بقلم : as.asmo
الصورة الأولى .. (لحظة خاطفة)
أنا نملة ! رفعت عينى للسماء , وجدتها بعيدة بعيدة , نظرت للأرض وجدتها كبيرة كبيرة,نظرت لنفسى وجـدت نفسى صغيرة صغيرة ,ما أصغرنى , وما أصغر ما أقــوم به. نظرت لمـن حولى صغار,بل لو هبت رياح أو عاصفة لأطارتهم. سألت نفسى , ما ادرانـى وانـا منهم ,لو اطارتنى الرياح أو عاصفة , إلى اين أذهـب,إلي اين مصيرى ,هل أموت هل أضيع وسط اللا شئ ,وأتسائل هل هناك من يتذكرنى !
طالـت دهشتى بتلك الأفكار, هل هناك مـن يعترف بـي رغم صغر حجمى , هل مـن ذكرى لي في هذا العالم , منذ هـذه اللحظة , فكرت وتخيلت , واخذت افكر وأردد , انه ليس شرطاً أن تكون بالشئ الكبير لكي تثبت نفسك , بل ليس شرطاً ان تعامل كترس صغير فى آلة العالم الكبرى , ليس شرطاً ان تكون مجرد ترس لو ضاع , فلا يؤثر أو يفيد,بل بإمكاني أن اثبت مدي أهميتى , أنا مهم,أنا موجود,ومادام أنا أفكر إذا أنا موجود, بعدها بلحظات, سمعت صوت ما,صوت لا يسمعه الا أنا ومن كان يوازينى ,نظرت للخلف وجدت من هم يشبهونى, وجدتهم في حركة ونشاط ومنهم من يحمل الاحجار علي جسده المتهشم ومنهم من ينظف هنا وهناك ,ومنهم من ينقل من مكان لمكان تعجبت,ياله من جسد ياله من منظر عجيب ويا سبحان الله!
لم أحول عيني عن هذا المنظر الذي يمحو كل ما كنت أفكر به, فعلاً , هكذا قلت , يا للعقل ومـا يدور فيه وما يتسعه مـن تخيلات وأفكار وأحلام , نظرت لنفسى وتعجبت من نفسى , لما أنا واقفة , لما أنا هكذا لا أجد ولا أعمل وتفكيرى سيطر علي نفسى بإنـى اللاشئ, بل أنا شئ , أنا أفكر واتعمق بتفكيرى, إذا انا قادرة علي الوجود والإنتاج, وها أنا مرة أخرى أعيد تفكيرى وأخترق عقـلى الكثير والكثير من الأفكار.
صوتاً ما أخترق عقلي,هأنا أسمع صوت ما مرة أخري,نظرت حولي, وجدت المشهد الذي شاهدته سابقاً , وفجأة ! نظرت لهم لتلك الأشياء الصغيرة المتحركة تشبه ذرات السكر وهي تهتز, تلك الأشياء تعمل وتجد , ياله من مشهد , من يشعر بـه ألا تلك الأشياء ,لحظة توقفت عن التفكير وسرعان ما تحرك جسدى ,نحو تلك الأشياء ,وجدت نفسى بينهم أنظر إليهم , كان غريباً أن تطلب مني تلك الأشياء أن احمل معهم بعض الأحجار , كان غريباً حقاً, فأنا شئ بسيط غير مرغوب , وتحرك جسدي فجأة , وها أنا أحمل معهم الأحجار ,واتحرك وأنقل , وجسدى اشتد نشاطاً ,ياللعجب.
ولست أدرى ما دار في فكر تلك الأشياء عنى, هل أنا مهمة لهم لهذه الدرجة,هل أنا قادرة علي شئ , فجأة أستوقفنى جسدي وها نحن وقفنا عند مكان ونقـلنا بعض الأحجار, يالعجبى , ها قد سيطر علي نفسي تفكيرى مرة أخري . ما هذا العقل الباطن , يالـه مـن عقل يستخرج الأشياء ويخترق الأفكار , ها أنا أعترف أني أملك عقل , إذا أنا أعترف أني موجودة , لكن هل هـم يعترفوا بذلك.حولت عيني حتي استطلع ما حولى , وجدتهم جميعاً واقفين, ينظرون لشئ ما, أخذت أفكر ياتري الام ينظرون , إلي ماذا ينتظرون, حولت عينى لما كانوا ينظرون , أخترقت عينى منظر رهيب .
نملة! شئ ما سيقتلها ,بل سيدهسها كلياً وما ادراهم هي مجرد نملة , ليس لها حول ولا قوة , تسائلت هل ستموت هل ستسحق , ما هو مصيرها , وما هو شعورها , أهي خائفة ؟! أهي تحاول الهرب ؟! أستوقفنى شئ ما بداخلى يهتز , جسدي يهتز , لماذا يهتز,
هل أنا خائفة! لماذا انا خائفة !أخترقت بعينى ونظرت للنملة , وجدتها خائفة, ونظرت حولى لأرى ما تلك الاشياء التي معى بفاعلة ,هم مازالوا ينظرون ولكن لاحظت حركة خفيفة ,هم يستعدون لشئ ما , وقلت لنفسى أليست تلك النملة مثلى , لماذا أنا واقفة ,لماذا لا أفعل شئ , ها قد خطفنى تفكيرى مرة أخري من الأحداث , وسرعان ما حركت جسدى نحو النملة وبدأت بالجرى , وأنا أجرى أخذ عقلي يتشاور مع جسدى ,للحظة.
أستمر جسدى في الأندفاع نحو النملة , أثناء الجرى أخذ عقلى يفكر ويتشاور , فجأة صعق عقلى فكرة ما , وأنا أندفع نحو النملة مسكت قطعة حجر ,من الأحجار التى يتناقلها النمل وقمت بقذفها قذفة خفيفة نحو النملة ,ظنتها النملة كأنها أسد يجرى ليفترس فريسته ,لكن بضع لحظات وقبل أن يهبط هذا الشئ الذي كاد أن يدهس النملة ,خطف الحجر النملة وأخذها بعيداً عن هذا الشئ القاتل, وها قد نجت النملة, وبحالة يرثى لها من شدة الفزع , لكن ملامح وجهها تغيرت فور علمها بإنها نجت من مصير علي وشك أن يقتلها,وبعد بضع لحظات وجدت كل من كان حولى يحدقون بى,تعجبت لماذا يحدقون بى هكذا , قال لي أحدهم انتِ أسطورة الزمن.عندما سألته ما المقصد من اسطورة الزمن ,
كان عجيباً شئ مثله يجيبنى ,بأن أسطورة الزمن أنقذت حياة نملة بلحظات كانت على وشك الموت,فهمت حينئذ قصده بأسطورة الزمن.
بعد لحظات وجدت الجميع يهللون وينظرون لي وبسماتهم أخترقت أذنهم, من شدة فرحتهم ,عندها أندهشت , هل أنا مهمة لتلك الدرجة , نعم أنا مهمة , أنا أثبت وجودى ,أرتعش جسدي من شدة سعادتى , وكانت لحظات إلا وعندها أخذت تلك الأشياء تكمل عملها وها أنـا أندفع نحوهم وأحمل معهم وأجد معهم وأخذنا ننقل ونضع ونعمل , تلك الأشياء عَرفت حقاً قيمتها, هي ليست أشياء عادية ,بل هي نمل. نظرت إلي أجسادهم وهي تتحرك وتعمل والنشاط أضاء المكان وضوء شديد أشتعلت معه حرارة الحماس .ها نحن النمل نعمل ونجد , هكذا رددت نحن النمل نفكر ونخرج وننتج , ظهرت أهميتنا هنا .
وأنا أفكر وأنظر لمن حولى ,منهم من ينسج ومنهم من ينقل ومنهم من يضع ويأخذ , ياسبحان الله ما أكثر أعمالنا , وأنا أنظر , التفتت نحو تلك النملة التي كادت أن تدهس وجدتها سعيدة, وأبتسامتها مفروشة علي وجهها , كأن روحها ردت إليها مرة أخرى ,وما هي لحظات حتى أندفعت نحوي تلك النملة , وأخذت تشكرنى ,وتلحدق بى وتصرخ من شدة فرحتها , حينها أبتسمت لها ونور وجهى يشع من كثرة فرحتى , كأن حياتى أنا أيضاً ردت لى , وعرفت فى تلك اللحظة ما هى أهمية وجودنا , نحن نتعاون ونعمل ونفكر , بدوننا لنقص شئ ما من تروس الآلة الكبرى للعالم.
لحظة أستوقفتنى وأنا أرفع قدمي التي كادت أن تسحق عالم بأكمله , رفعت قدمى ببطئ والأندهاش يعلو وجهي , يالى من إنسانة , كدت أدمر عالم بأكمله ,لم أكن أعرف أهميته لولا أخذني عقلى إليهم في عالمهم الصغير ,بل عالمهم الخارق , وعشت معهم أجمل لحظات , لحظات ردت لى أبتسامتى , وحينما أستقرت قدمى بهدوء , وأنا أنظر إلي تلك النملة التي كدت ان أقتلها , وهاهى عادت لنشاطها وعملها رغم ما مرت به من لحظات خاطفة , وظل النمل يعمل ويعمل حتى أخترقت بعينى في عالمهم , إلي أن خطفم عالمهم وأختفوا من أمام عينى , وقهقهت من كثرة خيالاتى وإلي أين أخذني خيالي الواسع عندما نظرت لتلك الأشياء الصغيرة إذا هاقد علمت ما هو عالم النمل, لنطلق عليه عالم الخارقون, وحينها توقفت عن التفكير للحظة , وأبتسمت ورددت ليتنى كنت نملة.
المفضلات