بسم الله الرحمن الرحيم
عندما عشتُ " مثل الجليس الصالح ... "
اعتدت كلما رجعت من الصلاة في المسجد أنه عندما تقع يدي على أنفي بقصد أو بغير قصد ، وأكون قد سلمت على بعض رجالات المسجد - اعتدت أن أشم رائحة عطر من العطور ، أيًّا كانت هذه الرائحة ، المهم أنها حسنة ، فيتبادر إلى ذهني مباشرة حديث الصادق الأمين صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كمثل حامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة " ، فأقول محدثًا نفسي : سبحان الله .. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فأنا بمجرد أن صافحت أحد رجال المسجد أتاني من بعض ما يحمدون عليه ، فكأنما حامل المسك قد حذاني بطيبه ، فما بالك بالمجالسة مع هؤلاء الصحبة الذين - وإن لم يكونوا معصومين من الزلل - لا يصيبك منهم ما يسيئك بإذن الله أو ما يضرك ، فلا تجدهم يحدثونك إلا بما هو يرضي الله تعالى وحري أن يرضيك ، ولا يعاملونك إلا بمنهج الله سبحانه ، فتجد نفسك قد أخذت نصيبًا من " مِسْكِهم " الطيِّب نتيجة لمخالطتهم والحياة معهم ، فتكسب أنت بأمر الله جل جلاله الأجر ويكسبونه معك ، ومن ثم تتحول أنت نفسك إلى حامل مسك تعطر وتطيب محيطك إن شاء الله ، فيسكن إليك العالَمُون ، ويرتاح إليك وإلى وجودك الأقربون والأبعدون .
وتخيل معي وتصور أنك - في الجهة المقابلة - سلمت على أحد نافخي الكير ، فترى أنك أوقعت يدك في رائحة دخان أو عطر نسائي ( !! ) أو ... إلخ ، فما بالك لو أنك خالطته وجالسته ، وتنشقت وملأت نفسك من كيره الخبيث - لا قدر الله - فتجد أنك محاط بثعبان طويل يغذيك ( أو يهلكك ) الجلسةَ تلو الأخرى بالخبائث والمنكرات ، من كلام بذيء ومعاملة لا توافق رضا الله جل وعز وعلا ، وإعانة على عصيان الله تعالى سبحانه ، ومن ثم - والعياذ بالله من ذلك كله - تكون أنت نافخًا للكير الخبيث ، يستاء بمجالستك الأجمعون .
ومن أظهر جلساء الخير - والله أعلم بطوايا النفوس - رجال المسجد الذين جعلوا من بيت الله جل وعلا بيتًا لهم .. فهنيئًا لنا برجال المساجد ..
اللهم اجعلنا من الجلساء الصالحين ، ونعوذ بوجهك أن نكون من جلساء السوء . اللهم إنا نسألك خير الصحبة ، ونعوذ بوجهك من شرها .. يا رحيم ودود .. يا غني يا مغني .. آمين ..
وصلى الله على نبينا وسيدنا ومقتدانا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم ..
-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />-flowers0" class="inlineimg" />
المفضلات