووالداه يسمى تاج الكرامة .
أثاث أهل الجنة :
في جنة الخلد التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، نجد هنالك أثاث لأهلها ذكره الله في كتابه العزيز قال تعالى { و نزعنا ما في قلوبهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } ولو استعرضنا الآية الكريمة التي تذكر أثاث أهل الجنة لوجدنا أنه أنواع عدة كالسرر،و الأرائك ،و الفرش و غير ذلك
الســـرر:
قال تعالى { على سرر متقابلين } فهذه الأسرة المخصصة لأهل الجنة لها صفات عدة فهي مصفوفة ،و موضونة ،ومرفوعة وإذا كانت السرر في الدنيا تدل على التنعم و العيش الرغيد ويشترك فيها المؤمن و الكافر فهي في الآخرة خالصة للمؤمن قال تعالى { متكئين على سرر مصفوفة و زوجناهم بحور عين } فالأسرة منسوجة و مصنوعة بعناية ودقة لأنها مصنوعة من الذهب و الياقوت و اللآلئ كما أنها تزين بالذهب و الياقوت و الجواهر مع الإتقان في الصناعة و النسيج .
الفـــرش :
قال تعالى : { متكئين على فرش بطائنها من إستبرق } فقد وصف سبحانه الفرش بأنها مرفوعة وأن بطائنها من إستبرق إذا كانت هذه البطائن فما ظنك بالظاهر التي تشاهده العيون . هذه السرر و الفرش أنما هي لاستراحتهم وسمرهم ،ومضاجعة نسائهم و ملاقاة الحور العين وليست للنوم فلا نوم في الجنة .
و الخـــلاصة :
فإن أثاث أهل الجنة المذكور في الكتاب العزيز أنواع عدة كالسرر و ألارئك و الفرش و النمارق و الزرابي وهي أنواع جميعا في غاية الجمال و دقة الصنع ليس لها شبيه ولا مثيل وقد تكون أنواع أخرى من الأثاث لا نعلمها بل هي مما أخفاه الله لأهل جنته .
الحور العين :
خلق الله لعباده في الجنة أزواجا من الحور العين و كما تميزت الجنة عن الدنيا تميزت الحور العين فيها عن نساء الأرض قاطبة سواء في الصفات الجسمية أم الصفات النفسية قال تعالى { وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهم بيض مكنون }و الحور في اللغة :جمع أحور و حواء و الحور ظهور قليل من البياض في العين من بين السواد وذلك نهاية الحسن من العين .
وقال صلى الله عليه وسلم عن نساء أهل الجنة ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا و لنصيفها خير من الدنيا و ما فيها ) .
فالحور العين وجوههن كأنها الياقوت ذلك اللون الوردي الذي يحب الرجال أن تكون وجه النساء عليه ، فهو أبيض مشرب بحمرة و أما أجسامهن فهي بيضاء صافية كصفاء المرجان وجاء في الحديث الصحيح إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر و التي تليها على أضواء كوكب دري في السماء لكل أمريء منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ز ما في الجنة أعزب ).
تلك هي بعض الصفات الجسدية للحور العين ، فهي عذارى لم يمسهن انس و لا جان و أجسامهن فبيضاء شفافة مشربة بصفرة كالمرجان و اللؤلؤ المستخرج من الأصداف ، لونها كلون البيض أما وجوههن فهي في غاية الجمال و البهاء فهي بيضاء مشربة بحمرة الياقوت و صفاء المرجان أما العيون فجميلة النظرات واسعة الأحداق شديدات سواد المقل شديدات البياض فاترات الجفون رقيقات الحواجب مما يجعلها تأخذ العقول والألباب وهن في سن الشباب فلسن بالعجائز المترهلات الأجسام ولا بصغيرات السن وهن كواعب ناهدات الأثداء . ويتصفن أيضا بأنهن عواشق و محببات وغنجتا وغلمان وحسنات الكلام فلقد جمع سبحانه بين"حسن صورتها،وحسن عشرتها،وهذا غاية ما يطلب من النساء،.
ومن صفات الحور العين النفسية،أنهن لا ينظرن إلى غير أزواجهن،قال تعالى { وعندهم قاصرات الطرف عين } فالحور العين لا ينظرن الى غير أزواجهن فهن طاهرات منزهات عن كل العيوب الجسدية والنفسية ف.وكم تكون فرحة الحور العين كبيرة عندما يدخل المؤمن الجنة،روى الإمام مسلم حديث أدنى أهل الجنة منزلة وفيه"ثم يدخل بيته فتدخل علية زوجتاه من الحور العين فتقولان:الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك.قال فيقول:ما أعطي احد مثل ما أعطيت". بل إن الترمذي روى عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ،إلا قالت زوجته من الحور العين:لتؤذيه،قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل،يوشك إن يفارقك الينا ".أما عن عدد زوجات المؤمن من الحور العين في الجنة،فلم يذكره القران الكريم إنما ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للمؤمن زوجتين من الحور العين.ولكن كما إن أهل الجنة متفضلون من حيث ملكهم في الجنة،ومن حيث درجاتهم على حسب أعمالهم،فلربنا فاضل الله سبحانه وتعالى بينهم في عدد زوجاتهم من الحور العين،وعلى ما يبدو إن اقل أهل الجنة لدية زوجتان من الحور العين فهل يتماثل الأنبياء في الدرجات والملك في الجنة.مع أدنى أهل الجنة منزلة ودرجة؟
وخلاصة القول إن الحور العين يجمعن صفات الكمال الجسدية والمعنوية،لم يعصين الله قط،خلقهن الله لأهل الجنة،مهرهن الإيمان والعمل الصالح.
ملك أهل الجنة:
لهم الملك الواسع العظيم في الجنة إن صبروا وأطاعوا،وقد بشرهم الله سبحانه،فقال: { وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا } وقد جاء في الحديث الذي يرويه مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سأل موسى عليه السلام ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟قال: قال هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا آخذاتهم فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟فيقول رضيت رب فيقول:لك ذلك و مثله ومثله و مثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب قال قال رب فأعلاهم منزلة ؟قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر ).
غلمان أهل الجنة :
ذكر سبحانه أن لأهل الجنة غلمانا يخدمونهم فيطوفون بصحائف الطعام وآنية الشراب فقال سبحانه { و يطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون } قال أبن القيم "والأشبه أن هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة كالحور العين خدما لهم وغلمان " فالغلمان في الجنة خالدون لا يموتون و باقون على أشكالهم الجميلة لا يغيرهم مرور السنوات و مهمتهم خدمة عباد الله الصالحين وقد خلقوا في الجنة الذين سخرهم لخدمة ورعاية أهل الجنة . و التفاف الخدم و كثرتهم مع شدة جمالهم و احتفالهم بسيدهم يدل على الاحترام وهو غاية الإكرام و غلمان الجنة أعمارهم أقل من سن البلوغ بخلاف الحور العين .
النعيم الروحي في الجنة :
بعد أن استعرضنا ألوان النعيم المادي في الجنة نتحدث عن ألوان النعيم الروحي لأهل الجنة من حيث رؤيتهم لله عز وجل و رضوانه عليهم و إذا كان البعض ينظر للسعادة على أنها التملك و تمتع الجسم فهذه لا تكتمل إلا بسعادة الروح و طمأنينتها برضوان الله و الخلود الذي لا يعتريه موت في الجنة
أولا : رؤية أهل الجنة لله سبحانه و تعالى :
ذكر القران الكريم تحقيق رؤية المؤمنين لله في الجنة فقال تعالى { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة } وروى مسلم عن الني صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال: يقول الله تبارك و تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب وجل إليهم من النظر إلى ربهم عز ) وقد سأل الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( هل نرى ربنا يوم القيامة ؟فقال: هل تضارون في رؤية الشمس أو القمر إذا كنت صحوا ؟ قلنا : لا ، قال فأنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ).
ثانيا :رضوان الله على أهل الجنة :
و الرضوان : الرضا الكثير و لما كان أعظم الرضا رضا الله سبحانه خص لفظ الرضوان في القران بما كان من الله تعالى .
و إذا كان رضا الله على العبد في الدنيا في أن يراه "مؤتمر لأمره و منتهيا عن نهيه " فأن رضا الله عن أهل الجنة في الآخرة أن لا يسخط عليهم أبدا .
وروى الإمام مسلم عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يقول لأهل جنته يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا و سعديك و الخير في بيديك فيقول : هل رضيتم ؟فيقولون: لا نرضى يا رب و قد أعطيتنا ما لم تعط أحد من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون :يا رب و أي شيء أفضل من ذلك فيقول :أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) . وهذا الرضوان من الله على أهل جنته هو من أعظم النعم وهو يؤدي إلى طمأنينة أهل الجنة وراحتهم و انشراح صدورهم مما يزيد من تنعمهم و سرورهم .
ثالثا : طمأنينة أهل الجنة و رضاهم :
و الطمأنينة و الاطمئنان :"السكون بعد الانزعاج . و معنا رضوان المؤمنين عن الله كما قال المفسرون : أي رضاهم بهذا الجزاء الذي أثابهم الله به .
و من مظاهر طمأنينتهم نضارة وجوههم و نعومتها وسرورها و استبشارها قال تعالى { إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف و وجوههم نظرت النعيم }، ومن أسباب رضاهم و طمأنينتهم خلودهم في الجنة و الأمن من الموت ، و من الأسباب ما يجدونه في الجنة من عدم اللغو و الكذب بل الكل يسبحون و يستمتعون بنعمة قال تعالى { لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة و عشيا }.
رابعا:عدم الخوف و الحزن و الذلة:
لما كان رضوان الله أكبر من كل شيء ورضي المؤمنين بما أثابهم الله و أطمئنت قلوبهم و زكت نفوسهم فقد وعدهم الله زيادة في أمنهم أن لا يخافوا و لا يحزنوا و لا ترهق وجوههم القترة و قد بشر الله أهل الجنة بعدم الخوف في جنته فقال تعالى { يا عباد لا خوف عليكم اليوم و لا أنتم تحزنون } . و هذا نداء من الله عز وجل يوم القيامة لعباده المسلمين أن لا يخافوا بل عليهم الاطمئنان و الهدوء و السكينة لأنهم خافوا من الله في الدنيا فجعل الأمن لهم في الآخرة قال سبحانه { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر و تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } فأهل الجنة لا يخافون من أي هول بل هم آمنون في جنة عاليه أما الحزن فقال سبحانه على لسان أهل الجنة { قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور } ولماذا يغتم أهل الجنة و يحزنون ألم يدخلهم الله جنته ألم يبيض وجوههم ألم يعطيهم كل ما يشهون ألم ينعم عليهم فيغفر لهم ؟إذن لماذا يحزنون وقد آمنهم الله أن عليهم أن يفرحوا فرحة لم يفرحوا من قبل بمثلها و قد حمى الله أهل الجنة من الذل فقال { الذين أحسنوا الحسنى وزيادة و لا يرهق وجوهم قتر ولا ذلة }
خامسا : دعاء أهل الجنة :
طلب الله من عباده في الدنيا أن يدعوه فقال سبحانه { ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }و الدعاء يكون في الدنيا لطلب حاجة أو لدفع ضر .
أما في الجنة فأن الدعاء تسبيح الله و تحميده على ما أفاض من النعم عليهم و ما أعطاهم من الكرامة و المثوبة فقال تعالى { دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و لآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } .
فكما كانت لتهج ألسنتهم بدعاء الله و استغفاره و طلب الجنة و رضوانه فأنها في الآخرة تسبيحه و تنزيهه و تديم الحمد لله سبحانه و تعالى.
المفضلات