بقلم : محمد الهـاشمي
الحقيقة التي لا خلاف حولها ، أن أمة واحدة في تاريخ البشرية لم تنهض بحق إلا بأناس أعملوا عقولهم
و فكرهم - عبر منكبين على متعهم - و بحثوا و تعقلوا معطيات واقعهم إلى أن تمكنوا من فهمه و الإقتدار عليه ، و غيّروه بعلم و دراية إلى الأفضل .
فعندما تنغمس الناس في أشيائهم ، بعيداً عن الحركة المطلوية لعقولهم ، و يصبحون في منأى عن
الجهد المطلوب لمواجهة منغصات معيشتهم ، نتوقع كل النتائج الوخيمة و التبعات المهلكة .
لفت إنتباهي في حديث للعالم المصري أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء ، خلال لقاء أجرته
معه قناة فضائية عربية بعد حصوله على الجائزة ، شيئان غريبان ، في ذكرهما مؤشرات صريحة و صارخة و دلالة كافية عن واقعنا .
الشيء الأول :
تعجب زويل من أن وطننا العربي على امتداده جغرافياً و تاريخياً و إستطاعته مادياً و فكرياً ، لم يفكر ، أو
يسمح ، أو يرغب بأن يمتلك مؤسسة بحثية علمية واحدة معتبرة تضاهي مؤسسة واحدة من المؤسسات
البحثية في إسرائيل .
الشيء الثاني :
إستغراق مُعد و مقدم البرنامج في سؤال العالم عما فعل بقية الجائزة المالية ، و لماذا زار إسرائيل ؟
و ما برنامجه اليومي ؟ و ما شابه هذه النوعية من الأسئلة ، دون التطرق بجدية إلى جوهر ما يجب أن
يكون عليه البرنامج إعلامياً و هو : كيفية إستثمار عالم بهذا الحجم في مجال تخصصه ، من غير أن ندفعه
دفعاً و قهراً للهرب من السخف و الحماقة و السطحية في التعاطي مع الضرورات الملحة لتغييرنا و تنمية
خصوصيتنا التي تتآكل يوماً بعد يوم ؟
المفضلات