وهذه تتمة الموضوع كما وعدناكم
ـــــ ما لا يجوز من الأضاحي :
1 ــــ ولا يجوز التضحية بالعوراء البين عورها , ولا العمياء , ولا العرجاء البين ظلعها , ولا المريضة البين مرضها , ولا الكسير التي لا تنقي --- أي التي لانقي لها أي لامخ لها في عظامها من شدة الضعف --- ولا بمقطوعة الأذن ولا بمقابلة وهي الشاة التي قطعت أذنها من قدام وتركت معلقة , ولا مدابرة التي قطعت مؤخر أذنها وتركت معلقة , ولا شرقاء وهي المشقوقة الأذن طولا , وقيد بعض أهل العلم اذا كان القطع أكثر من النصف واذا كان أقل من النصف ففيه الكراهة
ودل على هذا جملة من النصوص النبوية نسوقها لكم
الأول : عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء بين عورها , والمريضة بين مرضها , والعرجاء بين ظلعها , والكسيرة التي لا تنقي .
قال الراوي عن البراء قلت للبراء فاني أكره أن يكون في السن نقص , قال : ما كرهت فدعه , ولا تحرمه على أحد . رواه ابوداود واحمد وغيرهما وهو في صحيح سنن أبي داود
الثاني : عن علي رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأغضب الأذن . قال سعيد بن المسيب : الأغضب النصف وأكثر من ذالك . رواه أبودود واحمد وهو صحيح كما في الارواء
ومعنى أغضب الاذن مشقوق الاذن
الثالث : عن علي رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستشرف العين ولاأذن , وان لا نضحي بعوراء ولا بمقابلة ولا مدابرة و لا شرقاء ولاخرقاء . رواه أبوداود واحمد وهو يبلغ الحسن كما في الرواء
ومر ذكر معاني ألفاظ الحديث الشريف
2 ـــ و لا يضحي المسلم بالجلالة , وهي : الدابة التي تتغذى بالنجاسة , فاذا كانت كذالك فلا يذبحها حتى يعلفها علفا طيبا طاهرا , يتغير بها لحمها , ويصير طاهرا , وتختلف المدة من دابة إلى أخرى .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها . رواه ابوداود وأحمد وصحيح كما في الارواء
وفي رواية : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلاٌلة في الإبل : أن يركب عليها , أو يشرب من ألبانها . رواه أبو داود واحمد وهو في صحيح ابي داود
3 ــــ و أما مكسورة القرن فيجوز التضحية بها .
فعن حجية بن عدي قال: كنا عند علي رضي الله عنه فأتاه رجل , فقال البقرة ؟ فقال عن سبعة , فقال القرن ؟ وفي رواية مكسورة القرن ؟ قال لا يضرك ,
قال العرج ؟ قال : إذا بلغت المنسك أمرنا الله أن نستشرف العين والأذن . رواه الترمذي وغيره وهو حديث حسن كما في الإرواء
4 ـــ فعلى المسلم أن يستحسن أضحيته صفة ولونا , ولا يضحى بالتي فيها العيوب السابقة , لأنها قربة , فلا يتقرب إلى الله بما ليس بحسن , قال الله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد . البقرة
ومعنى الآية لا تقصدوا الخبيث الرذيل من أموالكم للتصدق به , وأنتم لو أعطيتموه ما أخذتموه .
وقال الله لن ينال الله لحموها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم .
فالله يريد منا القربى وذكره عند التضحية
5 ـــ ويجوز التضحية بالحامل فان خرج الجنين ميتا بعد ذكاة أمه , جاز أكله بدون ذبح لحديث ذكاة الجنين ذكاة أمه رواه ابو داود ومالك واحمد وغيرهم
وأما إذا خرج الجنين حيا , فلابد من ذبحه لمن أراد أكله
6 ـــ وتجزء الشاة عن أهل البيت الواحد ولو كانوا مئة لحديث أيوب الانصاري رضي الله عنه قال كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس بعد فصارت مباهاة . رواه مالك والترمذي وابن ماجة وهو في صحيح الترمذي للشيخ الاباني
ولايجوز الاشتراك في الشاة من أهل بيتين كأخ واخوه كل واحد له بيت أو إبن يسكن لوحده فيذهب عند أبيه فهذا لاتجزءهم شاة واحدة لانه لا اشتراك في الشاة فواضح مضحي والاخر غير مضحي لقوله على كل أهل بيت أضحية
وإنما يكون الاشتراك في الابل والبقر لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة , والبعير وعن عشرة . رواه احمد وهو في صحيح الترمذي
فيعلم من الحديث أن الجمل يجزء عن عشرة والبقرة عن سبعة
تنبيه : ويعفى عن يسير العيوب من العيوب السابقة لقوله في الحديث بين أي الظاهر الواضح ويلحق بها ما هو أشد من هذه العيوب
وإما مكسورة القرن والكسر يدمي شديدا ولم تبرأ فهي تلتحق بالمريضة البين مرضها و أما إذا تعافت فهي جائزة ولا يضر كسر القرن لأنه ليس من العيوب
وكذالك من ذكر الطبيب البيطري أن بها مرض له أثر على اللحم فهذه لا تجوز كذالك لان آكلها ملق بنفسه للتهلكة وكذالك بائعها لأنه غاش للمسلمين
وهنا مسائل
الأولى : من اشترى وعين الأضحية وهي سليمة من العيوب وتركها عند صاحب الغنم ا واتى بها إلى البيت فسقطت أو ضربتها أختها فعورتها أو كسرت لها قدم
أجاب العلماء أن هذا لا يضر وهي أضحية جائزة لأنه اختارها وهي سليمة والعيب طارئ فلاحكم له يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
الثانية : شراء الشاة بالميزان أن توضع الشاة فوق الميزان و هي حية وتباع بهذه الصفة
أجابه اللجنة الدائمة وغيرهم من الشيوخ أن هذا البيع جائز بل هو الأفضل لأنه ليس فيه غرر ولا ضرر لا على البائع ولا على المشتري لأن بعض المشترين ليس له معرفة بالغنم فيشتري فقط الصوف فبالوزن لا يكون هذا
إعانة الحاكم للناس بإهداء الأضاحي للفقراء
على الإمام أي حاكم البلد أن يفرق الضحايا على من لايقدر عليها من بيت مال المسلمين والمداخيل العامة الغير محرمة
لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا .... رواه البخاري ومسلم
تحريم أخذ الأظفار والشعر والبشر حتى يضحي
ويجب على من كان له ذبح أن لايأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا إذا دخل شهر ذي الحجة حتى يضحي .
فعن أم سلمة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له ذبح يذبحه فاذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي رواه مسلم وابوداود والترمذي والنسائي .
ولقد مر عبد الله ابن عمر على إمرة تحلق شعر صبيها في العشر فنهاها لنهي النبي عن ذالك وهو في المسند * إن لم تخني الذاكرة *
فمذهب بن عمر انه حتى المضحى عنه لا يأخذ من شعره ولا أظفاره ولا من جلده شيئا حتى يضحي
وقت الأضحية : لا يضحى إلا يوم العيد وهو اليوم العاشر من ذي الحجة بعد صلاة الإمام لصلاة العيد وذبحه ومن ذبح قبل صلاة الإمام فأضحيته باطلة وليعد أضحية أخرى
لحديث جابر رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فتقدم رجال فنحروا فظنوا ان النبي صلى الله عليه وسلم نحر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان قد نحر قبله , ان يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم
ويمتد وقتها إلى آخر أيام التشريق فأيام الذبح أربعة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لقوله صلى الله عليه وسلم كل أيام التشريق ذبح . علقه البخاري ووصله ابوداود ويجوز الذبح في الليل والنهار م هذه الايام
التضحية
يستحب مباشرة التضحية
لفعله صلى الله عليه وسلم فهو الذي باشر بيده أضحيته فقد ضحى بكبشين ووضع رجله على صفاحهما وسمى وكبر متفق عليه ويجوز له ان ينيب غيره
ولكن المنيب يذكر من انابه أهله عند الذبح مع التسمية والتكبير
ولا يجوز إستنابة تارك الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا و يبنكم الصلاة فمن تركها فقد كفر ويكره استنابه يهودي والنصراني واظهر انها لا تصح لأنها قربة وهو قول الإمام مالك رحمه الله
ويجوز للمرأة المسلمة أن تذبح بيدها وكانت النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يذبحن الشاة
من آداب الذبح
الاحسان فيختار الآلة الحادة وان تخفى عن الأضحية وان تساق للمذبح سوقا حسنا وان لا تذبح مع أخواتها أو أمامها
وان يستقل بها القبلة ويضجعها على جنبها الأيسر ويضع قده على جنبها الأيمن ليكون أسهل في أخذ السكين باليمين ويمسك رأسها بيده اليسرى
وهذا فعله صلى الله عليه وسلم انه كان يوجه الشاة وكان ابن عمر رضي الله عنه يكره إن يأكل ذبيحة ذبحت لغير القبلة وهي كراهة تنزه لا تحريم
وعلى المسلم أن يذكر الله عند الذبح أو النحر
فيقول بســـم الله والله أكبر اللهم إن هذا منك و لك اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم الخليلك
وهي واجبة أي التسمية
ويكره أن يباشر سلخها حتى تسكن وتزهق روحها لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الذكاة في الحلق و اللبة لمن قدر , ولا تعجلوا الأنفس حتى تزهق رواه مسلم
فلا يجوز أن يكون ثمن الجزار من الشاة ولا يجوز بيع شيء منها
وما وزع منها هدية للأقارب و الإخوان و صدقاة يجدها المؤمن يوم القيامة
كما قال صلى الله عليه وسلم بقي كلها ولم يذهب منها إلا الكتف أو كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف المشهور
وتجعل ثلاثة أثلاث ثلث هدايا وثلث صدقات وثلث للعيال
والحمد لله أولا وأخرا هذا مايسر الله لي اختصاره وجمعه هذه الليلة
سائلا الله عز وجل أن ينعم علي وعلى إخواني بالاستقامة وحلاوة طاعته والثبات على ذالك
كتبه أخوكم بدري أبو عاصم على عجل فما كان من خطأ فالعذر عند الكرام مقبول .
و مرحبا بالتنبيهات والتوجيهات والفوائد والمداخلات
المفضلات