سلامٌ من اللهِ عليكُم و رحمتهُ و بركاتُه
.
.
مُقتطفات , هي لا شيءَ سوى أنها مُجردُ مُقتطفات ..
مُقتطفات من حياةِ فتاة عاديةٍ جداً واحدة من ملايين و ملياراتِ البشر ..
واحدة من تلكَ الأجيال الراحلة , واحدة من دورةِ الحياةِ الفانية , تعيشْ ثُمَ تموتْ ..
تسيرُ فوقَ الأرض كبقيةِ البشر فهي في النهاية مُجرد فتاة راحلة ستُنسى مع الأيام ..
تُنسى , كم كرهتْ تلكَ الكلمة , كرهتها بطريقةٍ فظيعة لأنها تمنتْ يوماً لو تذكرها أحد , لو تركتْ بصمة لا تزول بغُبارِ السنين و لا بعفنِ الحياة ..
حياتُها مليئة بطُموحاتٍ فانية و خيالاتٍ حالمة لكنََ صومعةَ الحقيقة دوماً ما كانتْ لها بالمرصاد ..
ترى الحياة كأنها سجنٌ كبيرٌ بلا نوافذ و بلا أبوابٍ و بلا قيودٍ أيضاً ..!
افعل في هذهِ الدُنيا ما تُريد فأنتَ لستَ مُقيداً , افعل ما تشاء إذا لم يكُنْ لكَ دينٌ يحكُمكَ و خالقٌ تخشاهُ و تُراقبهُ في هذا السجنِ الكبير ..
لأكتُبَ ما كنتُ أريدُ كتابتهْ و لتتوقفْ فلسفتي عند هذا السطر ..
" مقرُ أحلاميّ المدرسية "
لستِ سنواتٍ ظللتُ أرتدي زي المرحلةِ الابتدائية الأخضر حتى خلتُ بأنني سأُكفنُ فيه ..
أكبرُ و يزيدُ حجمي و يزيدُ طولي ويتغيرُ شكلي و تتغيرُ مفاهيمي و لا يتغيرُ عقلي و لا يكبُر ..
انتقلتُ إلى أرضٍ جديدةٍ و عالمٍ جديد و مرحلة جديدة , كُلُ شيءٍ تغير , كُلُ شيء ..
مُحيطٌ جديد و زيٌ جديد و هواءٌ جديد , رُبما لم أكُن أتصورُ أبداً بأن أصلَ إلى تلكَ المرحلة فقد حُصرَ تفكيري داخلَ المرحلةِ الابتدائية و باتت مدرستي في مرحلةِ الطُفولة هي مقرُ أحلامي المدرسية في المنامِ حتى الآن ..!
تركتُ تلكَ المرحلة غادرتُها بذاتِ العقل لا شيءَ تغير سوى قلبيّ المُتقلبْ ..
لكنَ عقليّ ظلَ كما هو عقلُ طفلةِ المرحلةِ الابتدائية , و رغمَ أني و لجتُ إلى مرحلةٍ أعلى و أهم إلا أنني أنا لازلتُ حيثُ أنا ..
لا زالتْ أنا حبيسةَ الزوبعة و لازلتُ لا أُحاولُ إخراجها ..
تلكَ الخلايا الرمادية باتتْ تُحبُ كُلَ شيءٍ تراهُ و تألفُه كُلَ شيءٍ إلا كُلَ شيءٍ بهذا الشكل " + _ = % × " ..
رُبما لن أكذبَ إن قُلتُ بأنني لم أحصُل في حياتي على مدارِ عشرِ سنواتْ على الدرجة الكاملة في الحسابْ و إن كانَ ذلكَ قد حدثَ مرة فقد كانَ خطاً من المُعلمة تمَ تصحيحهُ على عجل ..!
أُدرُسِ الحساب ليُصبحَ عقلُكَ رياضياً , لا تحصُرْ نفسكَ في القراءةِ و الكتابة التي لا فائدةَ منها ..
" بدلاً من كتابةِ الخواطر عودْ نفسكَ على كتابةِ المسائلِ الحسابية "
هؤلاءِ من هُنا يُشجعون و من الناحية الأُخرى هؤلاءِ يهدمون ..
الحياةُ ليستْ سوى دراسة و تفوقٍ و نجاح هُناكَ أشياءٌ أفضل و أسمى ..
بطءُ استيعابْ قدرٌ بسيطٌ من الذكاء , كُلُ هذا لا يعني الفشل فليسَ الفشلُ في الدراسةِ هو الفشلُ الأعظمُ في الحياة ..
افشل في دراستك و لكنْ انجح في أُمورٍ أُخرى ففي النهاية الله منحنا عِوضاً عن الفشلِ الدراسي أشياءً أُخرى أجمل ..
و تبقى خلايا مُخي الرمادية تأبى عقدَ صُلحٍ مع الحِساب ..
شجار .. شجار .. سب , شتم .. في كُلِ رُكنٍ من هذا البيت ..
حياةٌ لا تُطاق , حقاً بدأتُ أغبطُ الفِئرانَ على حياتِهم السعيدة ..!
" سأحزمُ أمتعتي و أرحل .."
هذا هو ما يُسمى بانقلابِ الموازين , أن أُكونَ نفسي بنفسي ثُمَ أخطُبُ ابنَ الجيران و أدفعُ المهر و أشتري الشُقة ..
عجبتُ للفكرةُ كثيراً حينَ سمعتُها من أحدِهم يقولُ بأنَ خادمتهُم تجمعُ الراتب لأجلِ اعطاءِ المهرِ لخطيبها ..
أخذتُ أُفكر ماذا لو كانت المرأة هي من تفعلُ هذا ..؟!
لكن ماذا لو لا تُفيدُ شيئاً , تكوينُ المرأةِ اختلفَ عن تكوينِ الرجُل ووظائفُ المرأة تختلف و كُلٌ خلقَ اللهُ لهُ مهمةً في الحياة ..
أنَ هريدي وهو شخصيةٌ صعيدية أتى اليه صديقهُِ فرحاً مُستبشراً يقول :
النهاردة امي قالتلي ان بنت الجيران خطبتني ..
مما دفعَ بهريدي للركضِ في الشارعِ صارخاً كالمجنون :
زمن الشنبات بيودع احنا شوية وهنولد و نرضع ..! "
من منا لا يُخطيْ ومن منا يلتمسُ عُذراً للمُخطيء ..؟!
صرخةٌ هادرة انطلقت من حُنجرةِ مُعلمتي , رفعتُ نظري اليها أرى من المقصود بالكلمةِ السابقة و لهولِ الصدمة لقد كانت أنا ..!!
ما الذي يحدُث , انها المرةُ الأُولى التي يحدُثُ فيها هذا ..
أجوازٌ من الأعينِ تُحيطُ بي من كُلِ حدبٍ و صوبْ , خفضتُ بصريّ خجلاً و ألماً ..
" لا تظُني بأنَ التفوقَ هوَ كُلُ شيء , أنا لدي فارقٌ بينَ الطالبة المُجتهدة التي لا أخلاقَ لها و الطالبةِ البليدةِ المُحترمة .."
ضرباتُ قلبي تزدادُ تسارعٌ و تألُماً ..
مُحاضرةٌ طويلةٌ على أخلاقي الرديئة ألقتها على مسامعي أمام مرأى و مسمعٍ من أربعينَ أو يزيدونَ من البشر ..
انصحني و لا تفضحني فالنصيحةُ على الملأِ فضيحة ..!
ركضتُ خلفها أستفهمُ منها لكنها اكتفت بأن شوحت بكفها في وجهي قائلة :
" اذهبي , لا أُريدُ النظرَ في وجهك "
أتتوقعُ بعدَ هذا أن أُصبحَ أنا كما أنا بعدَ أن أصبحت أخلاقي في الحضيض ..؟!
لا يتوقعُ أحدٌ كم جُرحتُ من النصيحة أقصد الفضيحة حتى أنني لم أجد مكاناً أبكي فيه سوى مرحاضُ المدرسة ..!!
يومين .. ثلاثة أيام .. ثُمَ أرسلتُ لها رسالةَ اعتذار و كم كانَ وقعُها ايجابياً ففي النهاية هُنالكَ أُناسٌ يراعونَ المشاعرَ الأدبية و يتذوقونها بنهم ..
ضربتُ كفاً بكفٍ بتعجُب ثُم زفرتُ في الهواءِ بحرارة , حينَ لم تستمع مُعلمتيّ لإجابتي ..
هذا كانَ سببُ سخطِ مُعلمتي ..!
" تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيـــخ لا أرضى استــماعــه "
مُقتطفاتْ .. مُقتطفاتْ .. حياتُنا كُلُها مُقتطفاتْ ..
و تبقى في النهاية مُجردُ ذِكرى مالحة بمُلوحةِ ماءِ البحر أو حلوة بحلاوةِ فاكهةِ البساتين ..
المفضلات