هذا بوستر دعائيّ لأحد الأفلام الهوليوُودية التي تُعنى بالديناصورات، فهذه الأفلام
صناعة رائجة جدا وتتمتع بشعبية كبيرة. "Jurassic | الجوراسيّ" هو اسم العصر الذي
بلغت فيه الديناصورات ذروتها من التنوّع والإزدهار. ضوء النيزك يخترق ظلمة الليل،
وقد كان ضوؤه يزعج الديناصورات ويؤرّق نومها.
قبل حوالي 65 مليون سنة، قبل وجود البشر بزمن طويل جدّاً، انحرف مذنّب عن مداره حول الشمس
ووقع في جاذبية كوكب الأرض، إصطدم هذا الجُرم بسطح الأرض بشدّة واستقرّ في منطقة تقع حاليا في
خليج المكسيك في قارة أمريكا الوسطى. كانت قوّة الإنفجار الذي نجَم عن هذا التصادم تعادل أكثر من
مليار قنبلة نووية مثل تلك التي تمّ تفجيرها في اليابان إبّان الحرب العالمية الثانية. وكما يعلم الجميع،
أهمّ أثـر لهذه الكارثة هو الإنقراض المفاجئ والشامل لشكل الحياة المهيمن على العالم في ذلك الوقت:
الديناصورات.
فيما يلي سنعرض أهمّ الأدلة التي تدعم النظرية القائلة بأن نهاية الديناصورات كانت بسبب جرم سماويّ
ضرَب الأرض في نهاية العصر الطباشيريّ، وسنقوم بشرح آلية الإنقراض الجماعي الذي اجتاح الأرض
في تلك الحقبة البعيدة. بعبارة أخرى، سنحاول الإجابة عن أسئلة من قبيل: ما هو الدليل على أن
انقراض الديناصورات سببه اصطدام نيزك بالأرض؟ وكيف عرف العلماء مكان الارتطام بالضبط؟
ومن أين أتى هذا النيزك؟ وهل توجد فرضيات أخرى تفسر هذه الظاهرة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وأسئلة أخرى مشابهة، لا بدّ من الإشارة إلى الأمور المهمة التالية:
في الماضي السحيق، كانت توجد كتلة صغرية واحدة (بانجيا) يحيط بها محيط واحد، ولأسباب
جيولوجية بدأت بالتفكّك شيئا فشيئا عل مدار ملايين السنين لتشكل القارات السبعة المعروفة
اليوم. المواقع الأولية لهذه الأخيرة موضحة في الصورة. يقال بأن أوّل الديناصورات على
الإطلاق ظهرت في أمريكا الجنوبية، الأرجنتين تحديداً.
أوّلا: كانت الديناصورات، حرفيا، تعيش في كل أنحاء المعمورة، بما في ذلك القطبين الشمالي
والجنوبي (اللذان لم يكونا متجمدين في عصر الديناصورات). ودليل ذلك هو حقيقة أنه تم العثور
على عظام الديناصورات في جميع أنحناء العالم، وما كان هذا ليكون ممكنا لو كانت الديناصورات
حيوانات محلية (كحيوان الكنغر الذي يعيش في أستراليا فقط). سبب ذلك يكمن في أن الديناصورات
ظهرت لأول مرة قبل 250 مليون سنة عندما كان العالم يتكوّن من قارة واحدة عظيمة، تسمى
"بانجيا"، حيث أن جميع القارات المعروفة اليوم كانت منصهرة ومندمجة لتشكل هذه القارة.
تفككت قارة بانجيا تدريجيا بفعل الزلازل والبراكين والحركة التكتونية (حركة الصفائح القارية)
أو ما يُعرَف اصطلاحا بظاهرة زحزحة القارات لتشكل قارات إفريقيا وأوروبا وأمريكا وغيرها.
أثناء وبعد تفكك القارة العظيمة انفصلت الديناصورات وتباعدت وازدهرت بمعزل عن بعضها البعض
وتنوعت بشكل هائل كما يوضحه سجلها الأحفوري: فهناك الديناصورات العاشبة، اللاحمة، البرمائية،
المجنحة، التي تمشي على قائمتين والتي تمشي على أربع، الصغيرة والعملاقة. في الواقع، تُعتَبَر
الديناصورات من أكثر الحيوانات تنوعا في تاريخ الحياة الأرضية.
صورة تخيّلية تصف الأثر التصادميّ لنيزك يبلغ قطره 10-15 كلم (نفس أبعاد نيزك الديناصورات).
يتحرك النيزك بطاقة عظيمة وزخم هائل بسبب جاذبية الأرض. يتمثل الأثر في تمزق الغلاف الجوي
حَول موقع الارتطام، وانطلاق موجة صدمية وارتفاع كميات كبيرة من الشظايا والغبار والأتربة
التي ستتوسّع وتنتشر حول الكوكب وتغطيه بالكامل، كما سنشرح ذلك لاحقا.
ثانيا: حسب التأريخ بالنشاط الإشعاعي لمستحاثات وأحافير الديناصورات وهياكلها العظمية، فإن هذه
الزواحف المتوحشة قد انقرضت فجأة وفي نفس الوقت (منذ 65 مليون سنة). السؤال الذي يطرح نفسه
هو: ما هي الكارثة الطبيعية التي يمكنها أن تتسبب في اندثار نوع من الكائنات لا يعيش في منطقة
محددة، أو في قارة بعينها، بل يعيش في الكوكب بأسره؟ زلزال؟ بركان؟ وباء؟ لا شكّ في أنّ أبرز
وأقوى مرشح هو التصادم النيزكيّ، كارثة قادمة من "الأعلى"، لا سيّما وأنه من المعروف أن هذه
التصادمات لها آثار تدميرية هائلة لا مثيل لها، والانفجارات الناجمة عنها هي، في أحسن الأحوال،
في مثل قوة انفجارات الأسلحة النووية.
خريطة توضح موقع شبه جزيرة يوكاتان الفاصلة بين خليج المكسيك والبحر الكاريبيّ.
"يوكاتان" هي كلمة مشتقة من لغة شعب المايا (سكان المكسيك الأصليون) وتعني
"ذيل الشيطان"، لهذا السبب يسمّي هذا النيزك بهذا الاسم.
ثالثا: آثار فوّهة النيزك موجودة حاليا في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية. " هنا يبرز سؤالان:
كيف عرفوا بأنها فوهة نيزك من الأساس؟ وكيف عرفوا بأنه هو النيزك المنشود المتسبب في موجة
الإنقراض؟ النيازك عموماً تحتوي على كميات معتبرة من الإريديوم والحديد والنيكل والمعادن الثقيلة.
هذه الأخيرة توجَدُ عادة في أعماق الأرض، وإذا وُجِدَت في فوّهة على سطح الأرض فهذا يعني بأن هذه
الفوهة سببها تصادم نيزكيّ، وهذا بالفعل ما عُثِرَ عليه في فوهة يوكاتان: رواسب من الإريديوم
والحديد على السطح، مما يدلّ بما لا يقبل مجالا للشك بأنها نتيجة تصادم نيزك. عمر هذه الفوهة تمّ
تحديده بتقنية التأريخ بالنشاط الإشعاعي وتقنيات جيولوجية أخرى، فوُجِدَ بأنها قد تشكلت قبل حوالي
65 مليون سنة، نفس وقت انقراض الديناصورات.
قطع من نيزك الديناصورات معروضة في أحد متاحف المكسيك. تحتوي هذه القطع المترسبة
على نسبة عالية من "الإريديوم"، وهو عنصر كيميائي معدني يتواجد في النيازك.
رابعا: ولكن من أين أتى هذا النيزك؟ بعض الفرضيات تقول بأنّ النيزك قدِمَ من حزام الكويكبات
الموجود بين كوكبي المريخ والمشتري. من جهة أخرى، هناك شبه إجماع بأنه كان مذنبا يدور حول
الشمس، حدَث وأن تقاطع مداره مع مدار الأرض واقترب منها حتى وقع في شراك جاذبيتها. وما
يدعم هذا الإدّعاء هو التصادم الذي حدث في تسعينيات القرن الماضي بين أحد المذنبات وكوكب
المشتري (لمزيد من المعلومات هنـا)، أعطى هذا الحدث الكونيّ دليلا قويا على إمكانية حدوث تصادم
كارثي من هذا النوع (مذنب-كوكب)، أو أنه غير مستحيل على الأقل.
تتشكل موجة صدمية عندما يتحرك الهواء بسرعة مساوية أو أكبر من سرعة الصوت،
أي إنها عبارة عن رياح عاتية قوية جدا ذات طاقة مركزة، تظهر لفترة قصيرة ثم تختفي.
ربما لاحظتم في الأفلام بأن الأشخاص يقذفون نحو الخارج إذا كانوا قريبين من انفجار ما،
الذي قذفهم هو الموجة الصدمية الناتجة عن حرارة الانفجار. في الصورة المتحركة أعلاه التي
تعرض انفجار كمية من مادة TNT، تسبّبت الموجة في إثارة الغبار واهتزاز الكاميرا.
+ كلّما كان الانفجار قويا كانت الموجة الصدمية أقوى.
خامساً: ديناصورات أمريكا الوسطى هي أول من واجه الآثار المباشرة لتصادم النيزك وماتت على
الفور نتيجة لذلك. أوّلا وقبل كلّ شيء، تسبّب التصادم في تشكّل موجة تصادمية انطلقت من موقع
الارتطام نحو الخارج في جميع الإتجاهات بسرعة أكبر بكثير من سرعة الصوت، كانت هذه الموجة من
القوة بمكان بحيث أنها اقتلعت الأشجار وبخّرت المياه وفتّت الصخور، والديناصورات التي يزن بعضها
عشرات الأطنان طارت في الهواء والتوَت أعناقها. بعد خمود الموجة كانت الحيوانات بين ميّت
ومحتضر، وامتلأ الجوّ بالخوار وصيحات الألم والفزع، ولكن الديناصورات لم تسمع شيئا من ذلك لأنّ
طبلة آذانها قد تدمرت وأصيبت بالصمم. بعد ذلك مباشرة، انطلق من نفس المركز تسونامي هائل يبلغ
ارتفاعه عشرات الأمتار، الديناصورات التي نجت من الموجة التصادمية غرقت وهلكت بفعل الموجة
المائية. وأخيرا وليس آخراً، تسبّب التصادم أيضا في تدمير وتفكيك قاع البحر وتشكيل عدد لا يحصى
من الشظايا الصخرية الملتهبة التي ارتفعت بسرعة إلى أعالي الغلاف الجوي كردّ فعل على ضغط
الانفجار التصادميّ. عدد كبير من هذه الشظايا خرج من كوكب الأرض إلى الأبد، ومن المرجح أنها
استقرّت على القمر أوعلى أحد الكواكب المجاورة، أو ربما ضاعت في الفضاء ما بين الكواكب.
ما تبَقّى من الشظايا سقط نحو الأسفل بفعل الجاذبية، تماما مثل شهب نارية أو نيازك صغيرة.
الديناصورات الطائرة التي نجت من التسونامي بالتجائها إلى المرتفعات وقمم التلال كانت أوّل ما احترق
بهذه الشظايا، واحترقت من بعدها الديناصورات التي تعيش في الأراضي المنخفضة. ارتفعت درجة
الحرارة ونشبت حرائق عظيمة على نطاق واسع، وتوسعت دائرة الموت بشكل مطّرد، لدرجة أنه لم يبق
أيّ ديناصور حي في مساحة قدرها 100 كيلومتر مربّع من موقع التصادم.
لعلّ أخطر أثر مباشر لتصادم النيزك وأكثره فتكا هو الشظايا المتوهجة التي طارت من موقع
الارتطام ثم سقطت إلى الأرض لكي تحرق الأخضر واليابس.
(الصورة مأخوذة من أحد المسلسلات الأجنبية)
سادساً: الديناصورات التي تقطن القارات الأخرى ، كإفريقيا وآسيا، لم تتأثر بالنيزك بشكل مباشر،
بسبب بعدها عن البؤرة، ولكنها انقرضت هي الأخرى بعد ذلك بوقت قصير نسبيا. فما هوالسبب ؟
أسفر التصادم عن تشكل سحابة هائلة وسميكة جدا من الغبار والرماد غطت الكوكب بأسره! ممّا
تسبب في شتاء عالميّ دام عشرات السنين. خلال هذه المدة، لم يرَ أيّ مخلوق قرص الشمس، واحتجبت
أشعتها بشكل شبه كامل بسبب السحابة، وتحوّلت الأرض إلى عالم مظلم شديد البرودة. انخفضت درجة
الحرارة بشكل حاد ومفاجئ، وبما أن الكثير من أنواع الديناصورات من ذوات الدم البارد فإنها، على
عكس ذوات الدم الحار كالبشر والثدييات، لا تستطيع توليد الدفء والحرارة من داخل أجسامها، بل
تكتسبها من الوسط المحيط بها، وبالتالي فإنها تجمدت وماتت من البرد. بيد أن أكثر ما تضرّر من هذه
الظروف المناخية القاسية هو النباتات، فهذه الأخيرة تحتاج لضوء الشمس بشدة لأداء عملية التركيب
الضوئي المسؤولة عن صنع غذائها، وغياب الضوء تسبب في انحسار وذبول الغطاء النباتي والطحالب،
مما أدّى بدوره إلى مجاعة كبيرة في أوساط الحيوانات العاشبة واللاحمة على السواء (لأن الثانية تقتات
على الأولى). مشكلة أخرى تمخضت عن موت النباتات، ألا وهي نقصان حاد في مستويات الأكسجين،
لأن المصدر الرئيسي لهذا الغاز الحيويّ هو النباتات وهو-الغاز- في الواقع أحد نواتج التركيب
الضوئي، النتيجة المباشرة لهذا النقص هو اختناق الحيوانات بغاز ثاني أكسيد الكربون الذي تراكم في
الجوّ (في الظروف الطبيعية، يتمّ امتصاص هذا الغاز من طرف النباتات، ولكن غيابها تسبب في تكاثره
وتراكمه). كل هذه الأسباب، التي يمكن اعتبارها الآثار غير المباشرة لاصطدام المذنّب، نتج عنها موجة
انقراض عظيمة لم تطل الديناصورات فحسب، بل مجموعات حيوانية ونباتية كثيرة، يقدِّر العلماء بأنّ
ما يقارب الـ 80% من الأنواع الحية قد انقرضت، 185 مليون سنة من الحياة انتهت في بضعة عقود،
واحتاجت بعد ذلك إلى آلاف السنين لكي تتعافى وتزدهر من جديد.
سابعاً: "تطوّر" هو عنوان رواية ملحمية من تأليف كاتب الخيال العلمي البريطانيّ "ستيفن باكستر".
تحكي الرواية عن العصور السحيقة الموغلة في القِدَم لكوكب الأرض والكائنات الحيّة التي كانت
ومازالت تعيش فيه، وكذا تحاول التنبّؤ بمستقبل الإنسان. الفصول الأولى تتناول حادثة انقراض
الديناصورات، وقام الكاتب بوصف هذا الحدث الكارثيّ من وجهة النظر البدائية لهذه الزواحف العملاقة،
وتفاعلها معه وكيفية موتها ومحاولاتها اليائسة للنجاة من الانقراض المحتوم. الوصف قوي جدا لدرجة
أن القارئ يشعر بأنه يعيش هذا الحدث المهيب بالفعل! كل ذلك بأسلوب أدبيّ جميل وغنيّ بالصور
البيانية من استعارات وتشبيهات بليغة.
وفي ما يلي بعض الاقتباسات نقلتها لكم من الرواية:
" إنّ مذنّب 'ذيل الشيطان' قديم قِدَمَ الشمس. نشأ النظام الشمسيّ من سحابة هائلة تدور فيها الصخور
والمواد الطيارة. وبعد أن تعرضت السحابة لصدمة انفجار نجميّ حطّمَتها، سرعان ما اندمجت بفعل
الجاذبية المتبادلة وتحولت إلى مجموعة كويكبات: وهي كتل من الصخور والجليد تسبح بلا هدف في
الظلام كالسمك الأعمى. تصادمت الكويكبات، وعادة ما تتحطّم وتعود موادها مفتّتةً إلى السحابة، غير
أنّ بعضا منها اندمج وكبُرَ أكثر، ونشأت الكواكب من هذا العنف الفوضوي. ضمّت الكواكب الجديدة
كرات صخرية كالأرض والمريخ، جففتها نيران الشمس، وبعيدا عنها تشكّلت عوالم ضبابية ضخمة،
كرات متخمة بالغازات، أخفّ الغازات على الإطلاق: الهيدروجين والهيليوم، وهي الغازات التي
تكوّنت في اللحظات القليلة الأولى لنشأة الكون نفسه."
صورة حقيقية لنواة (رأس) مذنب "هارتلي" وهو يشق طريقه نحو الشمس. الغازات الساخنة
تنبعث بضغط كبير من الصدوع والشقوق وستشكل الذيل الغازيّ الوهاج للمذنب.
"لأوّل مرّة منذ أربعة مليارات عام تلمس الحرارة مذنّب 'ذيل الشيطان' ممّا أدّى إلى ذوبان المنحوتات
الثلجية الهشّة الموجودة على سطحه المشوّه والتي يعود تاريخ تكوينها إلى ما قبل نشأة كوكب الأرض.
بدأت الغازات تغلي داخل الصّدوع في قشرة المذنّب، وسرعان ما تكوّنت حوله سحابة لامعة من الغازات
والغبار يبلغ حجمها حجم القمر، وتسبّبت الرياح الشمسيّة في تدفّق الغاز والغبار خلف نواة المذنّب
المندفع، فتشكّلت أذيال غازيّة يبلغ طولها ملايين الكيلومترات، وكانت هذه الأذيال ضئيلة إلى حدّ بعيد،
ولكنّها عكست ضوء الشمس وبدأت في اللمعان.
ولأوّل مرّة بدأت أعين الديناصورات تميّز المذنّب الذي يقترب، دون أن تتمكّن من الفهم، ودون
أن تدرك بأنّ هذا الوافد الجديد سيطيح بعروشها وسيتسبّب في انقرضاها جميعاً وإلى الأبد."
صورة لهيكل عظمي لواحد من أشهر الديناصورات وأكثرها شعبية: تي ركس (T-Rex)،
وهو ديناصور عملاق ومفترس كان يتربع على قمة السلسة الغذائية. عثر على أوّل هيكل عظمي
لديناصور خلال القرن التاسع عشر في إنجلترا، ثم عثر عليها في جميع أنحناء العالم، بما في ذلك
بعض الدول العربية مثل مصر والمغرب.
"وفي قاع البحيرة الجاف والمتشقّق، تمكّن 'تي ريكس'، ملك الديناصورات المفترسة وأكبرها حجماً،
من الوقوف على قدميه بطريقة ما، ومن حولِه جثث الحيوانات الميّتة، ولم يستطع التنفّس، إذ ضاق
صدره بالهواء الحارّ والكثيف المُحمَّل بالدخان وقطع نباتات السرخس المحترقة، وشعر كأنه يقف في
وسط ضباب أسود، ولم يرَ شيئاً سوى الدخان والغبار والرّماد الذي يدور في دوّامات.
واشتدّت الحرارة الناتجة عن إصطدام النيزك، حتى صارت أشبه بحرارة الفرن، وفاحت رائحة اللّحم
المحترق. شعر الديناصور بألم شديد في يده، فرفعها في فضول، ووجد أن أصابعه تحترق مثل الشموع.
وقد جاء موته في لحظة صدمة مباغتة، ولم يشعر بالأمر: إذ تلفت أعضاؤه الحيوية بفعل الحرارة
بسرعة شديدة عجز معها دماغه البدائيّ عن التوصّل لردّ فعل واعٍ، ثمّ احترقت عضلاته ويبست،
وانقبض ذراعاه وساقاه، وفي الأخير احترق لحمه حتى تساقط وبدأت أسنانه تتهشّم. حدث كلّ ذلك
قبل أن يسقط 'تي ريكس' على الأرض.
وبعد حوالي 65 مليون سنة من انقراضه، سيُقَدّر له أن يخرج من مرقده الأخير على يد مجموعة من
علماء الإحاثة البشريّين ويتم عرض هيكله العظميّ المتفحّم في إحدى قاعات متحف التاريخ الطبيعي
في ولاية تكساس الأمريكيّة."
ثامناً: توجد عدة فرضيات أخرى، مختلفة عن فرضية النيزك (التي هي في الواقع نظرية وليست مجرّد
فرضية بسبب الأدلة العديدة التي تؤيّد صحتها) تفسّر الإبادة الجماعية التي تعرضت لها الديناصورات
في نهاية العصر الطباشيري، لعلّ أغربها وأكثرها رفضاً هي فرضية أنّ حضارة متقدمة غير أرضية
غزت كوكب الأرض، ولسبب غير معروف قامت بالقضاء على الديناصورات بأسلحة دمار شامل!
عُرِض هذا السيناريو في فيلم "المتحوّلون: عصر الانقراض" في عام 2014، كما هو موضّح في هذا المقطع .
يُطلَق على هذه الكائنات الفضائية اسم "الصانعون"، لأنهم هم الذين قاموا بصناعة "المتحوّلين":
الروبوتات القوية ذات الذكاء الصناعيّ الخارق. من أجل صناعة هذه الآلات، فإنهم بحاجة لعنصر كيميائيّ
معدني نادر يدعى "الترانسفورنيوم"، لا يمكن توفيره إلا بطريقة واحدة، ألا وهي حرق وصهر المواد العضوية
لمختلف الكائنات الحية لكي تستحيل إلى سبائك معدنية لهذا العنصر، يتم ذلك باستعمال نوع غريب وغامض من
الأسلحة، كما هو ظاهر في المقطع المرفق، ومن هذا الرماد العضويّ تستخرج مادة معدنية خام شبيهة
بالحمض النووي، يمكن برمجتها لتوليد ذكاء صناعي متقدّم جدا، وبالتالي فهي تعتبر اللبنة الأساسية لأجساد
المتحوّلون. الصانعون قاموا بإبادة الديناصورات بهذه الطريقة بالضبط، هذا يعني بأن موت الديناصورات تمخّض
عنه حياة وولادة المتحوّلون! إن أجسادهم المعدنية هي في الأصل عظام ودماء وأعضاء الديناصورات التي
احترقت فيما مضى. عدد لا يحصى من العوالم تعرّض لمثل هذه لإبادة الجاماعية لأشكال الحياة.
المفضلات