بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام عـلى عـبده الذي اصطـفى ، وعـلى آله وصحبه ومن سار عـلى نهجهم واقتفى ، وبعـد :
أحييكم بأزكى تحية عُرفت على مر الزمان / السلام عـليكم ورحمة الله وبركاته :
هنا سأباشركم بإذن الله بتصحيح الكثير من أخطاء اللغة التي أراها ، لئلا أطيل أكثر فإليكم أولها :
التحدث وقول ( أعـتـقـد ) في كثير من الأمور مع أن أصل كلمة ( الاعـتقاد ) هو الجزم والتوكيد ...
فإن كنتم ممن يدرس عـلم العـقيدة فستدركون ذلك بلا أدنى شك ، والسبب في أن مسمى ( العـقيدة ) هو الجزم التام ، ولا يتطرق الشك إليها بأي شكلٍ من الأشكال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن كان كلامي مبهماً فإليكم التوضيح :
تعـريف العـقيدة :
العـقيدة في اللغة : من العَـقْـد : وهو الرَّبطُ ، والإبرامُ ، والإحكامُ ، والتَّوثُّقُ ، والشَّدُّ بقـوة ، والتماسُك ، والمُراصَّةُ ، والإثباتُ ؛ ومنه اليقين والجزم.
والعـقد نقيض الحل ، ويقال : عـقده يعـقده عـقداً ، ومنه عـقدة اليمين والنكاح ، قال الله تبارك وتعـالى: {{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْـوِ فِي أيْمانِكُمْ ولَكِنْ يُؤَاخذُكُمْ بِما عَـقَّـدْتُّمُ الأيْمَانَ }.
والعـقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معـتقده . والعـقيدة في الدين : ما يُقْصَدُ به الاعـتقاد دون العـمل ؛ كعـقيدة وجود الله وبعـث الرسل ، والجمع : عـقائد . وخلاصته : ما عـقد الإنسانُ عليه قلبه جازماً به ؛ فهو عقيدة ، سواءً ؛ كان حقاً ، أو باطلاً.
وفي الاصطلاح : هي الأمور التي يجب أن يُصَدَّقَ بها القلب ، وتطمئن إليها النفس ؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب ، ولا يخالطها شك. وسميت عقيدة ؛ لأن الإنسان يعـقـد عـليها قلبه.
العـقيدة الإسلامية :
هي الإيمان الجازم بالله تعالى ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغـيب ، وأُصول الدين ، وما أجمع عـليه السلف الصالح ، والتسليم التام لله تعالى في الأمر ، والحكم ، والطاعة ، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والعـقيدة الإسلامية : إذا أُطلقت ؛ فهي عـقيدة أهل السنة والجماعة ؛ لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعـباده ، وهي عـقيدة القرون الثلاثة المفضلة ؛ من الصحابة والتابعـين وتابعـيهم بإحسان.
وللعـقيدة الإسلامية أسماء أخرى عـند أهل السنة والجماعة ، ترادفها وتدل عليها ، منها : ( التوحيد ، السنة ، أصول الدين ، الفقه الأكبـر ، الشريعة ، الإيمان ) هذه أشهر إطلاقات أهل السنة على عـلم العـقيدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقد عـلمتم تواً بأن الاعـتقاد من العـقيدة ؛ والعـقيدة أصلها جزمٌ وتوكيد ، والمغـزى من كل هذا :
هو أن الجميع يستخدم كلمة ( أعـقـد ) في أمور الشك ، ومثال ذلك هذا السؤال وإجابته :
الأول : هـل تظن بأنها ستمطر ؟
الثاني : أعـقـد ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالآن أتى بـ ( أعـتقـد ) وهو غير متأكـد ، ولو كان واثقاً جداً لقال : نعـم ستمطر حتماً. ولو كان واثقاً فقط لقال : نعـم ستمطر.
والناس يضعونها بقـصد الظن دوماً ، مع أن أصلها اللغـوي توكيد عـظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبدلاً من الوقوع في هذا الخطأ الكبير عـليكم باستبدالها وببساطة بـ ( أظن ) لأنها مأخوذةٌ من فعـل الشك ( يظن ) والتي بمعـنى ( يشك ) ، وكلمتي ( الظن ) و ( الشك ) متفرادفتان أي بنفس المعـنى.
إضافة رائعة من الأخ أسامة :
إن كان الظن راجحاً فيصح إطلاق الاعتقاد عليه ؛ لأن الاعتقاد هو عقد القلب على الشيء ، وأصل الاعتقاد الاقتناء والاتخاذ والإحاطة ، ثم أطلق على اعتقاد القلب ؛ لأن القلب كأنه يقتني هذا العلم أو يحويه ..
ويُطلق الظن أيضاً على اليقين كقوله تبارك وتعالى : { الذينَ يَظنُّونَ أنَّهم مُلاقُوا رَبِّهِم } ( البقرة : 46 ).
وكذلك العلم يطلق على اليقين ويطلق على الظن الراجح كقوله تعالى { فإن عَلِمتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فلا تَرجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّار } ( الممتحنة : 10 ) ، وقوله : { فكاتِبُوهُم إنْ عَلِمتُم فِيهم خَيْرا } ( النور : 33 ).
فهذه الألفاظ : ( الاعتقاد ، العلم ، الظن ) متقاربة وبها بعض الترادف.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
المفضلات